من المسؤول عن تأخير خرائطنا الهيكلية؟!

أهم القضايا التي تواجه المواطنين العرب ومجالسهم البلدية، هي مشكلة مسطحات البناء الضيقة،في بعض الأحيان ورغم الجهود الكبيرة تفشل السلطة بتوسيع مسطحها.هنالك عدة أسباب تحول دون توسيع المسطحات!

من المسؤول عن تأخير خرائطنا الهيكلية؟!

أهم القضايا التي تواجه المواطنين العرب ومجالسهم البلدية، هي مشكلة مسطحات البناء الضيقة،في بعض الأحيان ورغم الجهود الكبيرة تفشل السلطة بتوسيع مسطحها.هنالك عدة أسباب تحول دون توسيع المسطحات!

"فصل المقال" تفتح ملف مسطحات البناء في قرانا ومدننا العربية للإطلاع  ومعرفة ما الذي يدور في هذا الملف،وما هي أهم الأسباب التي تحول دون توسيع مسطحات قرانا ومدننا، فنحن لا نريد أن نقول هي السياسة العليا فقط ثم نغلق أعيننا،بدأنا جولتنا هذه في قرية نحف.

كل من يدخل قرية نحف هذه الأيام سوف يلاحظ أن عملية شق شوارع جديدة تجري على قدم وساق حيث بلغ عدد الشوارع التي شقت حديثا حوالي ثلاثين شارعًا بعرض لا يقل عن ثمانية أمتار للشوارع الداخلية وعرض ستة عشر مترا للشوارع الخارجية،كما أخبرنا محمد مصري مهندس المجلس والذي اطلعنا على حركة العمران خصوصا في الأحياء الجديدة الأمر الذي يعني توسعا في الخريطة الهيكلية للقرية.

جمال فطوم سكرتير المجلس المحلي لنحف: المصادقة على الخرائط تتأخر والواقع على الأرض يتغير...

يحدثنا سكرتير المجلس المحلي والمطلع جيدًا على تطور الخارطة الهيكلية: عندما تأسس المجلس المحلي في نحف عام 1968 ،لم يكن هناك خارطة هيكلية ،كانت منطقة نفوذ حددت من قبل وزارة الداخلية، وفي العام 1969 أعد أحد مكاتب التخطيط خارطة أولى لقرية نحف قدمت للجنة المحلية في عكا، ثم قدمت للجنة اللوائية في الناصرة، وقد تمت المصادقة عليها بعد الإعتراضات التي قدمت في العام 1984 يعني بعد 15 سنة من تقديمها وكانت مساحة المسطح 781 دونم، وهذا يعني أنه صودق عليها بعد وجود تغييرات كثيرة على أرض الواقع، مثل شوارع وأبنية أضيفت قبل الموافقة على الخارطة.

لم يكن هناك مهندس للمجلس بل كانت مكاتب هندسة تعمل مع المجلس المحلي،إذا أخذنا الخارطة وبحثنا فيها فهي لا تفي بالاحتياجات السكانية، في العام 1991 تم حل المجلس المحلي وكان وقتها  المرحوم(أحمد عباس) وقد حُلّ المجلس بسبب المعارضة والمشاكل الداخلية، هكذا تم تعيين لجنة من قبل الداخلية. من العام 1984 إلى 1991 لم يتم إعداد خرائط توسيع إلا بمبادرات فردية، في العام 1992 بدأت اللجنة المعينة في نحف تخطط، وتم إعداد خارطة أضيف  فيها 1200 دونم من  جميع الإتجاهات لما كان قائمًا، الخارطة السابقة كانت781 دونما، ولكن نتيجة الإعتراضات فقد رفضت الخارطة عام 1996 بعد نشرها قبل المصادقة عليها، وقالت اللجنة اللوائية أن أهل نحف لا يريدون الخارطة فتم إلغاؤها، وبعد سنتين أي في عام 1998 تم إعداد خرائط (موضعية) أي لا تشمل كل القرية، بل في نقاط معينة،كي نتفادى تأثير منطقة على أخرى, فقدمت خرائط موضعية في عامي 1998 – 1999،  نتيجة اعتراضات وطلبات اللجنة اللوائية الكثيرة لأسباب منها عدم تخصيص مناطق عامة وخضراء وغيرها.

ويقول جمال فطوم: يوجد تناقض مصالح لدى تقديم الخرائط وهذا سبب تعطليها، هناك متطلبات السكان المحلية في الأرض ذات الملكية الخاصة، من جهة ثانية توجد طلبات عامة مثل الشوارع والأماكن العامة التي ستقتطع من الملكية الخاصة، وهنا يأتي اعتراض صاحب الملكية الخاصة، فهو يريد كل المساحة للبناء كي يعطيها لأولاده، وهنا نرى أن  الملكية الخاصة هي أحد أهم أسباب فشل الخرائط المقدمة، من ناحية ثانية تفتقر السلطات المحلية لتخطيط مستقبلي، المجلس يعتمد على المواطنين كي يبادروا بتقديم خرائط والمواطن يعتمد على المجلس المحلي، والمجلس يعتمد على اللجنة المحلية وفي هذه الحالة على لجنة ( بكعات بيت هكيرم)، بينما تعتمد هذه اللجنة على المجلس.

هذا يعني أن تقصير المجالس مع تقصير اللجان المحلية وموقف المواطن من أرضه وطلبات اللوائية أدى إلى هذا الوضع، كل خارطة تقدم الى اللجنة اللوائية فيها مشاكل كبيرة، فبعد أن يقدم المجلس الخارطة، يقوم المواطن بالبناء في المكان المعد لشارع أو مؤسسة عامة حتى وهو يعرف ذلك ،كي لا يخسر قسمًا من أرضه، المواطن الذي يظن أنه سيخسر بين 25 % الى 40% من أرضه التي يحق للمجلس مصادرتها بدون تعويض  للصالح العام.

اما إذا زادت نسبة المصادرة عن 40% من الأرض فيحق لصاحبها التعويض، ولكن هذا التعويض ضئيل، لأنه يحسب بقيمة الأرض الزراعية،ما يحصل هو أن مواطنا قد يربح الكثير عند إدخال بضع دونمات من أرضه للمسطح بينما يخسر آخر لم تدخل أرضه المسطح.

العقلية العربية تقول إن الشجرة التي زرعها الأجداد نتمسك بها ونحافظ عليها، علمًا أن المطلوب في الخرائط الجديدة هو تجميع القسائم وإعادة تقسيمها، وذلك كي يسهم الجميع بقسم من الملكية الشخصية بنسب متساوية،لم يفهم البعض أن التوحيد والتقسيم يعود في النهاية على الجميع بنفس النسبة والفائدة، جزء من الناس يريد أرضه كما هي وبنفس المكان، علما أن الأرض في نحف مقسّمة طوليا، هكذا قسمها الفلاحون كي تكون قسمة عادلة بنوع الأرض والتربة لأنه قد يتخللها واد أو صخور(فالأرض تفرق بالشبر) .  عموما عرض قطع الأرض قليل وطولها يصل 300 متر، وبدون جمعها وتقسيمها لا يستطع السكان البناء فيها،وخصوصا بعد تقسيمها لشرائح طويلة للورثة، فهي تصبح أقل عرضًا ،ولا يمكن الحصول على أرض مربعة للبناء إلا بتوحيد وتقسيم الأرض. 

يقوم البعض بالبناء بدون ترخيص لأنه لا يريد أن يخسر من أرضه،وخصوصًا أناس لا يملكون أرضًا كافية لكل أبنائهم فهم يريدون البناء على كل المساحة الصغيرة التي يملكونها.

عام 2000  عملنا خارطة تحدد الهدف من كل منطقة، ولكن إذا أخذنا ما خطط قبل 10 سنوات، نجد أنه لم يعد متوافقا، التخطيط حتى 2020 فيه زيادة 2400 وحدة سكن، ولكن أين وبأي أرض!

اللوائية تتعامل مع القرى العربية كأنها موشابيم

المشكلة أنك ممكن أن تأخذ قطعة من غربي القرية فيها أرض كبيرة لعائلة واحدة ولأناس ليسوا بحاجة بينما المحتاج فعلا له قطعة أرض صغيرة من جهة الشرق. من ناحيتها، اللجنة اللوائية تتعامل مع القرى العربية كما تتعامل مع الموشابيم والكيبوتسات،حيث الأرض كلها ملكية دائرة أراضي اسرائيل فما من اعتراض على شارع أو موقع بناء عام، في الملكية الخاصة  قد يستفيد واحد فقط عند توسيع مسطح بينما أناس آخرون بحاجة لا يصلهم المسطح،  قسائم البناء.

قام المجلس المحلي بتوزيع قسائم بناء(30) قسيمة في المرحلة الأولى سنة 1996 لكل شخص مساحة تراوحت بين 500 إلى 700 متر،من أراضي دائرة إسرائيل، بتكلفة 30 ألف شيكل للقسيمة يقوم عليها بناء بمساحة 160 مترًا بدون تطوير، وفي 1998 وزعت(84) قسيمة بمساحة 450 م كل واحدة لعائلتين.

الآن ما تقدمه دائرة أراضي إسرائيل يتم من خلال مزايدات ويجد الناس صعوبة بالدفع لأن القسيمة ستكلف مع تطويرها حوالي 450 ألف شيكل،  وكل قسيمة مقسمة لأربع أو ثلاث عائلات. لدينا الآن ثماني خرائط في مرحلة متقدمة،  كلها خرائط (موضعية-فيي نقاط محددة) تكمل بعضها، قدمت هكذا لتفادي الإعتراضات، وعدم ربط الخارطة لكها بعضها ببعض.

تحتاج الخارطة الى 3 سنوات للعمل والمصادقة عليها، ولكن الآن حسب الوضع الموجود سيكون جيد جدا لو انتهت بخمس سنوات.  ما يحصل الآن أن ما قدم قبل خمس سنوات ليس هو الموجود على الأرض.

البيروقراطية أيضا تعرقل تقدم الخرائط،سياسة اللوائية تقول بأن يحل العرب مشاكلهم بأنفسهم.  عندنا الآن 1500 دونم مسطح تشمل كل شيء الشوارع والأبنية العامة والمناطق الخضراء.  لدينا كثيرون يعانون من أزمة سكن، القسائم لم تحل مشاكل كل المحتاجين خصوصا الآن وبعدما صارت القسائم تباع بالمزاد، فمن معهم المال هم الذين يستيطعون الفوز بها في المزايدة بينما المحتاج يبقى بلا قسيمة.

اللجنة المحلية غير مبادرة..

ويقول فطوم: اللجنة المحلية وفي حالتنا( بكعات بيت هكيرم)يجب أن تكون هي المبادرة لحل مشاكل السكن للمواطنين، ولكن يوجد تقصير فاللجنة هي التي يجب أن تجد حلولا لمشاكل السكن وعليها هي أن تبادر للتخطيط تنتظرمبادرة السلطة المحلية كي تبادر، عمل اللجنة  ليس فقط ترخيص الأبنية بل أن تبادر وتجد حلولا لسكن الناس، المحاكم والمخالفات هي جزء بسيط من عمل اللجنة المحلية، وإلا لماذا لا نذهب إلى اللوائية في الناصرة  مباشرة؟

يتم تمويل الخرائط عن طريقين هما المجلس المحلي واللجنة المحلية، للمجلس حصة مما يدفعه  الناس للجنة المحلية بما في ذلك المخالفات،في الفترة الأخيرة حصل مجلس نحف على مليون شيكل من اللجنة المحلية.  هناك خرائط مجمدة بسبب عدم وجود حل للمجاري وغيرها(حلول أطراف)، فاللوائية لا تصادق على أي خارطة لا يوجد فيها حلول( أطرف)أي للمجاري وأين ستذهب!

خلال جولتنا مع محمد مصري مهندس المجلس لفت انتباهنا كثرة الشوارع التي تشق حاليا في كل أحياء نحف القديمة والجديدة حوالي ثلاثين شارعًا.  يقول محمد مصري مهندس المجلس" الشوارع الداخلية بعرض 8 أمتار والخارجية من 16 – 18 مترا وهذا يستهلك كثيرًا من الأرض وهذا أحد أسباب اعتراض الناس على الخرائط، ولكن المواطنين اعتادوا على عمل اللجنة المعينة، فهي تخطط الشارع وتنفذ، وللأسف لو كان الرئيس ابن البلدة لما نجح بفتح كل هذه الشوارع.  لدينا مضايقات أخرى للمسطح تستهلك الأرض مثل خط القطار الجديد وشارع عكا صفد الذي يتسع على سحاب أراضي القرى المحيطة، كل هذا يأخذ أرضا من الملكيات الخاصة ويعني تقليل مناطق النفوذ ومساحات العمار.

ويقول المهندس محمد مصري: الخارطة الأساسية التني صودق لنحف عليها عام 1984 هي 781 دونما. أضيف إليها. * - عام 1992- أضيفت 350 دونم. * عام 1998-242 دونم. * - 1999 أضيف للخريطة 50 دونم.*- 2001حوالي 40 دونم . * - 2004 -104 دونم. و90 دونم أخرى.

يذكر أن وضع نحف رغم الصعوبات أفضل بكثير من غيرها، ولعل تقديم الخرائط بالطريقة (الموضعية) غير الشاملة نجحت إلى حد بتوسيع المسطح.       

التعليقات