دبورية.. جريمة بشعة وقتلٌ بدمٍ بارد

في الأول من أيلول الماضي، قرّر الجاني ضغط الزناد بقوةٍ على سلاحه، لم يكن يومَها يرى سوى الجريمة، لم يرَ الضحايا، كانَ في ذلك اليوم قد استنفذَ انسانيته، وتركَ لضعفه أن يسيطِر عليه، لم يرَ طفلته وهي تبكي رهبةً منه، ولم يشعُر بالمرارة وابنتاه الصبيتان بعمرِ الورد تسقطان على قارعةِ الطريق كالفراشاتِ كُانتا، قبل أن يخطفهما ملاك الموتِ في صباحٍ صيفيٍ حار، أمام طلاب صفهما، في ساحةِ مدرستهما.

دبورية.. جريمة بشعة وقتلٌ بدمٍ بارد

في الأول من أيلول الماضي، قرّر الجاني ضغط الزناد بقوةٍ على سلاحه، لم يكن يومَها يرى سوى الجريمة، لم يرَ الضحايا، كانَ في ذلك اليوم قد استنفذَ انسانيته، وتركَ لضعفه أن يسيطِر عليه، لم يرَ طفلته وهي تبكي رهبةً منه، ولم يشعُر بالمرارة وابنتاه الصبيتان بعمرِ الورد تسقطان على قارعةِ الطريق كالفراشاتِ كُانتا، قبل أن يخطفهما ملاك الموتِ في صباحٍ صيفيٍ حار، أمام طلاب صفهما، في ساحةِ مدرستهما.

يومَها لم يسمح للإنسان في داخله أن يثنيه عن جريمته، ولم يستطع إبعاد ظنونه التي تسكنه، ثم ترسله إلى حضنِ الجريمةِ فيقتل ضحاياه، ولا يحتمل نفسه المُجرمة، فيُرديها قتيلة.

هكذا، باختصارٍ، كانت نهايةُ عائلةٍ فكّكها قاتلٌ مُنهكٌ بالشكوكِ والحقائق المزيّفة، وتفاصيل صغيرة لا قيمةَ لها، ورواسِب تربوية وفكرية، لم تُعالَج.

جنازة جماعية لضحايا مجزرة دبورية
خلّفت الجريمة التي ارتكبها القاتل خمسُ ضحايا هم: الوالدة زهيرة جيجيني (37 عامًا، طليقة القاتل)، وابنتها لمى (8 سنوات)، وابنتا الزوجة الأولى مادلين (16 عامًا) وأماني نجار (14 عامًا)، وعبد السلام عزايزة (55 عامًا) موظف في بيتِ المسنين، إضافة إلى انتحار مرتكِب الجريمة. وعصر يوم الأحد، يوم وقوع الجريمة، شيّع أهالي دبورية ضحايا المجزرة  من مسجد عمر بن الخطاب إلى مثواهم الأخير، في مقبرة البلدة، بعد الصلاةِ عليهم. وكان قد أعلن الإضراب الشامل في دبورية صباح الاثنين، اليوم الثاني لوقوع الجريمة، حدادًا على أرواح الضحايا، كما قامَ المجلس المحلي بإرسال لجنة مهمتها تهدئة النفوس لمنع الانتقام والأخذ بالثأر، وأعلنت عائلة القاتل أنها تستنكر الجريمة النكراء وتؤكد براءتها من مرتكب الجرائم وتقدّمت بالتعازي لعائلات الضحايا.

الوالدة كوثر يوسف: كان يتتبع خطواتنا!
لم يمنعها حزنها الشديد، ودموعها التي لا زالت تنهمر على وجنتيها وهي تتحدث عن حالها بعد غياب ابنتيها مادلين وأماني: لقد سرقَ زهرتين من بيتي، لن أسامحه، إنه أجرم بحقِ بناته.

وتضيف الوالدة الثكلى، التي قدّر ولطف الله بِها، فلم يعثُر القاتل بشير نجار على ابنته الكبرى، وإلا لكانت هي وابنتها في عِداد الموتى أيضًا.
وبصوتٍ هادئ ونبراتٍ حزينة تتابع: "ليتهُ أخذ عمري وترك بناتي وشأنهن، بيتي اليوم ليسَ بيتًا، وغرفتهما اليومَ يغمرها الحزن والأسى، في كُلِ زاويةٍ أراهما، تضحكان لي، تبتسمان، تدرسان بشغفٍ، مادلين وأماني تنتظران صباحَ يوم غدٍ جديد كي تلتقيان بزميلات الدراسة، كُل ما كانتا تحلمان بِه صارَ اليومَ سرابًا وماضيا مؤلِمًا".

بوجعٍ يخترقُ القلب الذي تسكنه الأحزان المكتومة، تقولُ الوالدة بصوتٍ منخفض: "ربيتُ بناتي الثلاث برمشِ العين، وحرستهن بكُلِ ما تقوى يدايَ على فعله لأحميهن مِن قسوةِ والدهن، لكنني لم أستطع للأسف أن أحمي مادلين وأماني من رصاصاتٍ غادرة، أطلقها والدهما بلا رحمة".

تضيف: "انفصلتُ عنه عام 2005، وفي البداية كان يأتي والدهن ويأخذهن معه إلى بيته، لكنهن رفضن البقاء معه، لأنه كان عنيفًا وغريب الأطوار، ثم انقطعَ بتاتًا عن رؤيتهن، لكنني لم أتصوّر أنّ في قلبه كل هذه القسوةِ والحقد، لم يَكُن يبدو مجرمًا، وحين تزوّج مِن المرحومة زهيرة جيجيني، ظننتُ أنني سأرتاحُ منه للأبد فوزعتُ الحلوى، لكنْ خابَ ظني، وها هو اليوم المؤسِف يأتي فيشاءَ القدرُ أن يخطف مني ابنتيّ.. ماذا جنى؟! وماذا جنينا منه سوى أنه، دمّر حياتي وحياة طليقته الثانية".

تضيف: "مضت سنوات طويلة لم ألتقه فيها، لكنه مؤخرًا صارَ يتردد على الحي، ويمرُ طوال الوقت مِن أمام المخبز الذي أعملُ فيه، كنتُ أراهُ يتتبعُ خطواتي عندما كُنتُ أوصل بناتي إلى مدرستهن، ظننتُ أنه يحنُ لرؤيتهن، لم أكن أدري أنه يخطط لقتلهن، كُنت في قائمته السوداء أنا وبناتي وخطيب ابنتي".

تضيف الوالدة: "مادلين وأماني زهرتان في القرية، عُرفتا بالأخلاق والتفوق العلمي، كُنتُ حريصة طوال الوقت ألا يحتجن لشيءٍ، حتى لو كان الثمن تعبًا وجهدًا مضاعفيْن، وأبدًا لم أكُن أعتقد أنّ النهاية ستكونُ بهذا الحجمِ مِن اللؤم والوحشية، ليتني كُنتُ أستطيع أن أخبأهما عن عينيه، لحفظتهما في أعماقِ قلبي، لقد ارتكب أبشع الجرائم في خمسُ دقائق". وبصمتِ تُنهي الحديث: "لا طعم للحياة اليوم، ما عادَ للعيشِ معنىً بدون بناتي، حزينةٌ أنا على رحيلهما، وحزينة على الوجع الذي أصاب شقيقتهما، على الحزن الكبير الذي يسكن الجميع، فمن يعوضنا عن قسوة الأيام، ورحيلهما؟! مَن هو الصبر على البلوى".

في وداع مادلين
بهذه الكلمات ودّعت رنان يوسف صديقتها مادلين: "يقولون أننا نحن أبناء الجيل الشاب نعيش أجمل مراحل الحياة ، نستيقظ والابتسامة تعلو وجوهنا فنحن ما زلنا زهورًا نستنشق عطر الحياة لكننا في هذا اليوم وللأسف استيقظنا ولم نستنشق عطر الحياة فاجأتنا رائحة لا علاقة لها بذلك العطر الطيب، رائحة الموت، رائحة الدم، حتى أننا لم نستطع تحديد تلك الرائحة فنحن لم نتعود على مثلها، وقد أخبرونا لاحقاً أنها رائحة الموت وقالوا لنا أننا لا بد أن نستنشقها في يوم من الأيام، في هذه اللحظة أجلس مع نفسي لا أعرف ماذا أقول وأفعل، كيف أفسر مشاعري بكلمات، فصديقتي مادلين اعتادت أن تقرأ كلماتي وها أنا الآن أرسل لها هذه الكلمات، مادلين يا زهرة تفتحت على أكمام الوجود.. أنت روح طاهرة، أنت توبة أعقبت ساعة خطيئة، أنت لفظة استغفار رددها لسان تعثّر فتقبل الله وغفر، أنت دمعة ملؤها حرارة وفيضها طهارة، وإلى كل إنسان على وجه الأرض أخبرك أننا قد زففنا عروستنا إلى جنات الخلد والنعيم زفت مع أحلامها، أمالها، صوتها، حركاتها وكل شيء ، لقد حان موعد الرحيل، فإلى اللقاء".

رحيل رسامة أتحفتنا برسوماتها الرائعة
أما زميلتها على مقاعد الدراسة ديما عزايزة فقالت: "لم أتخيل يومًا فراق زميلتي وصديقتي مادلين، وهي إحدى الزهرات الجميلات في المدرسة، ولطالما أتحفتنا برسوماتها الخيالية التي كانت تنم عنها رائحة الأمل، التفاؤل، البسمة والعلم، رسوماتها تنتظرها في كل زاوية في المدرسة، مادلين لم تكن تعرف الكلل، كانت ترسم في جميع أرجاء المدرسة دون شكوٍى أو ملل، لم تعاد أحدًا.. رغم قسوة الحياة عليها، لكن ما باليد حيلة، ونسأل الله أن يتغمد جميع الضحايا فسيح جنانه، على أمل أن نلقاهم في الجنة، إن شاء الله".

وعلمنا أنّ إدارة المدرسة الثانوية في دبورية حيثُ كانت تدرس المرحومتان مادلين وأماني عملتا على التخفيف عن زملاء المرحومتين، مِن خلال وجود أخصائيين نفسيين بمشاركة شيخ القرية روحي يوسف، كما تحدث مدير المدرسة فريد يوسف إلى الطلبة للتخفيف عنهم. والأمرُ نفسه جرى في المدرسة الابتدائية حيثُ كانت تدرسُ الطفلة المرحومة لمى نجار.

كيفية التخفيف عن الأطفال المصابين بالهلع؟!
رافق الأخصائيون النفسيون وموظفو قسم الشؤون الاجتماعية في مجلس دبورية، أطفال الروضات والمدارس، في البلدة، خاصةً زملاء المرحومة الطفلة لمى، الذين أصيبوا بالخوف والهلع، لكنّهم رأوا أنّ هناك حاجة لإعطاء الأطفال فرصة للتعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم، حتى لا يُصابوا بشعور من الخوف يرافقهم طوال الوقت، وقد يرافق الخوف والاكتئاب هؤلاء الأطفال فترة من الوقت، لكنّ مسؤولية المعلمين والأهل بزرع الأمان والاطمئان في نفوس هؤلاء الأطفال، حتى يتخلصوا من عقدة الخوف التي رافقتهم بعد رؤية مشهد القتل.

السيّدة العصامية!
مِن خلال الأحاديث التي دارت عن المرحومين عبد السلام عزايزة وزهيرة جيجيني، فإنّ صفاتٍ إنسانية خلاقة تركاها خلفهما، فقد أحبهما كُل مَن عرفهما في بيت المسنين، فالمرحوم عبد السلام كان طيب القلب، عطوفًا، كريمًا في تعامله وتصرفاته، أما زهيرة فقد كانت سيّدة عصامية، طيبة القلب، تعمل مِن أجل إعالة ابنتها، وقد عملت عدة سنوات في بيت المُسن، قبل أن تتركه بطلب مِن زوجها، لكنها عادت قبل عدة أشهر تطلُب عملاً مِن جديد، بعد انفصالها عن زوجها، وفعلاً وافقنا على عودتها في الأول من أيلول، وبعد ساعة من استلامها لعملها الجديد، ارتكب المجرم فعلته الشنيعة.

النيابة لم تُعاقِب المتهم
في أعقاب وقوع الجريمة، أكدّت الشرطة أنه تمّ المصادقة على تقديم لائحة اتهام ضد بشير نجار قبل عدة أشهر، بعد أن قدمت الطليقة شكوى ضده في الشرطة، ولكن بحسب ادعاء الشرطة قررت النيابة العامة بعد ذلك عدم تطبيق توصياتها. من جهتها أكدت الناطقة بلسان الشرطة لوبا سمري أنّ الطليقة زهيرة تقدمت بشكوى في شهر أيار الماضي، بشبهة مطاردتها وتعقبها، وتمّ معالجة الشكوى وإحالتها إلى الملف لمواصلة بقية الإجراءات ذات الصلة بالنيابة العامة. كما أدينَ القاتل بممارسة العنف العائلي، لكنّ الشرطة والنيابة لم تفعلا شيئًا، ولم تُمنعاه من التمادي في التهديد وارتكاب جريمته التي تمّت بواسطة مسدسٍ غير مرخّص، يُشتبه أنه مسروق.

مجموعة من المسببات تؤدي إلى الجريمة!
الدكتور توفيق قاسم أبو نصرة، أخصائي الأمراض العصبية والنفسية، يشرح أسباب ارتكاب القاتل لجريمة خلّفت خمسُ ضحايا: فيقول: "في حالةِ القتل الذي يسببه الدافع الغريزي، يكون الحديث عن الحيوانات التي تقتُل مِن أجلِ صراع البقاء، بحثًا عن طعامٍ وتكاثر، وعائلة ومساحة جغرافية، كما يفعل الأسد لحماية نسله. أما الإنسان فلا يحتاج للقتلِ من أجلِ ذات الصراع، فالطعام متوفِر، والعيشُ آمِن، وحين يُضطر الانسان إلى القتل فإنّ سببًا آخر يقف وراء فعلته، كالدفاع عن النفس، وعن الكرامة، والأنا العليا، لكن عند الإنسان يُستبدل الدافع الغريزي الحيواني، بالسيطرة على الكائن الذي يرى فيه القوي ضعفًا، كالرجُل حين يرى أن المرأة ضعيفة، وبحاجة إليه، وهناك أسباب أخرى لقتلٍ بشع هو كسب الأموال والتسلّط على الآخرين، ماديًا ومعنويًا. كما تندرج العدوانية بين الأسباب التي تؤدي بالإنسان للجوء الى القتل، وفي هذه الحالة قد يصل الإنسان المُقبل على القتل إلى كتلة من الاحتقان النفسي والجسدي والنفسي وعدم التفهم الذاتي، وعدم القدرة على محاورة الآخرين، الأمر الذي يؤي في النهاية إلى مهاجمة الغير، أو الذات أو الانتحار.

أسباب العدوانية!
مِن بين أسباب العدوانية هي العولمة الموجودة، بكل تطوراتها الهائلة، التي تجعل الانسان لا يتحمل كل هذه التطورات من ناحية نفسية، فهو غير معتاد على التخلي عن عاداته وتقاليده وثقافته، ويصبح هناك فجوة داخلية نفسية هائلة ما بين العادات والتقاليد والمُباح مِن الإفراط في المشروبات الروحية وتعاطي المخدرات والمهدئات التي تؤدي لإضعاف الحواجز النفسية المسموح بها، أما العامل الثاني المُسبب لهذه الفجوة الداخلية النفسية فهي عدم الحصول على دعمٍ عائلي واجتماعي وعدم الإدراك أنّ هذا الشخص يمرُ بأزمة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ورطة عائلية، كما حصل للقاتل في دبورية، الذي طلّق مرتين، وهذا يُشير إلى حالته النفسية، التي تؤدي في العادة إلى الاكتئاب، والمسماة باللغة النفسية (بسيخوباتية)، وهي عبارة عن اضطرابات نفسية وشخصية، بحيثُ قد يقتل القتيل ضحيته ويمشي في جنازته دون أن ترمش له عين، وهذه الشخصية البسيخوباتية لها علامات مسبقة، تعود الى فترة الطفولة، فقد يُصاحب هذه الحالة النفسية الصغار، عندما يخجل هؤلاء الأطفال من الترطيب (التبول اللاإرادي)، فيتحول الضغط النفسي إلى تصرفات مؤذية للحيوانات، وحتى قتلها أو إحراقها، أو إحراق النفايات، وحتى التدخين، أو استعمال الحشيش، إضافة الى الهروب من المدرسة، والتشاجر مع الأطفال أو المعلمين، وحين يكبُر الأطفال، يتحولون إلى مُسيطرين ويشعرون باعتزاز كونهم مِن مجتمعٍ ذكوري (بترويارخالي)، الذي ينظر إلى المرأة ككائن ضعيف، وكشيء في البيت، لا قيمة لها، ولا حاجة لها إلا في تربية الأبناء، ولا يسمحُ لها بالتحدث أو الجدال أو التمرُد، ويكون رده قصاصًا فيزيائيًا، وهكذا يحصل مع الكثير مِن النساء، إذا علمنا أنّ أكثر من ألفي شكوى نسائية قُدمت إلى الشرطة، وفقًا للقانون الصادر عام 91، الذي يُعاقب الرجل الذي يُعنّف المرأة.

يضيف: "الشخص )البسيخوباتي) لا يستطيع السيطرة على غرائزه ومنع عنفه، وهو موجود أيضًا بين النساء وليس فقط الرجال، فهناك أمهات يضربن أولادهن مثلاً، فيتربى الأطفال على العنف، فيضرب الواحد منهم الآخر، وما هذه السلوكيات الا مظاهر سلبية يتمتع بها بعض أبناء مجتمعنا، وهي إشارة على أنّ طفل المُستقبل، سيكبُر وسيُصبح "مشكلجي" وعنيفا ضد زوجته ومجتمعه أيضًا. ويؤكد د. نصرة أنّ هناك عوامل أخرى تتسبب في اندلاع العنف في مجتمعنا، مِن بينها: الإضطرابات النفسية، الانفصام في الشخصية، الهوس، الشك، الظنون، الكرب، القلق، الوسواس القهري. وهذه الحالات تولّد الشكوك في نفسية الزوج أو الزوجة، فقد تشكُ الزوجة بزوجها، فتقلب حياته جحيمًا لا يطاق. وقد يشكُ الزوج بزوجته، فينظر الى تفاصيل تافهة جدًا جدًا، ويبدأ بنسج قصة خيالية، ويعتقد أنها حقيقية وواقعية، وهي ليست كذلك أبدًا، وفي أحيانٍ كثيرة تودي هذه الشكوك بصاحبها الى التهلكة، بسبب الهوس عند الرجل أو المرأة.

ويشير د. توفيق أبو نصرة أنّه يصعُب على الشخص أن يتخلص من شكوكه ولا ينجح بالتخلص من هذا الأمر إلا بالاستعانة بطبيب نفسي أو عامل اجتماعي. وأحيانًا كثيرة لا تنتبه عائلة المريض أنّ الزوج، ابنها يتصرف بشكلٍ يدلُ على أنّ حالته شاذة، وتصرفاته مُريبة، ومُتسرع جدًا، لذا وجب الانتباه والتحذير من التصرفات الخارجية الصعبة والخطيرة.

د. توفيق ابو نصرة: 12.5% من المرضى النفسيين يتوجهون إلى العلاج النفسي
يقول الدكتور أبو نصرة أنّ مجتمعنا العربي لا يتمتع بالثقافة  النفسية، وأنّ نصف أفراد المجتمع يعانون من اضطرابات نفسية، ومظاهر قلق واكتئاب. ويرى أنّ العنف والقتل سببهما اضطرابات الحالة النفسية، "وإذا علمنا أنّ 1800 شخص قاموا بإطلاق الرصاص والشرطة لم تُحرك ساكنًا،وهذا  ليس حالة واحدة من الحالات النفسية، بل هي أكثر من حالة نفسية، والعدوانية واحدة منها، ومع العدوانية تتسع بقعة العنف في مجتمعنا العربي، مع انعكاس في الوضع الاقتصادي والعائلي والاجتماعي في هذه الفترة، إلا أنّ كل ذلك لا يبرر الحق في ممارسة العنف".

كيف نمنع استمرار  الجرائم في مجتمعنا؟!
يقترح د. أبو نصرة عدة حلول بينها:  التفّهم وتقبل الواحد للآخر والتخاطُب بلغة مشتركة والإصغاء لبعضنا البعض.  ويقول: في يومنا هذا هناك ضغوطات كثيرة، واضطهاد مترسخ في داخل العائلة، فأحيانًا كثيرة تُساهم المرأة في إضعاف المجتمع وطمس أخلاقياته، ففي بعض الأحيان تضطهدُ المرأة – المرأة، فقد تعتبر الحماة (والدة الزوج)، ابنها (مش زلمة)، إذا احترمَ طلبات زوجته، هذه الكلمات، من حيثُ ندري أو لا ندري كفيلة بخلق العنف.  كما أنّ الزواج المتبادل مِن أسوأ أنواع الزواج، فإذا كان الشخص سعيدًا مع زوجته، بينما أخته غير سعيدة مع زوجها، فإنّه قد يُفرض عليها أن تنصاع للأوامر دون مناقشات.  

وعلينا كعائلة أن نحترم مسألة الهرمية، الأب والأم والأبناء الكبار ثم الصغار، وفي ذلك تكون التربية الصحيحة واحترام الآخرين.
كما ينصح الدكتور أبو نصرة بالتعامل بهدوء ورصانة مع النساء، دون إقحام الصراخ في التعامل مِن قبل الأمهات أو الآباء، حتى ينشأ جيل جديد أكثر احترامًا وتقديرًا لوالديه ولعمله.

يرى د. أبو نصرة أنّ للعنف أسبابا بيئية، مثل الضغوطات والازدحامات في السكن، والوضع الاقتصادي السيء والبطالة والضوضاء وقضايا اجتماعية أخرى، كما أنّ عاداتٍ وتقاليد مهمّة زالت مِن واقعنا حاليًا، كاحترامِ الكبير للصغير، وعدم الاهتمام بالصرعات الحديثة مثل مسألة العولمة، وحينَ نتحدث عن العادات والتقاليد، أذكُر المشهد الذي أراه لأكثر مِن مرة في المطاعم، إذ يجلس الأصدقاء في حلقةٍ معًا، يطلبون مشروبًا باردًا أو ساخنًا، لكنّ أيًا منهم لا يتحدث إلى الآخر، فكلُ شخصٍ منهم يقوم بتقليب جهاز الآيفون. وكلٌ منهمك برسائله البريدية عبر الـ.اس ام اس. بينما تغيب الأخلاق الإنسانية عن اللقاء، ولم يكذب المثل الذي قال "لاقيني ولا تغديني"، بمعنى أنّ الغذاء النفسي أهم من الغذاء والطعام، وإن اختلفنا فإنّ الرأي العام مختلف، لكن الاختلاف لا يُفقد للودِ قضية.


النائبة حنين زعبي تتوجه إلى وزيرة القضاء والنائب العام للمطالبة بالتحقيق
توجهت النائبة حنين زعبي إلى وزيرة القضاء تسيبي ليفني وإلى النائب العام للمطالبة بالتحقيق في دور الشرطة والنيابة العامة في التعامل مع الشكوى التي قدمتها المرحومة بحق طليقها، قبل فترة قليلة من جرائم القتل المرعبة.

وجاء على لسان قائد منطقة العفولة في الشرطة أن الشرطة قامت بتقديم توصية إلى نيابة منطقة الشمال تتضمن تقديم لائحة اتهام بحق الجاني، بالتالي فإنه لا تتحمل مسؤولية حسب ادعائها، حيث أن المخول والمسؤول هنا النيابة. من ناحيتها، نفت النيابة العامة هذا الادعاء، واعتبرت أن الشرطة أولا قدمت التوصية بإغلاق الملف بحق الجاني، عدا عن كون الشكوى التي قدمتها المرحومة كانت تتعلق بخرق حق الخصوصية للمرحومة.

وليس بالتهديد أو المس بحياته. كما وأضافت النيابة أنها كانت قد حصلت على حكم بسجن القاتل تسعة أشهر قبل عدة أعوام ورفضت تخفيض الحكم. واعتبرت زعبي في رسالتها لوزيرة القضاء أن تبادل التهم بين الجهات الحكومية المختلفة، دليل أضافي على الإهمال والاستهتار والتقصير بحق الضحية، بناءً عليه، نطالب الآن بالتحقيق الجدي في كل ما يتعلق بدور الشرطة وكيفية تعاملها مع شكوى الضحية.

وفي تعقيبها على الموضوع أشارت زعبي إلى أن "هنالك مؤشرات واضحة تدل على أننا بصدد جريمة كان يمكن أن نمنعها، وكل من لا يمنع جريمة وهو يستطيع ذلك، هو شريك بها، ويجب أن يعاقب وأن يعامل كمجرم".


التجمع الوطني الديمقراطي  يشارك في وفد التعزية الذي شكلته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية
شارك وفد من التجمع الوطني الديمقراطي، الإثنين الماضي، في إطار وفد لجنة المتابعة لتقديم العزاء لعائلات ضحايا المجزرة التي ارتكبت الأحد الأسبق (1 أيلول)، في قرية دبورية وراح ضحيتها زوجة القاتل، وثلاثة من بناته،  ومسؤول في بيت المسن، إضافة إلى انتحار الجاني.

وشارك عن التجمع الامين العام للحزب عوض عبد الفتاح والنائبة حنين زعبي .

واعتبر التجمع الوطني الديمقراطي أن مرتكب الجريمة يتحمل المسؤولية عن مقتل الضحايا، ولكن ذلك لا ينفي تقصير الشرطة في التعاطي مع الموضوع، بالذات بعد كم المعلومات والشكاوى التي وصلت الى الشرطة. وأفاد البيان " تصرف النيابة العامة مستهجن، وعلى النيابة أن تقرأ الخطر قبل حدوثه، وجميع المعطيات الواردة للنيابة كانت تفيد أن هناك خطرًا يقع على الضحايا، بالتالي على الجهات المسؤولة أن تحقق بعملهما". ويثمن التجمع الوطني الديمقراطي عاليًا تعاطي أهالي الضحايا مع المأساة، والصبر الذي تحلوا به، وهذا موقف يؤكد أن الموضوع لا يتعلق بنزاع عائلي ويتحمل مسؤوليته مرتكب الجريمة لوحده.  من جهة أخرى دعا التجمع الجهات الرسمية بأخذ دور في تهيئة الطلاب في البلدة وكيفية تعاطيهم مع الحدث كونها   صاعقة كبيرة راح ضحيتها أطفال .

من جهته اعتبر الأمين العام للتجمع عوض عبد الفتاح أن العنف يتفاقم لعوامل عديدة أهمها انسداد الأفق والتمييز والتهاون مع السلاح، وإهمال الشكاوى وعملية الإفقار التي تسعى لها الدولة ، ونحن من جهة أخرى  نتحمل مسؤولية في تحدي هذا الواقع  وعلينا أن نسعى بشكل جدي ومنظم من أجل التماسك المجتمعي والذي به ننهض في مجتمعنا . الجريمة قاسية جدا، ومرتكبها هو المسؤول عن جريمته، لكن التقصير الممنهج  الذي تعتمده الدولة هو دعم لهذه الجريمة .

التعليقات