مخططون عرب: التخطيط الهيكلي في حيفا يكرس اقصاء العرب

سويطات: يجب الاعتراف اولا بالغبن التاريخي والهوية التاريخية لمدينة حيفا * يعمل جهاز التخطيط البلدي في حيفا على طمس المعالم الفلسطينية التاريخية، المتمثلة في المباني التاريخية والآثار والأوقاف العربية، من خلال إهمالها وهدمها أو بيعها وتحويلها إلى مراكز فنية وتجارية

مخططون عرب: التخطيط الهيكلي في حيفا يكرس اقصاء العرب

طالما  دأبت  المؤسسة الصهيونية على  استغلال  مدينة  حيفا دعائيا وتسويقها على أنه نموذج "للتعايش العربي اليهودي"وان هناك اجماع على اهمية وضرورة تعزيز العلاقات بين العرب واليهود، إلا انه بالواقع يراد من ذلك تزوير الحقائق حول وجود اهمال وتمييز منهجي صارخ ومستمر كما هو حال سائر العرب في البلاد، واستهداف المواطن العربي الذي سلبت مدينته بكل مكونات الوجود الانساني و التمييز الذي يطال كل مناحي الحياة.

إن مجال التخطيط هو احد اهم المجالات الذي  يستهدف الوجوع العربي في المدينة ، ويتركز المواطنون العرب في عدد من التجمعات السكنية والاحياء بالمدينة و تعاني هذه الاحياء مستوى متندني من الخدمات  وإهمال في والبنى التحتية والتمييز بكل مناحي الحياة، وتتجاوز مشاريع التطوير والتخطيط احتياجات العربي. وبعد الاطلاع على التخطيط الهيكلي الجديد لمدينة حيفا الذي يسمى "حف"2000 تبين ان سياسة التخطيط تتجاهل وجود العربي في هذه المدينة ولا تعتبره موجودا..

وفي حديث لمخطط المدن والمستشار التنظيمي عروة سويطات لعرب 48 قال: يكشف التخطيط الهيكلي الجديد لمدينة حيفا، حف/2000، أنّ سياسة التخطيط في حيفا تتجاهل مشاركتنا والخصوصية الثقافية لمجتمعنا وخصوصية المدينة التاريخية التي تحمل في طيّاتها الحضارة الفلسطينية وموروث معماري وثقافي عربي عريق، فلا يتعامل المخطط مع المجتمع العربي ككيان حيوي ونابض أوصاله ممتدّة في أنحاء وجذور المدينة ولا كمركز ثقافي مديني يخدم 750 ألف عربي في الشمالبل ببساطة يتجاهل تعزيز وجودنا!

 التعامل مع العرب كعبء

وأضاف سويطات تعتبر السلطة السكان العرب عبئاً، فترمي سياسة التخطيط إلى تقييدهم والسيطرة عليهم، فلا تتضمن المخططات الشاملة والخرائط الهيكلية إمكانية تزايد تعداد السكان العرب ولا جذب العرب من خارج حيفا للسكن والعمل، فالمخطط الجديد يتجاهل التاريخ والهوية العربية الفلسطينية لمدينة حيفا وتطورها كحيّز مديني ذي ميراث عربي فلسطيني سياسي وثقافي ومجتمعي.

وتابع سويطات ان السياسة المتبعة في المخطط هي الحفاظ على الوضع القائم في الأحياء العربية ممّا يزيد من حدّة الضائقة السكنية دون تطوير حلول بديلة لائقة ووحدات سكنية جديدة ولا مساحات من الأراضي لتطوير الخدمات والمرافق المجتمعية المطلوبةفنجد في مخططات السلطة أنها ترمي إلى تهميش الأحياء العربية وحصرها، دون تطويرها وترميمها والمحافظة عليها إذ تتعرّض 24.3% من البيوت العربية لخطر الإخلاء.

طمس المعالم الفلسطينية

إذ يعمل جهاز التخطيط البلدي في حيفا على طمس المعالم الفلسطينية التاريخية، المتمثلة في المباني التاريخية والآثار والأوقاف العربية، من خلال إهمالها وهدمها أو بيعها وتحويلها إلى مراكز فنية وتجاريةإذ لا يلائم قانون التخطيط والبناء المطبق في إسرائيل السكان العرب، إذ يرتبط كل موضوع التخطيط في إسرائيل بالأرض، والسلطة غير معنية باستمرار الملكية العربية على الأرض، هذا هو التوجه السياسي السائد.

واكد سويطات لقد تبيّن لي من تحليل مخطط حف/2000 أن لجنة التوجيه للمخطط مكوّنة من 25 شخصًا دون أيّ ممثل عربي، أمّا طاقم المخططين فمكوّن من 28 شخصًا يضم مخططًا عربيًا واحدًا، دون أيّة مشاركة سكّانية حقيقية، فنشر تفاصيل وأهداف المخطط كان باللغة العبرية فقط، بالرغم من أنه بحسب قانون التخطيط والبناء عند التخطيط في مكان تبلغ نسبة السكان العرب فيه أكثر من 10% على المخطط أن ينشر كافة مواده أيضًا في اللغة العربية بشفافية ووضوح!

لا تمثيل للعرب

هل هذه هي الشراكة في المدينة؟ لا يمكن بناء الشراكة بالأقوال والشعارات الرنانة، بل يجب ترجمتها إلى إجراءات وأطر تنظيمية، وبناء مخططات وسياسات لتحقيق العدالة والمساواة وتمكين العرب في المدينة بمسؤولية تاريخية.

 واردف سويطات إنّ تغييب السكان العرب في حيفا وعدم تمثيل تطلعاتهم في التخطيط، يمسّ حقنا التاريخي والمستقبلي في المدينة، فكيف لنا أن نؤثر على مسار حياتنا الاقتصادي، الإسكاني، الاجتماعي والثقافي إذا كان مجتمعنا معزولا عن عملية التخطيط المركزية في المدينة ويتم إقصاؤه عن اتخاذ قرارات أساسية بتقرير مصيرنا؟!

كان على بلدية حيفا أن تشكّل لجان توجيه واسعة لتوجّه المخطط الهيكلي في بداية صياغة أهدافه، مرورًا باختيار البدائل الاجتماعية والاقتصادية والحيّزية للمدينة وحتى التصميم النهائي للمخطط ووضع الطرق والوسائل والميزانيات لتنفيذهكان عليها تمثيل آراء وتطلّعات الناس ومشاركة القوى المجتمعية والأهلية والنساء والشباب العرب في المدينة.

وقال: سويطات القول ما معنى الشراكة عندما يستمر مسلسل الاقصاء والمصادرة والمخططات المعيقة في وادي النسناس والحليصة والهدّامة في وادي الصليب والمحطة ووادي السيّاح؟ما معنى الشراكة عندما نكون خارج دائرة التأثير على مستقبل

الشراكة ليست مناصب هزيلة دون تأثير، الشراكة هي في صنع مستقبل المدينة، في الأفعال ولا في تمثيل المسرحية، لا في تنفيذ القرارات بل بصنعها، لا في استهلاك خدمات المدينة بل في انتاجها.

هذا يتطلّب بناء مخططات وأطر تنظيمية بلدية لتغيير كافة السياسات المميّزة وتحقيق حقوق العرب الجماعية واليومية، الهدف الأول هو تغيير المكان والحيّز العام ليلبّي مصالح واحتياجات العرب، فالمكان يعني الهوية والميراث والمسكن والعمل والتعليم والترفيه والتدعيم الجماهيري والاقتصادي ومنع المخاطر البيئية وتطوير المواصلات وترميم البنى التحتية ومضاعفة المناطق المفتوحة، لأن تغيير المكان يصنع الفرص المستقبلية.

وخلص سويطات بالقول الشراكة هي أولا الاعتراف في الغبن والتمييز التاريخي والالتزام بمحو آثاره، الاعتراف بالهوية الفلسطينية العربية الأصيلة لمدينة حيفا، الشراكة هي تمكين حقنا في المكان وفي بلدنا وتغيير السياسات لسدّ الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحادّة وترسيخ المساواة في الفرص والتوزيع العادل والشفاف للموارد، وتعزيز القدرات وخلق فرص جديدة.

 

التعليقات