فاجعة الرامة: حرب الشوارع تحصد مزيدا من الشباب العرب

في أعقاب مصرع ريدان عباس (27 عاما) وهيثم عباس (32 عاما) وجليل فارس (35 عاما) من قرية الرامة في حادث طرق مروع وقع، الليلة الماضية، على شارع بيت جن- البقيعة، لفت الانتباه مرة أخرى حول ارتفاع الارتفاع المقلق بعدد ضحايا حرب الشوارع

فاجعة الرامة: حرب الشوارع تحصد مزيدا من الشباب العرب

ريدان عباس، هيثم عباس، جليل فارس

في أعقاب مصرع ريدان عباس (27 عاما) وهيثم عباس (32 عاما) وجليل فارس (35 عاما) من قرية الرامة في حادث طرق مروع وقع، الليلة الماضية، على شارع بيت جن- البقيعة، لفت الانتباه مرة أخرى حول ارتفاع الارتفاع المقلق بعدد ضحايا حرب الشوارع في المجتمع العربي، ليتجاوز 90 ضحية من المواطنين العرب منذ بداية العام 2015 حسب معطيات 'سلطة الأمان على الطرق'.

ويطرح السؤال مجددا حول الأسباب، فيما يؤكد المختصون أن  الغالبية الساحقة من حوادث الطرق تنتج بفعل خطأ بشري، بينما يرى البعض أن هناك عدة أسباب أخرى تتعلق بمشاكل الحياة والفراغ لدى أبناء الشبيبة وسوء البنى التحتية.

العائلة تنفي بتأثر بالغ ما نسب للمرحومين

وقال شقيق المرحومين، سليمان عباس، لـ'عرب 48' إننا 'لا نعرف حتى الآن أسباب الحادث وحيثياته، لكن أطالب الجميع أن يتوخى الدقة والمصداقية وألا تتبنى وسائل الإعلام رواية الشرطة والربط بين المرحومين وبين سرقة وحرق مطعم في قرية البقيعة لأنه لا سوابق جنائية للمرحومين'.

وتحدث والد المرحومين عباس بتأثر بالغ، قائلا 'أتوجه لوسائل الإعلام والمعزين والمشايخ مؤكدا للجميع أنه لا صحة لما ورد على لسان الشرطة حول حيثيات الحادث وارتكاب مخالفات جنائية'.

وأضاف أن 'أهالي البلدة عرفوا المرحومين جيدا، ونحن بدورنا توجهنا للشرطة وطالبنا عدم الاستعجال بالأمر قبل استكمال التحقيق، وأتمنى على وسائل الإعلام التي سارعت بالنشر أن تتوخى الدقة والحذر لأن ما قالته الشرطة تسبب لنا بأضرار إنسانية وأخلاقية بالغة'.

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة

وحول أسباب ازدياد الحوادث، قال قريب عائلة ضحايا الحادث الدامي، المحامي شفيق مرعي، لـ'عرب 48' إن 'الأسباب لازدياد عدد الحوادث القاتلة متعددة، وأعتقد أن أهمها أسباب تربوية وسلوكية سواء كانت هذه التربية في البيت أو في المدرسة والشارع حيث بات معروفا أن ثقافة الأمان على الطرق لدى المواطن العربي ضعيفة، وهذا ينعكس عمليا في الشارع بسبب عدم احترام نظام السير والنظام العام والتقيد بقوانين السير وأصول السياقة السليمة، وكذلك فإن المؤسسات الرسمية لا تقوم بما هو مطلوب في تطبيق قوانين السير وتهيئة البنى التحتية، وأعتقد أن هذا السلوك لدى الشباب ليس ناتجا عن خلل وراثي، بل  يتعلق في ظروف الحياة القاسية لدى الشباب العربي الذي يعاني البطالة ومشكلة السكن والفراغ القاتل وفقدان الأمل لديهم ما يتسبب بضغوط نفسية وشعور بالإحباط، وتتحول السياقة والسيارة بأيدي الكثيرين إلى أداة تنفيس لهذه الضغوطات والإحباطات بدلا لأن تكون وسيلة لراحة الإنسان والتنقل للعمل وخدماتنا الضرورية'.

واعتبر سليمان بدر، وهو صديق العائلة، أن 'عوامل الإحباط لدى أبناء الشبيبة يتزايد يوما بعد يوم في بلاد مشحونة الأمر الذي قد يتسبب بضغوطات كبيرة ومن نتائجها ازدياد حوادث الطرق'.

وأضاف أن 'هناك عدة أسباب مباشرة لكل حادث وقد تكون السرعة هي أكثرها وقد يكون أيضا تناول الكحول أثناء السياقة أو عدم التقيد بقوانين السير وخاصة في شوارع صعبة وخطيرة، لكن أعتقد أن هذا الأمر يجب أن يعالج جذريا، والأسباب غير المباشرة هي أننا نعيش في بلاد وأوضاع غير مستقرة والعنف فيها يتزايد وهذا لا يقتصر فقط على حوادث الطرق بل على العنف والجريمة والوضع السياسي المتردي أيضا. المطلوب ليس فقط الوعظ بل وضع خطط من الحكومة والسلطات المحلية وكل المعنيين لعلاج حالات الإحباط لدى أبناء الشبيبة واعادة الأمل بحياة مستقرة وآمنة اقتصاديا من خلال محاربة البطالة والفقر وتوفير إمكانيات السكن الإنساني لهم بالإضافة إلى مواصلة العملية التربوية'.

ساحة حرب

وقال مهندس مجلس بيت جن المحلي وقريب العائلة نديم مرعي إن 'سوء البنى التحتية وعدم الاهتمام بصيانة الشوارع خاصة في الجليل الأعلى هو أيضا عامل مهم جدا في التسبب بحوادث الطرق في هذه المنطقة إلى جانب بعض الأسباب الأخرى لأن هذه الشوارع ضيقة جدا ومتعرجة وغالبيتها شوارع جبلية ومنحدرات، والمطلوب إعادة صيانتها وإقامة حواجز حديدية أو إسمنتية على جانبي هذه الشوارع، وعلى سبيل المثال فإن الشارع الذي يربط بين الرامة والبقيعة خطير وضيق جدا وأعداد كبيرة من المركبات تسير على هذا الشارع نحو معلوت وترشيحا'.

وأضاف 'لا أسقط الأسباب الأخرى المتعلقة بالسائق نفسه وإمكانية التقيد الصارم بقوانين السير، كذلك يجب على السلطات والدوائر المختصة أن تضع برنامج للتوعية العامة للسائقين في فترات متقاربة لحثهم المحافظة على نظم وقوانين السير لأن الشوارع أصبحت أشبه بساحة حرب تحصد كل عام عشرات الضحايا ناهيك عن المصابين والإعاقات المتزايدة'.

تشييع ضحايا الحادث

وشيعت جماهير غفيرة من الرامة والمنطقة، اليوم الإثنين، جثامين المرحومين الثلاثة إلى مثواهم الأخير حيث انطلقت الجنازة من أمام منازل عائلات الضحايا في أجواء حزينة ومؤثرة.

التعليقات