عكا: الميناء يلفظ أنفاسه والضرائب تحاصر الصيادين

أثار قرار إعادة فرض ضريبتي الدخل والقيمة المضافة على الصيادين في عكا القديمة عاصفة من ردود الفعل الغاضبة، وخاصة بين الصيادين الذين حذروا من مغبة تنفيذ هذا القرار الذي يشكل ضربة قاضية لهم وللميناء.

عكا: الميناء يلفظ أنفاسه والضرائب تحاصر الصيادين

ميناء عكا يحن إلى أيام زمان

في ظل أزمة العكيين المستديمة، أثار قرار الوزارات والدوائر الإسرائيلية إعادة فرض ضريبة الدخل والقيمة المضافة على الصيادين في مدينة عكا القديمة عاصفة من ردود الفعل، وخاصة بين الصيادين الذين حذروا من مغبة تنفيذ هذا القرار الذي قد يشكل ضربة قاضية لما تبقى من بقايا الميناء التاريخي وحياة الصيادين العرب.

واعتبر البعض أن هذا القرار اتخذ بهدف الإجهاز على ما تبقى من حراك للصيادين والتوغل في مواصلة تهويد المدينة عبر القضاء على مكونات وجودهم.

وقال الصياد أحمد أبو البصل، لـ'عرب 48' إن 'المتبع في كل دول العالم أن يساعدوا البحرية والصيادين كمواطنين، لأنهم يعملون في أحد المجالات الهامة، والثروة البحرية تعتبر إحدى الثروات الهامة لأي بلد ألا أننا نحن الصيادين العرب في هذه البلاد رغم انتكاسة هذا القطاع وتدميره عمدا، نواجه كل أشكال الملاحقات والتضييقات والتعجيز، والهدف هو تعجيزنا وتيئيسنا لإخلاء الميناء والمدينة من العرب'.

وأضاف أن 'غالبية الصيادين، اليوم، وبعد أن فرضت القيود والتضييقات عليهم يعتاشون على مخصصات 'تكملة الدخل' من مؤسسة التأمين، على أمل أن تحل أزمة الميناء وقطاع الصيد'.

قرار يجهز على ما تبقى من نفس

وقال رئيس نقابة الصيادين، رشيد الهيتي، الذي يعتبر نفسه قطعة ثابتة من المكان ضاربة في وجدان الميناء منذ طفولته، إنه 'رغم حالة التراجع التي يمر بها الميناء وحركة الصيد منذ عام 1982 والتي دفعت الكثيرين لمغادرة مهنة الصيد رغما عنهم، استمر التراجع حيث جرى إغلاق قرابة 80% من مرافق الصيد، والبعض إما أن انضم لصفوف العاطلين عن العمل أو ترك المدينة وانتقل للعيش في إحدى القرى المجاورة'.

وأكد لـ'عرب 48' أنه 'مع كل هذا التراجع المستمر والكارثي تأتي الدوائر والوزارات لتفرض الضرائب التي في حال تم تطبيقها ستجهز علينا بالكامل وتدفع الجميع إلى سوق البطالة، بل وأبعد من ذلك'.

وأشار إلى أنه 'قبل العام 1982 كانوا يسهلون عمل البحرية والصيادين وكان هناك نوع من تطبيق الزراعة المحمية لحد ما والتي يعتبر قطاع الصيد جزء منها. التضييقات تزايدت بعد العام 2000 بسبب عدم خبرة الجيل الذي تولى رئاسة الدوائر المختصة، وبدلا من مساعدتنا تزايدت التضييقات على حركتنا. كان نحو 80%من أهالي عكا يعتاشون من قطاع الصيد، لكن المضايقات والملاحقات وتغريم الصيادين بمخالفات باهظة وانعدام أدنى شروط وأدوات العمل وتنظيم الميناء وإقدام الأمن والوزارات على إغلاق الكثير من المحال دفع إلى حالة من البؤس والفقر في عكا القديمة'.

وقال الصياد أبو فادي أشقر، بأسى بالغ، إنه 'جرى تدمير عكا التاريخ والإنسان وبقي أن  نحارب على بقايا ما تبقى من ميناء تم تدميره بشكل مقصود للإجهاز علينا. فرض الضرائب علينا لن يبقي لنا ما نفعله، ليس في الميناء فحسب بل في عكا كلها، وهذا سيدفع بالبعض مرة أخرى إلى مغادرة المدينة بعد أن يقذف به لسوق البطالة علما أن نسبة كبيرة جدا من سكان عكا يعتاشون على مخصصات البطالة أو ضمان الدخل الهزيلة'.

شواطئ الخليج تحول الساحل لمكب نفايات وتلوث

وحول الأسباب الأخرى لتردي الأوضاع في الميناء، قال رئيس لجنة الصيادين، رشيد الهيتي، إن 'الساحل أصبح مكبا للنفايات والمواد الكيماوية ما أثر إلى حد كبير، على الثروة السمكية، وكل هذا جرى ويجري بعلم وزارة الزراعة وحماية الطبيعة وتم التغاضي والسكوت عليه'.

وأضاف أن 'هذه القضية عرضت بعد توجهنا قبل سنة على وزارة الزراعة، وجهنا لهم الأسئلة فيما إذا كانوا يعرفون أن هناك تلوث فأجابوا أنهم يركزون على استيراد الأسماك من الخارج. واضح أن عملية الاستيراد من الخارج تؤثر، إلى درجة كبيرة، على الصيادين ويشكل ضربة لنا. أذكر أنه قبل نحو 7 سنوات طلت علينا وزارة الزراعة لفرض ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة، وعلى أثرها قمنا بأعمال احتجاجية توجت بمظاهرة كبيرة في الجنوب'ريشون لتسيون' حيث تراجعوا واستجابوا لطلبنا بإلغاء القرار، إلا أنهم قبل فترة وجيزة عادوا ليفرضوا قرارهم مرة أخرى رغم كل الأوضاع المزرية للصيادين وتراجع كمية الصيد إلى أدنى مستوى، ناهيك عن انعدام البنى التحتية في الميناء وعدم وجود مكتب ومخازن ومراحيض ورافعات وغيرها، وحتى المياه معدومة'.

وأكد أنه 'استلمنا استمارات دفع الضرائب بادعاء أنهم حصلوا على القرار من خلال المحكمة دون الرجوع للكنيست وتقديم اقتراح قانون للمصادقة أو عدم المصادقة عليه'.

تقاعد دون مخصصات معيشة

وقال توفيق حلواني، وهو صياد مسن، تقاعد دون مخصصات تقاعد أو أي مصدر معيشة، 'إنني تقاعدت بسبب سني ومرضي دون أي تعويضات. كل يوم أحضر إلى هنا وأشعر بالحسرة على ما أراه من أوضاع مزرية'.

وأضاف أن 'من تبقى من الصيادين يبحرون في رحلة شاقة، من أجل صيد الأسماك وكسب قوت يومهم، إنها رحلة مكلفة، لكنهم يعودون بشباك فارغة على الأغلب أو ببعض الصيد القليل. لأسف يجري استهداف المدن التاريخية وإفراغها من سكانها الأصليين من خلال مضايقات وتضييقات بالسكن وقطع مصادر رزقهم، هذا ما يجري في عكا ويافا وغيرها'.

احتجاجات...

وحول الخطوات الاحتجاجية المنوي اتخاذها، قال الهيتي، لـ'عرب 48'، إننا 'كنا قد قررنا خطوات احتجاجية ومنها مظاهرة قطرية لكل الصيادين، لكننا أرجأنا المظاهرة لغاية يوم الثلاثاء القادم بعد أن تقرر عقد جلسة مع مدير الوزارة. يحزننا حالة الصيادين والميناء، لن نقبل بكل هذه الممارسات لتحقيق أهداف غير معلنة، لن نقبل بهذا التهجير ولن نسمح لأحد المس بحقنا وكرامتنا. نحن صامدون في الميناء وفي مدينتنا وأتوجه إلى نوابنا العرب وكل من يرغب في مساعدتنا بالوقوف إلى جانبنا في عكا ويافا وغيرها... نحن بانتظاركم'.

قنبلة نووية في الساحل!
وقال الصياد مبروك شمسية، لـ'عرب 48'، أن 'ما تم من تلويث في الساحل جراء إلقاء نفايات مصانع خليج حيفا يعادل قنبلة نووية صغيرة، ناهيك الآن عن فرض الضرائب واشتراط منح تراخيص الصيد بدفع الضرائب، وهي مسألة تعجيزية لإفراغ الميناء لأننا غير منتجين. فرض دفع الضرائب يعني إقصائنا من سوق العمل الهزيل'.

اقرأ/ي أيضًا | يافا: ملاحقة الصيادين العرب وصراع البقاء في الميناء

وقال علي أبو الظريف، لـ'عرب 48'، إنه 'لا يفيدنا أن نندب حالنا، علينا وعلى المسؤولين العرب في عكا وكافة الهيئات والمؤسسات القطرية أن تنتفض لإنقاذ الوضع لأن استمرار التضييق والملاحقة وصل إلى حد لا يطاق. أنا ابن الميناء، أبا عن جد، لم أعهد أسوأ من هذا الحال منذ عشرات السنين، أعتقد أنه في حال استمرت هذه المحاولات فإن حالنا سيكون كارثيا كما حال المدينة التي تتعرض للإخلاء والتهجير. الميناء آخر الحلقات في هذا المسلسل الذي سيقذف بنا إلى هامش الهامش'.

التعليقات