المثلث: هل نجحت الشرطة بفك رموز العنف والجريمة؟

يشهد المجتمع العربي في الآونة الأخيرة ارتفاعا حادا في جرائم العنف والقتل، وبالتحديد في منطقة المثلث.

المثلث: هل نجحت الشرطة بفك رموز العنف والجريمة؟

يشهد المجتمع العربي في الآونة الأخيرة ارتفاعا حادا في جرائم العنف والقتل، وبالتحديد في منطقة المثلث.

ويشكو المواطنون العرب انعدام الأمن والأمان، وتنتابهم مشاعر الخوف والقلق، في أعقاب انتشار السلاح واستخدامه في جرائم قتل وقع ضحيتها العديد من أبناء العرب في الداخل خلال الأعوام الأخيرة.

وعلى الرغم من كل النداءات والتوجهات والاحتجاجات والمظاهرات التي طالبت الشرطة والجهات المسؤولة بالقيام بعملها، وعدم التقاعس في محاربة العنف والجريمة، وإعادة الأمن والطمأنينة، إلا أنها لم تحقق شيئا بسبب عدم جديتها، وبقي المجتمع مأزوما والمواطن مهددا، سواء كان في الأفراح أو في الشارع أو في أي مكان عام، بأن تطاله عيارات نارية تسلب روحه وتقضي على حياته.

وتزامنا مع ارتفاع وتيرة العنف والجريمة ومباشرة بعد مقتل الشاب عبد الناصر جبارة في الطيبة، ادعت الشرطة أنها تمكنت من كشف النقاب عن قضية الإيقاع بمشتبه بهم في مخالفات عديدة في تجارة الأسلحة والذخيرة في الطيبة والطيرة، وكانت هذه الحملة قيد التحقيقات السرية، كما زعمت الشرطة، خلال عام من جمع الأدلة واستخدام طرق وأساليب للإيقاع بهم، بعدها باشرت الشرطة بشن حملات واسعة النطاق لجمع السلاح في المجتمع العربي.

وواصلت الشرطة نشر معطيات بهدف إقناع الأهالي الغاضين بسبب تقاعسها في محاربة الجريمة، فقبل أسبوعين ادعت أنها كشفت عن مجموعة عملت في تجارة السلاح في منطقة المثلث وتحديدا في مدينة الطيبة، وقالت إنها اعملت منذ ثمانية أشهر على مراقبة هواتف مشتبهين بالتجارة بالسلاح، وإجراء تسجيلات وتحريات سرية، إلى جانب مداهمة منازل المشتبهين في نفس اليوم، واعتقلت 27 مشتبها به من الطيبة والطيرة، واستمرت حملة الاعتقالات نحو أسبوع، حيث وصل عدد المشتبهين ما يقارب 50 مشتبها به، نسبت لبعضهم شبهة حيازة السلاح وللبعض الآخر التجارة بالسلاح في عدة مراحل. واستندت الشرطة في هذه القضية فقط على تسجيلات صوتية سرية، وفك الرموز من خلال التسجيلات التي كان يعتاد المشتبهون استعمالها بدلاً من أسماء أنواع الأسلحة خلال الحديث بالهواتف الخلوية.

رموز سرية

من خلال التحريات السرية والتسجيلات الصوتية التي كشفتها الشرطة عن استخدام رموز سرية بين المشتبهين، تبين أنهم اعتادوا خلال الصفقات على استخدام رموز سرية لإبعاد الشكوك والشبهات من حولهم، لكن الشرطة زعمت أنها فكت أكثر من 18 رمزا سريا، ووفق ما جاء في جلسات المحكمة، بأن الرموز السرية التمويهية كانت تُستعمل بدل أسماء الأسلحة، مثل، 'أرز-رصاص'، 'بطاطا- رصاص'، 'خزانة- قطعة سلاح'، 'علبة حلاوة- علبة رصاص) والكثير من الرموز مثل 'زيت للسيارات'، 'جارور للخزانة'، 'حذاء' وغيرها.

وبعد فك هذه الرموز، قدمت النيابة العامة تصريح ادعاءٍ عام قبل يومين ضد ثمانية مشتبهين وقاصر اعتقلوا في نفس القضية، وجرى اليوم تقديم لوائح اتهام ضد تسعة متهمين بينهم قاصر ونسبت إليهم تهم 'التجارة بالأسلحة في عدة صفقات، تجارة قطع الأسلحة والذخيرة، التهور وإطلاق النيران تجاه كائن حي محمي في البلاد، وعرقلة عمل شرطي'.

وأثارت هذه القضية ردود فعل غاضبة في صفوف المشبوهين الذين تم اعتقالهم، حيث نفوا ما نسب لهم، وأكد طاقم الدفاع عنهم أنه 'ليس لهم ماضٍ جنائي لا سيما في قضايا سلاح غير مُرخص، والمشتبه المركزي في القضية جرى مراقبة هاتفه لأكثر من ستة أشهر، وبعد أن أوقع آخرين، نسبت له الشرطة 180 تسجيلا لصفقات سلاح في المدينة'.

غياب الأدلة وتضخيم القضية

وقال محامو المشتبه بهم الذين تم اعتقالهم خلال حملة واسعة النطاق ومداهمة منازلهم، إن 'الشرطة استندت في هذه الحملة على آلاف التسجيلات الصوتية، وتحريات سرية على مدار أكثر من ثمانية أشهر، وفك رموز سرية لأربعة أشهر، ومراقبة أكثر من 300 هاتف خلوي، ومداهمات واعتقالات، وتفتيش منازل، ومئات من عناصرها، ولم تعثر إلا على ثلاث قطع سلاح مصنعة يدويا (كارل جوستاف) وذخيرة، والغريب أن 50 مشتبها اعتقلوا وأطلق سراحهم باستثناء 9 أشخاص، ضبط مع أحدهم فقط سلاح، ولم تضبط الشرطة لدى الآخرين رصاصة واحدة'.

ومن جانبه، قال المحامي علاء تلاوي والمحامي نذير برانسي، الموكلين بالدفاع عن بعض المشتبهين في هذه القضية، إن 'عمل الشرطة في هذا الملف غير مجدٍ وغير كافٍ لإدانة من اعتقلتهم، وإنما هو عمل بهدف إرضاء الرأي العام، حيث أن الشرطة كانت تُراقب المشتبهين منذ فترة طويلة، وكانت تعلم استخباراتيا أنهم يعملون في تجارة الأسلحة، حسبما ادعت، في المحكمة، فلماذا لم تعمل في حينه على مداهمة منازلهم وضبط الأسلحة التي كانوا يتاجرون بها؟ لماذا انتظرت حتى نفذ أحد المشتبهين 180 صفقة بحسب ادعاءاتها؟ هل تريد الشرطة بالفعل ضبط السلاح غير المرخص ومكافحته أم أنها تهتم أكثر بنشر لوائح الاتهام والإحصائيات؟ كل هذه الاسئلة سوف نسألها للشرطة بعد التداول في الجلسات بعد تقديم لوائح الاتهام'.

وادعت النيابة العامة ردا على أقوال طاقم الدفاع عن المشتبه بهم، أنها لم تعتقل المشتبهين فورا في حينه لأن 'الادعاءات اعتمدت فقط على تسجيلات صوتية وفك رموز سرية، وهذا احتاج لبعض وقت لتحليلها بعد سماعها. نحن نتحدث عن توثيق مكالمة ما، نعلم أن تحليلها يستغرق أشهر من خلال فك الرموز، ونؤكد أن مراقبة مباشرة للمكالمات لا يعني تحليل الرموز على الفور'.

اقرأ/ي أيضًا| أم الفحم: وقفة احتجاجية على العنف وتفشي الجريمة

التعليقات