يافة الناصرة: حين يغادر الأطفال منازلهم بحثا عن الدفء

يضطر الطفلان لجين وناصر شحادة أن يواجها برد الشتاء كل يوم لمدة 6 ساعات على الأقلّ بسبب انعدام التدفئة، وهما كذلك يضطران للاستحمام بمياهٍ باردة بسبب انقطاع الكهرباء عن منزلهما يوميًا في حي مار يعقوب بيافة الناصرة،

يافة الناصرة: حين يغادر الأطفال منازلهم بحثا عن الدفء

يافة الناصرة، أمس (عرب 48)

يضطر الطفلان لجين وناصر شحادة أن يواجها برد الشتاء كل يوم لمدة 6 ساعات على الأقلّ بسبب انعدام التدفئة، وهما كذلك يضطران للاستحمام بمياهٍ باردة بسبب انقطاع الكهرباء عن منزلهما يوميًا في حي مار يعقوب بيافة الناصرة، وخاصةً في فترة ما بعد الظهر حين عودتهما من المدرسة... لتبدأ معاناتهما القاسية مع البرد القارس.

لجين تبلغ 3 أعوام وشقيقها ناصر رضيع لم يتعدَ 4 أشهر بعد، يعيشان في أزمة بدأت قبل ولادتهما، فحيّ مار يعقوب في يافة الناصرة يعاني من مشكلة انقطاع التيار الكهربائيّ عنه منذ 4 سنوات وخاصةً في فصل الشتاء، ما يزيد من هول المعاناة على الأطفال والنساء خاصة، والأهالي عموما

الانقطاع البارد

شكت والدة الطفلين، عرين شحادة، لـ"عرب 48" معاناتها، فحين تعود إلى منزلها بعد العمل تقطع الكهرباء ما يعني أن غالبية ممارسات الحياة غير طبيعية، وقالت: "لا نستطيع أن نشعل المدافئ كي نحتمي من هذا البرد الشديد، لا نستطيع أن نأكل بدون ضوء، لا نستطيع الاستحمام بدون مياه ساخنة، وحتى ترتيب الغرف يصبح أمرًا صعبًا، فحن نضطر إما إلى النوم في السرير أو الذهاب إلى منزل أهلي إن لم تقطع عنهم الكهرباء".

وتابعت أن "ابنتي البكر لجين اعتادت على انقطاع التيار الكهربائيّ واعتادت أنّنا نذهب عند انقطاعه إلى منزل عائلتي وينتهي النهار مما يعيق أعمالنا الحياتيّة، فالكهرباء جزء أساسيّ اليوم من حياتنا"، معبّرةً بلهجةٍ عاميّة: "كمان شوي بموتوا من السقعة الأولاد الصغار وحتى لو لبسوا كثير أواعي بضل لازم دفاي وأكثر من مرة اتصل بالشركة عشان عالأقل أعرف وينتا رح ترجع، الجواب دائمًا أنّ المشكلة قيد المعالجة".

وقال أحد سكان حي مار يعقوب، عاطف شحادة، لـ"عرب 48"، إن "الإنسان العاديّ حين يعود من عمله الطويل والشاق من حقه أن يدخل الحمام ليستحمّ، لكنني لا أستطيع الاستحمام إلا بتسخين المياه عبر جهاز التسخين الكهربائي، فأيّ حياة تلك التي عادت بنا إلى سنوات غابرة تجعلني حين أدخل إلى المنزل أسأل عائلتي قبل كل شيء عن الكهرباء؟".

وأضاف: "ألقي 99% من المسؤولية على شركة الكهرباء والمجلس المحليّ، طالبنا بحل المشكلة منذ زمن ولي جار طالب كثيرًا وتحدث مع عدة جهات مسؤولة، لكن لا تغيير في القضية، وإن لم تُحلّ المشكلة سنبدأ بتنظيم المظاهرات، لأن التزود بالكهرباء حق أساسيّ".

هل هناك استجابة؟ 

عن التطورات الأخيرة في حل انقطاع التيار، قال الناشط وأحد سكان الحيّ، مهران سمعان، لـ"عرب 48"، إنّ "القضية بدأت منذ 4 سنوات حين بدأت الكهرباء بالانقطاع لمدة 4 إلى 6 ساعات، في البداية لم نأخذ القضية على محمل الجد، ففي الصيف تختفي المشكلة ومن ثم تعود لتظهر في فصل الشتاء. عام بعد عام فقدنا قدرتنا على التحمل، وخاصةً مؤخرًا، فالكهرباء قُطعت من الحي في عيد الميلاد ورأس السنة الميلاديّة لسبع ساعات متواصلة، وهو أمر مبالغ به ولا يمكن احتماله".

وأردف أنّه "توجهنا إلى المجلس المحليّ وشركة الكهرباء، ووقف المجلس البلديّ معنا لحل قضيتنا العادلة وقالوا لنا أنّه تم إيجاد قطعة أرض لنصب عامود أو إقامة غرفة كهرباء بسبب أنّ الأعمدة الحاليّة تتعرض للاحتراق كما حدث قبل أيام بسبب الضغط، وكانت المشكلة عدم وجود قطعة أرض، فالحيّ مكتظ جدًا بالسكان ولا يوجد متسع للبشر".

ولفت سمعان إلى أنّه "بعد التواصل مع وسائل الإعلام لإثارة الموضوع جماهيريًا، طُرحت مشاريع لحلول مبدئيّة تم التوصل لها بالتعاون مع المجلس المحليّ، منها تركيب خزانة كهرباء تضمن إعادة الكهرباء بعد نصف ساعة من انقطاعها، والآن نطالب بحل المشكلة جذريًا وبشكل نهائيّ".

وماذا بعد؟

ومن المتضررات في هذه القضية إحدى سكان حي مار يعقوب، سناء شحادة، التي أكدت "ليس فقط حي مار يعقوب يعاني من انقطاع الكهرباء بل أيضا حيّ البلد الذي عانى من انقطاع التيار الكهربائيّ لمدة 10 سنوات، صحيح أنه ليس لساعات طويلة، لكن هذا أيضا يؤثر على عائلات بأكملها".

وقالت لـ"عرب 48" إننا "بدأ تحركنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وأرسلنا عدّة رسائل موقعة من أهالي الحيّ تشمل 52 شخصًا إلى الجهات المسؤولة لعلّها تتحرك، عُقدت جلسة في المجلس المحليّ وقبل يومين بدأوا بحل أوليّ للقضية، كما علمت".

وأضافت شحادة أنه "اتصلت بشركة الكهرباء، لكنّهم رفضوا أن يفصحوا عن سبب المشكلة، وأعتقد أنّ السبب في ذلك هو الاكتظاظ السكانيّ في يافة الناصرة، فالابن يقطن في منزل والده، وكثير من المواطنين لا يستطيعون البناء بسبب انعدام أراض للبناء".

وفي ختام حديثها شددت شحادة على أنّ "الكهرباء أصبحت أمرا أساسيّا في حياتنا اليوم في ظل هذا التطور الحاصل، فالطلاب يحتاجون الإنترنت والحاسوب لحلّ واجباتهم المدرسيّة أو الجامعيّة، والكهرباء أصبحت اليوم أهمّ من المياه التي يستطيع الإنسان الاستغناء عنها لبعض الوقت أما الكهرباء فلا".

يذكر أنّ شركة الكهرباء تدّعي أنّ الضغط الموجود على الكهرباء سببه عدم النظام في مدّ خطوط الكهرباء وعدم حصول المنازل على ترخيص رقم 4.

 

التعليقات