حصار وتضييق: مدينة الأثرياء تعيق توسع جسر الزرقاء

قد يلخص مشهد طفلة حافية القدمين، تلعب في الشارع الترابي هنا، مقابل مشهد أبناء أثرياء قيسارية اليهود الذين يلعبون في ملاعب "الغولف" واقع الحال، فقر مدقع يخنق أهالي بلدة جسر الزرقاء، المحاصرة من البلدات اليهودية الثرية، وأطماعها بالاستيلاء

حصار وتضييق: مدينة الأثرياء تعيق توسع جسر الزرقاء

جسر الزرقاء، 7.6.2017 (عرب 48)

قد يلخص مشهد طفلة حافية القدمين، تلعب في الشارع الترابي هنا، مقابل مشهد أبناء أثرياء قيسارية اليهود الذين يلعبون في ملاعب 'الغولف' واقع الحال، فقر مدقع يخنق أهالي بلدة جسر الزرقاء، المحاصرة من البلدات اليهودية الثرية، وأطماعها بلاستيلاء على ما تبقى من أرض ما يمنع توسع جسر الزرقاء وتوفير عدد من قسائم البناء للعائلات التي تعاني من أزمة سكن خانقة.

وعمدت قيسارية إلى بناء ساتر ترابي عنصري يفصلها عن جسر الزرقاء، واعترضت البلدات اليهودية على توسيع منطقة نفوذ البلدة العربية على الساحل، رغم أن عدد سكانها بلغ 14 ألف نسمة يقيمون على مساحة نحو 1500 دونم، ولم تتوسع جسر الزرقاء منذ العام 1924، وهي من أكثر البلدات كثافة سكانية في إسرائيل، في حين تنعم البلدات اليهودية المحيطة بمساحات شاسعة من الأراضي.

آفاق مسدودة

مراد عماش

وقال رئيس المجلس المحلي في جسر الزرقاء، مراد عماش، لـ'عرب 48' إن 'جسر الزرقاء قدمت أول طلب لتوسيع مسطحها في العام 2005، بـ1862 دونما لتوفير الحد الأدنى للنمو السكاني، وفي العام 2008 كان ينبغي إقامة لجنة لرسم الحدود غير أن وزارة الداخلية جمدت القرار، وقدمت ميزانية للمبادرة في خارطة هيكلية، وبدأ التخطيط للخارطة الشمولية، وصودق عليها في اللجنة اللوائية عام 2016، رغم معارضة مجلس جسر الزرقاء المحلي لاحتواء الخارطة على شرط إزاحة شارع 2، ووفقا للخارطة الهيكلية يضاف للقرية 230 دونما فقط، وهذا لا يضمن لنا الحد الأدنى من المطالب'.

وأضاف أنه 'في عام 2013 تقدمنا بمطلبين لتوسيع مساحة البلدة، وتعزيزا لاعتراضنا، لكن مطالبنا رفضت لوجود خارطة هيكلية، وعليه قمنا بتقديم طلب للجنة الحدود عام 2016 وحددنا نقاط التوسع المطلوبة من قبل المجلس المحلي وهي منطقة برك الأسماك 'معجان ميخائيل'، شرقي شارع 2 وهي أيضا ضمن ملكية 'معجان ميخائيل'، جزء من ضفة نهر التماسيح، وفي المنطقة الجنوبية شرق الشارع والساتر الترابي مع قيسارية وهي مناطق خالية، وهذه المطالب الآن في مرحلة الاستماع لآراء الجيران في اللجنة، وتبلغ هذه المساحات معا 1162 دونما، وتواجه هذه المطالب اعتراض كل من 'دولة قيسارية'، أور عكيفا، مجلس إقليمي حوف هكرمل، موشاف بيت حنانيا وكيبوتس معجان ميخائيل إضافة لسلطة الطبيعة والحدائق وغيرهم'.

وختم عماش بالقول إن 'هذا هو واقع الحال في جسر الزرقاء المحاصرة من قبل بلدات ثرية، وما نواجهه من عقبات أمام تطور البلدة ونموها السكاني والإسكاني الذي لم يعد يوفر أي آفاق للشباب بدون توسيع مسطح البلدة'.

حصار وتضييق

وقال رئيس اللجنة الشعبية وعضو المجلس المحلي، سامي العلي، لـ'عرب 48' إن 'قرية جسر الزرقاء، الصامدة على ساحل فلسطين، تعاني حصارات عديدة لا تقتصر على الحصار الجغرافي فقط، إذ يمتد الحصار لمستويات ومجالات أخرى تصل حتى الحصار المعنوي والنفسي.

أولا، الحصار الجغرافي الفظ، والذي يتجلى على أرض الواقع بالحواجز المادية، من جدار عنصري يفصل بين قرية الفقراء وبين مدينة الأثرياء قيسارية، في الجهة الجنوبية، وشارع رئيسي سريع يحدها من الشرق، ومحمية طبيعية ومستوطنة سدت امتدادها من الشمال، وشاطئ بحر  بملامح طبيعية من الغرب، وهو الحاجز الطبيعي الوحيد الذي نقبله بكل حب، حيث تحول لجزء من هويتنا وموروثنا الثقافي وحيّزنا المكاني'.

وأكد أن 'الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى تشديد قبضة الحصار من خلال مخططات خنق وتضييق وتهويد، بدءا بالخارطة الهيكلية المقترحة ومرورا بمخطط 'غرب الجسر' وانتهاء بمخطط تحويل شاطئ البحر لمحمية طبيعية. وتسارع مؤسسات الدولة في التصديق عليها بذريعة تصحيح الغبن وحل الضائقة السكنية والاقتصادية، علما أنها مخططات مفروضة علينا، لا تلبي احتياجاتنا البتة، بل تُخلد الوضع القائم'.

ملعب الغولف في قيسارية

وأشار عضو المجلس المحلي إلى أن 'جسر الزرقاء شهدت منذ عام 1924 مصادرات عديدة لأراضيها التاريخية، إضافة لمشروع تجفيف المستنقعات الذي استغله البارون روتشيلد وشركة الاستيطان لامتلاك 60% من أراضي القرية، حيث كان بملكية السكان قبل مشروع التجفيف 12 ألف دونم، وبقوا بعدها محاصرين في بقعة بمساحة 1566 دونما فقط، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم لم تشهد القرية إضافة أي متر مربع لمسطحها'.

وشدد رئيس اللجنة الشعبية على أن 'هذا الواقع دفع بعشرات المواطنين وخاصة الأزواج الشابة إلى هجرة القرية والبحث عن قطعة أرض للبناء وبيت للسكن، حيث توجهوا للعيش في منطقة وادي عارة والمثلث. أضف إلى ذلك إلى أن الحصار تسبب بأزمة سكنية رافقتها إسقاطات اجتماعية ومظاهر سلبية كثيرة وساهمت في تفاقم العنف والجريمة'.

عبد الله عماش

وأعرب عن امتعاضه من 'معارضة مدينة الأثرياء لتوسيع جسر الزرقاء، غير الجديدة، ففي عام 2002 قال أغنياء قيسارية موقفهم الأخير والذي تجلى بإقامة جدار فصل عنصري بين البلدين، والذي حد من توسع القرية جنوبا، وعرقل مشروع إقامة منطقة تجارية وشارع يربط شرق القرية بغربها. المسوغات التي أقيم على أساسها الجدار واهية، حيث ادعوا أنه يمنع الضجة المنبعثة من الأعراس ويحد من صوت الأذان ويصد موجة السرقات، وكلها حجج كاذبة، لأن الدافع الأساس يكمن في الحفاظ على أسعار العقارات والأراضي وحجب رؤية قرية عربية لجانب الأغنياء، ولأن ذلك سيمس في جودة ومستوى حياتهم، وهذا دليل على أن جوهر الفصل هو عنصري على أساس قومي وطبقي'.

وختم العلي بالقول إن 'إقامة الجدار الفاصل تعني بكلمات أخرى، أن قيسارية والبلدات اليهودية المجاورة لا تريد جيرة حسنة ولا شراكة ولا علاقة مع قرية الفقراء، وكل التصريحات التي يطلقوها مجرد ضريبة كلامية، والمشاريع المشتركة التي يقترحوها، وفق شروطهم، تصب في سياسة التهويد وإنتاج مواطن جسراوي وفق معايير إسرائيلية، تكرس الأبوية والفوقية والاستعلائية والعقلية الصهيونية والتمييز والتفرقة وتبقي اليهودي مع امتيازات وتفوق في كل المجالات'. 

هجرة الشباب

وقال عضو المجلس المحلي في جسر الزرقاء، عبد الله عماش، لـ'عرب 48' إن 'البلدة في حالة حصار كبير، وهناك حالات عديدة لهجرة الشباب إلى بلدات المثلث'.

جمال شداد

وأكد أن 'هذا سببه عدم توسيع المسطح وتوفير قسائم أرض لبناء وحدات سكنية للأزواج الشابة.

أما عضو المجلس المحلي في جسر الزرقاء، جمال شداد، فقال لـ'عرب 48' إن 'ما يحدث في جسر الزرقاء هو ظلم كبير للبلدة، فهي محاصرة إلى درجة الاختناق، ونحن نشهد هجرة الشباب قسرا بسبب الأزمة السكنية'.

وختم بالقول أن 'كل هذا يحدث إلى جانب محاصرة سلطة الحدائق للبلدة، وللأسف فإن الحد الأدنى من مطالبنا لتوسيع مسطح البلدة يواجه باعتراضات من قبل البلدات اليهودية الثرية التي تحيط جسر الزرقاء'.

التعليقات