أهالي طرعان: الكسارة تتسبب بكارثة بيئية وصحية

لم يتغير الوضع الصحي والبيئي في طرعان منذ سنوات ولغاية هذه اللحظة، فأعمال الحفر في الكسارة المجاورة للقرية تسببت بالكثير من الأضرار البيئية ليس لطرعان فحسب وإنما لمنطقة الناصرة بأسرها.

أهالي طرعان: الكسارة تتسبب بكارثة بيئية وصحية

لم يتغير الوضع الصحي والبيئي في طرعان منذ سنوات ولغاية هذه اللحظة، فأعمال الحفر في الكسارة المجاورة للقرية تسببت بالكثير من الأضرار البيئية ليس لطرعان فحسب وإنما لمنطقة الناصرة بأسرها.

كشف تقرير أصدرته وزارة الصحة، مؤخرا، معطيات مرعبة عن المشاكل الصحية التي يعاني منها السكان الذين يسكنون قرب الكسارة مثل ضيق التنفس والربو ومشاكل بالعيون نتيجة الغبار الناجم عنها.

بعد توجه عدد من أهالي طرعان ومجلس طرعان المحلي وجهات أخرى في العام 2009، إلى وزارة الصحة بخصوص ما تُسببه الكسارة من تلويث للجو وازدياد الحالات المرضية في الجهاز التنفسي، قررت الوزارة إجراء فحص ومتابعة الحالات الصحية لسكان طرعان في محاولة لإيجاد علاقة بين الغبار المنبعثة من عمل الكسارة القريبة من طرعان، التي تبعد عن المنازل في القرية ما بين 150 مترا و900 متر، ويتم قطع 3 مليون طن حجارة من الكسارة سنويا تعمل على نقلها 200 - 300 شاحنة يوميا ويعمل فيها 60 عاملا.

استمر الفحص ست سنوات بين 2009-2015، ومؤخرا أنهت الوزارة عملها وقدمت نتائج الفحص التي تبين وجود علاقة ما بين ارتفاع الحالات المرضية في الجهاز التنفسي لسكان طرعان وبين تلويث الجو الذي تسبّبه الكسارة.

رئيس مجلس طرعان المحلي، عماد دحلة، قال لـ"عرب 48" إنه "منذ تولينا رئاسة المجلس، سعينا بكافة جهودنا لإغلاق الكسارة التي تعد كارثة بيئية للمنطقة والسكان، ولكن للأسف لم نلق أي تجاوب من السلطات، حتى طالبنا بإعداد بحث شامل يفرز المشاكل الصحية الكبيرة والمتزايدة الناجمة عن الكسارة، وفعلنا رأينا نتائج البحث الذي حثنا على تقديم طلب للمحكمة العليا بضرورة إغلاق الكسارة".

وأضاف أن "وزارة البيئة تصدمنا في كل مرة بعدم تجاوبها مع مطالباتنا المتكررة بإغلاق الكسارة، وهذا يعني أنه لا تعنيها الكوارث التي تسببها الكسارات وأعمالها، ولا يعنيها السكان وسلامتهم".

وختم رئيس المجلس المحلي بالقول إن "د. إيزابيلا كراكيس التي أشرفت على البحث حرصت على عرض الإحصائيات للمشاكل الصحية المتزايدة بنسب مرتفعة منذ العام 2009 إلى العام 2015، والتي شملت 70 عائلة مجاورة للكسارة".

وقال أحد سكان طرعان، خالد أبو رحال، لـ"عرب 48"، إنه "منذ أن انتقلنا للعيش هنا، منذ 16 عاما، بدأت الأزمات الصحية تصيب أفراد العائلة، مثل مشاكل الربو الحادة التي أعاني منها، لنفاجأ بعدها أننا جميعنا نعاني من مشاكل في جهاز التنفس أيضا، بالإضافة لضعف النظر الذي نعانيه، فزوجتي قامت بإجراء عمليتين لعينها اليمنى لأن الغبار مع مرور الوقت أصبح يؤثر على رطوبة العين ما تسبب بجفاف في عينها".

وأضاف أن "المعاناة لا تقتصر فقط على المشاكل الصحية، بل إنها طالت الراحة في البيت وهدوئه، فعمليات الحفر والتفجيرات التي تجري بالكسارة، في كثير من الأحيان، تسببت بتحطيم زجاج المنزل بسبب شدة قوتها، وأحيانا يعملون بعد منتصف الليل ولا يأبهون لراحة ونوم الناس، وهذا أقل ما يقال عنه أنه تعنيف بيئي".

وقالت هيفاء أبو رحال، لـ"عرب 48"، إن "الكسارة تسبب لنا معاناة كبيرة، وبتنا نخشى إصابة أولادنا بالأمراض، فابني البالغ من العمر 5 سنوات يعاني من حساسية بالعينين إذ أنه بدأت منذ شهرين بملاحظة بروز بعض الاحمرار أسفل عينه اليسرى، فعرضته على طبيب العيون وتبين أن هذه الحبوب تحت عينه نتيجة الغبار الكثيف الذي تسببه الكسارة، فحاولنا علاجه وأعطيانه دواء إلا أن استمرار تعرضه للغبار لم يسعفه ما اضطر الطبيب لتحويله لإجراء عملية جراحية في عينه".

وأكدت أن "عددا من الأطباء أكد تزايد الحالات التي يواجهونها يوميا وأنها تثير استهجانهم، لأنهم على دراية بمنطقة سكناهم المحاذية للكسارة، ناهيك عن صعوبة العيش وسط الغبار المنتشر بكثافة مفرطة في البيوت، وهذا الأمر يلزمنا على تنظيف البيوت عدة مرات في اليوم، بالإضافة إلى الإزعاج الذي نعاني منه، يوميا، بسبب استمرار أعمال الحفر المستمرة بالكسارة".

وختمت أبو رحال بالقول إنه "على الصعيد الشخصي، منذ 6 سنوات أعاني من آلام في قدمي بسبب الحساسية والغبار، وبدأت أشعر، مؤخرا، آلاما في العين".

وقالت نورة عدوي، لـ"عرب 48"، إن "ابني يبلغ 4 سنوات وقد اضطررنا لإجراء عمليتين بعينه نتيجة الجفاف الذي أصيب به بسبب كثرة الغبار والأوساخ بالمنطقة، وعلى الرغم من ذلك فلم يطرأ تحسن عليه، وعندما قمنا بمراجعة الطبيب اقترح أن يعيش ابني بعيدا عن الكسارة لفترة ما، الأمر الذي لم نستطع القيام به، فاقترح الطبيب فيما بعد تغيير نوع العلاج إلا أن هذا العلاج يسبب خطرا على حياة ابني بسبب صغر سنه، ما جعلني أرفض الاقتراح وانتظار علاج جديد".

وأضافت أن "فكرة تعايشنا مع هذه المشاكل الصحية بحد ذاتها مخيفة، فلماذا يجب علينا تغيير مكان سكننا لنحافظ على ما تبقى من صحتنا؟ ألا يستطيعون إغلاق هذه الكسارة التي تسببت بأضرار جسيمة للقرية وسكانها؟".

يذكر أن مجلس طرعان المحلي توجه بطلب للمحكمة العليا بعد محاولات عديدة للحد من توسعة الكسارة أو إغلاقها في الوقت الذي تسعى السلطات لتوسعتها غير آبهة بصحة وسلامة المواطنين.

التعليقات