"الشرطة تتمدد... والجريمة كذلك"

في ظل التأكيد الجماهيري العربي في الداخل الفلسطيني على ضرورة العمل على معالجة أزمة السكن والمشاكل التعليمية والبنى التحتية وغيرها من ملفات، تصر الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع المواطن العربي بعقلية أمنية.

(لاعام)

في حين تم تدشين مركزين جديدين للشرطة الإسرائيلية في قريتي جسر الزرقاء وكفر كنا، لا تزال عشرات ملفات جرائم القتل في المجتمع العربي التي ارتكبت خلال العام 2017 الجاري، في طي الكتمان، دون فك رموزها والكشف عن تفاصيلها وتقديم لوائح اتهام.

وفي ظل التأكيد الجماهيري العربي في الداخل الفلسطيني على ضرورة العمل على معالجة أزمة السكن والمشاكل التعليمية والبنى التحتية وغيرها من ملفات، تصر الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع المواطن العربي بعقلية أمنية، وتدشن بدلًا من ذلك محطات ومراكز الشرطة، ويقدم لافتتاحها، خصيصًا، رئيس الحكومة الذي عبر أكثر من مرة عن أن رؤيته للمواطنين العرب لا تتعدى كونهم "مشكلة ديمغرافية".

غضب في كفركنا: نتنياهو يفتتح مركز شرطة "قانا"

هذا وشهدت قرية كفر كنا، اليوم، الثلاثاء، موجة من الغضب التي وصلت ذروتها مع افتتاح مركز شرطة "قانا"، بحضور نتنياهو، وإردان، الأمر الذي قابله أهل القرية بتظاهرة غضب عارمة دعت إليها اللجنة الشعبية وشارك بها العشرات من أهل القرية.

وليد حكروش

وبالحديث عن المشهد الكناوي العام، قل عضو مجلس كفركنا المعارض، وليد حكروش، لـ"عرب 48"، إنه "رفضنا لمركز الشرطة ليس من منطلق رفض القانون والخروج عليه، بل رفضنا للطريقة التي تعاملت بها الشرطة بمساعدة بعض الأذرع المحلية في كفر كنا، منها أجزاء من المجلس المحلي، هذه الطريقة التي تعكس الصورة الحقيقية للشرطة وقبح وجهها، واليوم تتجسد هذه الطريقة بإقامة المركز عنوة، بمحاولة لكسر عظام الأهالي في كفركنا ذات التاريخ الوطني المشرف".

وأضاف "صادقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء على 1040 متر مربع لإقامة المركز بشكل مبدئي خلال 48 ساعة، وبالمقابل المواطن الكناوي يعاني من ضيق مساحات الأراضي وأزمة بالسكن وعرقلات اللجنة ذاتها في كل مرة، هذا الأمر الأول، أما الأمر الآخر الأكثر مهزلة، المساحة التي بني عليها المركز هي جزء من مساحات أكبر صادقت إدارة المجلس المحلي عليها والتي تمتد على 5 دونمات، تصوروا! والآن نحن بصدد إيجاد السبل لمنع التوسعة، لن نيأس ولن نمل، هذا الغضب في الشارع الكناوي لا بد له أن يصل للإدارة".

د. يوسف عواودة

ومن جهته، قال مرشح الرئاسة عن قائمة "أبناء قانا"، د. يوسف عواودة لـ"عرب 48" إن "هذا الابتهاج الواضح على وجه نتنياهو ووزراءه، يؤكد أن هناك نوايا مبيّتة ومن حقنا أن نشكك بها، فهذه الحكومة تعتبرنا أعداء لها ولن تبتهج بسبب حمايتنا، هذه الشرطة التي قتلت أبنائنا هي نفس الشرطة التي تحتفي بافتتاح مركزها في عقر دارنا اليوم، هذه الوقاحة بعينها".

وتابع أنه "إذا كان الوضع كم تدعي الشرطة زورًا وكذبًا وبهتانًا، أنها تهدف لحمايتنا وتوفير الأمن والأمان، عليها أولاً معاقبة وملاحقة المجرمين من بين أفرادها الذين قتلوا أبنائنا، ولكن هذا الجهاز الشرطوي صاحب التاريخ الأسود لن يعاملنا كمواطنين ولن يتنصل من مجرميه".

بدوره، أكد الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، إمطانس شحادة، لـ"عرب 48" أن "سياسات الجهاز الشرطوي القذرة جاءت لترهيب وتخويف المجتمع العربي، وليس كما تدعي لتوفير الأمن والأمان ومكافحة الجريمة، هي جاءت بطبيعة الحال لتخدم ذهنية إردان العنصري المتطرف، الذي اقترح مشروع إقامة مراكز الشرطة في البلدات العربية".

إمطانس شحادة

وأضاف شحادة أنه "إذا تطرقنا لخصوصية كفر كنا، فهي تعاني من مشاكل مصادرة الأراضي والبناء بسبب سياسات الحكومة، واليوم هذه الحكومة لن تجلب الخير للقرية، وكما ترون، الغضب والاحتجاج اليوم يعبر عن المشهد الكلي".

وشهدت الاحتجاجات محاولة شباب القرية تجاوز الحواجز التي وضعتها الشرطة في الطريق، للتعبير عن سخطهم ورفضهم لهذه الاجراءات، كما وهتفت الجموع بمختلف العبارات المطالبة بخروج نتنياهو ووفده من القرية، وعبروا عن غضبهم تجاه سياسات الجهاز الشرطوي الذي قتل في أكثر من مناسبة، مواطنين عرب بدم بارد.

التنمية في جسر الزرقاء لا تقف عند "مركز شرطة" 

وفي صباح اليوم، الثلاثاء، تحوّلت قرية جسر الزرقاء، إلى ثكنة عسكرية في أعقاب تدشين مركزا للشرطة، بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، رغم الاعتراض الشعبي الواسع في القرية.

ومن أبرز ما جاء على لسان نتنياهو، خلال "حفل التدشين"، أنه يتوقع تعاونا أكثر من قبل المواطنين العرب مع الشرطة، زاعمًا أن الشرطة لم تعد عدوا للعرب، وأنها تعمل لمصلحة المواطنين، كما استغل نتنياهو "المناسبة"، ودعا المواطنين العرب إلى التجنيد في صفوف الشرطة لا سيما الشباب.

وفي المقابل، كشف إردان "بفخر كبير"، أن أعداد المجندين العرب في الشرطة في تزايد، وادعى أن الشرطة باتت تحظى بـ"قبول" أكثر في المجتمع العربي.

فراس عماش

في ظل هذه الأجواء الاحتفالية "المتأسرلة"، قال الشاب فراس عماش، لـ"عرب 48" إنه، "طالبنا من المسؤولين إعلام المواطنين بما يخص مركز الشرطة، من المستفيد؟ ومن أجل من أقيم؟ وعلى حساب من؟ وكل هذه الأسئلة لم نتلقَ عليها أجوبة، ونحن نؤكد أن هذا حقنا كمواطنين أن نحصل على أجوبة".

بدوره، قال الشاب باسم عماش لـ"عرب 48" إنه "كان على رئيس الحكومة الذي يدعي الديمقراطية أن يدخل القرية من أبوابها كما ندخلها نحن، وليس بطائرته الخاصة".

باسم عماش

وأكد عماش أن "مركز الشركة لن بالخير على القرية، لن يقلص من معدل الجريمة ولن يفيدنا بشيء، البلدة بحاجة إلى الكثير من الأمور لعلاجها، لا لمركز شرطة، مركز الشرطة لا يمكنه أن يحل أزمة السكن، ولا البنية التحتية المهترئة، ولا مشكلة التربية والتعليم".

وفي حديث لـ"عرب 48"، قال رئيس اللجنة الشعبية في جسر الزرقاء، سامي العلي، إنه "نحن على مدار سنوات في جسر الزرقاء وكذلك كمجتمع عربي نطالب الشرطة بأن تقوم بواجبها وتؤدي واجبها تجاه المواطن العربي على أحسن وجه، وهي ملزمة بتقديم خدمات للمواطن العربي ولا سيما نشر الأمن والأمان وحماية سلامة المواطنين العرب".

سامي علي

وأشار العلي إلى أنه "ما تقوم به الشرطة، للأسف الشديد، يندرج ضمن سياستها العدائية تجاه المواطن العربي على مدار عقود، أي هناك تقاعس كبير من قبلها تجاه المواطن العربي بكل ما يخص مكافحة الجريمة والعنف، أنا أقول بشكل واضح إن الميزانيات والبنايات وحدها غير كفيلة في معالجة الجريمة والعنف".

ونوه العلي إلى أن "العقلية العنصرية هي التي توجه المؤسسة الشرطية في إسرائيل، نحن لا نريد نماذج أخرى مثل الطيبة وكفر قاسم وأم الفحم، هذا لن يفي بالغرض إذا استمرت العدائية من الشرطة تجاه المواطن العربي".

وأضاف أن "الشرطة تتعنت بكل ما يخص التعاون مع القيادات العربية وكذلك رؤساء السلطات المحلية في مجال محاربة العنف في المجتمع العربي، كل ما يهم الشرطة أولا هو فرض سيطرتها على المواطنين وتنفيذ مخططها، وثانيا محاولة تجنيد أكبر عدد من الشباب العرب في صفوفها، ودليل على ذلك، استدعاء عدد من شباب القرية، أمس، الذين عبروا عن رأيهم وعبروا عن موقفهم حيال افتتاح مركز الشرطة، وبشأن مشاركة نتنياهو".

وختم بالقول إنه "على نتنياهو أولا وضع حل للجدار الذي يجسد التفرقة بين اليهودي والعربي ويجسد التفرقة بين الغني والفقير في البلاد، قبل أن يأتي لإقامة محطة شرطة، وأن يعمل على تصحيح الظلم التاريخي الواقع على قرية جسر الزرقاء، هو جاء ليمرر رسائل سياسية فقط".

 

التعليقات