70 عاما على النكبة: سقوط أسوار عكا ١٩٤٨ (17)

وازداد الأمل لدى المناضلين بوصول النجدات، خاصة بعد أن أعلنت الإذاعات ان الجيوش العربية قد عبرت الحدود، وهذا أعطاهم همة ليستمروا في المعركة لمدة ٢٢ ساعة متتالية، فرغت فيها ذخيرتهم، وأعياهم التعب والجوع لقلة عددهم وعدم قدرتهم على الراحة

70 عاما على النكبة: سقوط أسوار عكا ١٩٤٨ (17)

قصة احتلال عكا ١٩٤٨


توالت الانتصارات الصهيونية خلال شهر نيسان/ أبريل ١٩٤٨، وأصبحت تجربتهم بالحرب الدائرة، كافية من أجل ان يطمعوا في توسيع حدود الدولة اليهودية المزعومة، بحيث تشمل رقعتها مناطق حدد قرار التقسيم تبعيتها لدولة العرب، فهؤلاء - أي العرب- يخسرون المعركة تلو الأخرى، حيث أن مساعدة المتطوعين النظاميين من جيش الإنقاذ، لم تستطع أن توفر لهم القوة اللازمة من أجل صدّ قوات مدربة من العصابات الصهيونية، فالكل كان ينتظر موعد الانسحاب البريطاني من فلسطين، ودخول الجيوش العربية النظامية إليها، لتدحر العصابات الصهيونية وتخلص الشعب الفلسطيني منها إلى الأبد، ولذلك كان الناس يتركون بيوتهم ويهربون خوفا على حياتهم وحياة عائلاتهم، ولكنهم كانوا على أمل أن يعودوا عاجلا وليس آجلا.

هذا الشعور السائد حينها، كان له أكبر الأثر في نفوس المناضلين المحليين والمتطوعين من الأقطار العربية، فرغم التضحيات الكبيرة التي قدموها، إلا أنهم كانوا يعتقدون أن مهمتهم الأساسية هي وقف التقدم الصهيوني، والقيام بمناورات دفاعية لمنع الصهاينة من احتلال مواقع هامة، ولذلك لم تزود اللجنة العسكرية في دمشق المناضلين بالعتاد اللازم والأسلحة المطلوبة، من أجل الصمود، وهذا أيضا كان يعود إلى الاستهتار بقوة العدو، والاستهزاء به، خاصة أن الجيوش الكبيرة والتي دربتها بريطانيا جيدا، من أجل الدفاع عن مستعمراتها في الشرق، أمام تقدم الزحف الألماني في الحرب الكونية الثانية، ستأتي وتسحق "الهاغاناه" وأخواتها من تنظيمات إرهابية، وذلك بعد أن تخلي لهم بريطانيا الساحة بانسحابها.

هذا أيضا ما حصل في عكا، والتي كانت تعتبر جزءًا من الدولة العربية، حسب قرار التقسيم، حتى أن المقدم أديب الشيشكلي، وبعد أن توجهت إليه اللجنة القومية المحلية، بعد أن سيطر الصهاينة على تلة نابليون، وقالوا إن عكا في خطر شديد، وإنها ستسقط سريعا إن لم يعمل جيش الإنقاذ على إخراجها من أزمتها العسكرية حالا، قال لهم: "لتسقط فسنستردها قريبا!"، إشارة إلى الجيوش العربية المتأهبة للانقضاض بعد ١٤ أيار/ مايو، ورغم أنه أرسل لنجدتهم خمسين مقاتلًا استجابة لطلبهم، إلا أن إجابته كانت تعبر عن الرأي السائد وقتها بشأن المعارك في فلسطين، وفِي هذه العجالة نأتيكم بقصة سقوط عكا بعد إعلان قيام الدولة اليهودية مباشرة.

سجن القلعة في عكا

لا يمكن المرور عن عكا وتاريخها الفلسطيني، بدون الحديث عن قلعة عكا، التي بناها أحمد باشا الجزار، واستعملتها بريطانيا في زمن الانتداب كسجن مركزي، سجن وأعدم فيه خيرة من شباب فلسطين الذين شاركوا في الانتفاضات والثورات التي حصلت في فلسطين، خاصة ثورة الأعوام ١٩٣٦-١٩٣٩، ومن أشهر من أعدم في سجن عكا: الشيخ فرحان السعدي مشعل الثورة الفلسطينية الكبرى (تناولنا قصة إعدامه في الحلقة الثامنة بعنوان "عدالة بريطانية")، وكان الشيخ أول من أعدم في سجن عكا، بعد إصدار قانون الطوارئ الذي سنته حكومة الانتداب ردا على الثورة، والذي يقضي بإعدام كل من يحمل سلاحه ضد بريطانيا أو ضد المشروع الصهيوني، وذلك بتاريخ ٢٧ تشرين ثانٍ/ نوڤمبر عام ١٩٣٧. وقبل الشيخ فرحان كان شهداء ثورة البراق الثلاثة: محمد خليل جمجوم وفؤاد حسن حجازي وعطا الزير، الذين نفذ فيهم الإعدام في ١٧ حزيران/ يونيو عام ١٩٣٠، وكانوا أوائل من أعدمتهم بريطانيا في فلسطين بتهم سياسية.

كان يسجن في عكا من المناضلين من تجاوز حكمه العشر سنوات إلى المؤبد او الإعدام، وبالنسبة للمحكومين بالإعدام فقد كانوا يخضعون لمراقبة على مدار الساعة، ويلبسون الملابس الحمراء الدالّة على الإعدام، وكانوا يحصلون على وجبات جيدة، ولا يسمح لهم بالخروج من غرفهم إلا لمدة نصف ساعة يوميا، وسمح لهم بالحصول على ثلاثين سيجارة يوميا، والاستحمام بالمياه الساخنة مرة في الأسبوع، والحصول على الصحف والكتب.

كانت غرفة الإعدام الرهيبة، أو غرفة المشنقة، موجودة في مكان بعيد عن باقي السجناء، في سقفها لولب مربوط فيه حبل المشنقة، وتتكون الأرضيّة من دفتين تفتحان عند تنفيذ حكم الإعدام، وكان عَلى الدفتين رسم لموقع رجلي المحكوم بالإعدام، وعند تشغيل الجهاز الآلي تفتح الدفتان إلى الأسفل، فيتعلق المشنوق لمدة ساعة من الزمن، كما تنص المادة الخاصة في قانون مصلحة السجون، ولذلك كانت هناك مدة ساعة بين كل عملية شنق، ابتداء من الساعة الثامنة صباحا، بحضور مدير السجن ومندوب عن حاكم اللواء وشرطيين ومندوبين عن المحكمة وطبيب ورجل دين، ويتم الاعدام بعد ربط يدي المشنوق خلف ظهره، وتغطية رأسه بكيس أسود، إلا من رفض ذلك.

أما عدد من نفذ فيهم حكم الاعدام فكان كالتالي: ثلاثة عام ١٩٣٠ (شهداء ثورة البراق)، وخمسة عام ١٩٣٤، واثنان عام ١٩٣٧، و ٦٦ عام ١٩٣٨، و ٥٣ عام ١٩٣٩، و ٢١ عام ١٩٤٠. ما مجموعه ١٥٠ عربيا مناضلا ما عدا بعض اليهود.

أما مصير المحكومين بالمؤبد بعد انتهاء الانتداب البريطاني، فما زال يكتنفه الغموض، وذلك لأن بريطانيا قامت بالعفو عن قسم كبير من السجناء بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية، وهروب الكثير من السجناء في عملية "الإيتسل" عام ١٩٤٧، ولكن من المؤكد أن قسما من السجناء بقي حتى نهاية الانتداب، واستلمته الدولة الصهيونية مثل السجين محمد عبد الله اللاوي من كفر اللبد، إذ حكم بالإعدام عام ١٩٤٢، بسبب طعنه لجندي بريطاني، ثم خفف الحكم إلى المؤبد، وبقي في سجن عكا حتى نهاية الانتداب، وأفرجت عنه إسرائيل عام ١٩٨٣.

هجوم "الإيتسل" على سجن عكا ١٩٤٧

كان عدد السجناء اليهود في سجن عكا عشية هجوم "الإيتسل" عليه، هو ١٦٣ سجينا، منهم ٦٠ من "الإيتسل" و ٢٢ من "الليحي" وخمسة من "الهاغاناه"، ولذلك قررت منظمة "الإيتسل" أن تقوم بعملية من أجل إخراج مسجونيها من السجن. وتقرر موعد العملية ليوم الأحد الرابع من أيار / مايو عام ١٩٤٧، في الساعة الرابعة بعد الظهر.

اعتمد أعضاء المنظمة الإرهابية في تخطيطهم للعملية على معلومات وصلتهم عن طريق سجين عربي، والذي حكى لأصدقائه أنه سمع صوت نساء يتحدثن خلف جدار مخزن وقود السجن، واستنتج سجناء "الإيتسل" من ذلك أن الجدار الجنوبي للمخزن محاذٍ للشارع العام، فتقرر أن يقوموا بتفجيره وإطلاق سراح أغلب السجناء من منظمة "الإيتسل"، ونصف أعضاء "الليحي" أي أحد عشر سجينا.

في اليوم الموعود، تنكر عشرون من مقاتلي "الإيتسل" بملابس جنود بريطانيين، وثلاثة منهم بزي مواطنين عرب، وهؤلاء الثلاثة كانت وظيفتهم أن يقوموا بقصف المعسكر البريطاني القريب من السجن، أما الباقي فقاموا بتفجير جدار السجن، مستعينين بسجناء من الداخل حصلوا على متفجرات أدخلتها لهم المنظمة في جرّار مليئة بالمربى.

تم التنفيذ في تمام الساعة ١٦:٢٢، بواسطة ثلاث سيارات عسكرية، تحمل عشرين عنصرا من "الإيتسل"، يرتدون الألبسة العسكرية البريطانية برتب مختلفة، مسلحين بالمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية، وكمية كبيرة من الديناميت والألغام، ونجحوا في مهمتهم في إحداث الثغرة المطلوبة في جدار السجن، وتهريب السجناء اليهود، ولكن قوة بريطانية اعترضت جزءًا من القوة الصهيونية، وقتلت تسعة منهم، وتم القبض على ثمانية من الهاربين وخمسة من المهاجمين. كان عدد السجناء اليهود الذين نجحوا بالهرب ٢٧ سجينا، بينما استغل السجناء العرب هذه العملية وهرب منهم ١٨٢ شخصا، قبض على بعضهم وتسلل قسم كبير منهم إلى خارج البلاد هربا من السلطات البريطانية.

نفذ حكم الاعدام بثلاثة من المهاجمين، ونذكر هنا ان بريطانيا وخلال استعمارها لفلسطين أعدمت سبعة يهود آخرين من منظمة "الإيتسل" فقط.

أحداث قضاء عكا خلال ثورة ٣٦-٣٩

كان قضاء مدينة عكا، مشتعلا بمعارك دامية في ثورة فلسطين ١٩٣٦-١٩٣٦، وكان القضاء يحتوي على الكثير من المناضلين الأشداء، الذين أبدعوا في حربهم ضد بريطانيا بواسطة تنفيذ عمليات جريئة ومنظمة، وكان هذا القضاء يمتاز بأن كل معركة فيه ضد الجيش البريطاني، كانت تحظى بدعم من سائر أنحاء المنطقة الشمالية، ولذلك استطاع الثوار تحقيق بعض المكاسب في معارك كبرى. وكان من أشهر رؤساء الفصائل في قضاء عكا: عيد سعيد ودليل سعيد من قرية الكابري، ومحمد سعيد شتات من المزرعة، وكمال حسون من الغابسية، واحمد درويش من الزيب، وتوفيق الجمل من البصة، والشيخ يحيى من الشيخ دنون، والمجاهد محمد الجودي من البروة، وصالح عيوش من سخنين، وكايد عباس ومحمد سعيد الخطيب من كابول، وصالح منصور من عرابة، ومحمود صالح السعدي من عرب السواعد، ونمر أباظة من البعنة، ورشيد العبد من مجد الكروم، ومحمد سعيد وصالح الدوخي من نحف، وأحمد أبو دية من فرادية، ونمر الخليل من شعب، وبولس حنا بولس من الرامة.

وكان نشاط مدينة عكا، مرتكزا على الإضراب والمظاهرات وتقديم المساعدات المالية للثوار، ومن سكان عكا الذين شاركوا بالنشاط السري: فضل كتمتو (أبو مروان)، وإسماعيل عرابي (أبو فاروق)، وأديب قاسم عرابي ومحمد سعيد أبو رقبة.

ومن المعارك الشهيرة في قضاء عكا خلال فترة الثورة: معركة الليات الاولى، والتي وقعت في ٨ كانون أول/ ديسمبر عام ١٩٣٧، والتي هاجم فيها الثوار قافلة عسكرية بريطانية، كانت متجهة من عكا إلى صفد، وذلك في منطقة الليات بجانب مجد الكروم، واستمر القتال في هذه المعركة مدة تسع ساعات، من العاشرة صباحا حتى السابعة مساء، وانتهت بخسارة كبيرة للجيش البريطاني، إذ قتل ثلاثون جنديا، بينما استشهد ثمانية من الثوار.

وفِي الرابع من حزيران / يونيو ١٩٣٨، هاجم الثوار دورية من الجيش البريطاني في شارع الحدود الشمالي، واستمر القتال مدة ساعة، أصيب خلالها عدة جنود، بينما انسحب الثوار بدون إصابات.

وفِي ١٠ حزيران / يونيو ١٩٣٨، استطاع الثوار تفجير مصفحة بريطانية تحمل أكثر من ١٢ جنديا قتلوا جميعا، وذلك على حدود لبنان، مستعملين لغما كبيرا صنعه أحمد درويش وعيسى قبلاوي من قرية الزيب.

وفِي ١٤ حزيران / يونيو ١٩٣٨، هاجم صالح عيوش مع رجاله معسكر مجد الكروم ليلا، مما أدى إلى مقتل عدد من الجنود البريطانيين.

وفِي ١٩ تموز / يوليو ١٩٣٨، قام الثوار بنصب كمين لسيارات عسكرية قرب جسر الليات عند مفترق طريق قرية البروة، وقاموا بتفجير لغم كبير أدى إلى مقتل ١٢ جنديا. وفِي نفس اليوم قامت مجموعة كبيرة من الثوار تعد ٣٠٠ مجاهد، بالهجوم على الجيش بعد أن ابتدأ بعمليات انتقامية ضد أهل شعب والبروة والدامون، واعتقل أكثر من ٣٥٠ شخصا، وذلك ردا على العملية التي نفذت في نفس اليوم، وكان على رأس القوة العربية أبو مهاوش من الدامون، وجدعون وطفة من جديدة، ومحمود الجودة من البروة، وأحمد عوض من الكابري، وغيرهم. واستمرت المعركة أكثر من ١٢ ساعة، واستشهد في هذه المعركة أكثر من ١٢ مجاهدا منهم ٩ من يركا، ولكن الثوار نجحوا في إطلاق سراح العشرات من المعتقلين.

وفِي السابع من أيلول / سبتمبر ١٩٣٨، قام الثوار بتفجير لغم في سيارة عسكرية على طريق عكا - شفاعمرو، فقتل بعض ركابها.

وفِي ٢٠ أيلول / سبتمبر ١٩٣٨، هاجم فصيل صالح عيوش، معسكر الرامة على شارع عكا - صفد وقتل في هذه المعركة بعض الجنود البريطانيين، واستشهد اثنان من الثوار.

وفِي مساء يوم الأول من تشرين ثانٍ/ نوڤمبر ١٩٣٨، قام الثوار بالهجوم على معسكر المغار، وألقوا ١٥ قنبلة يدوية على الجنود، مما أدى إلى مقتل بعضهم، واستشهد ثائر واحد من قرية المغار.

وفِي العاشر من تشرين ثانٍ/ نوڤمبر ١٩٣٨، قام الثوار بالهجوم على معسكر فرادية وقتل بعض البريطانيين.

الحالة في عكا بعد قرار التقسيم

كان عدد سكان عكا عشية قرار التقسيم في ٢٩ تشرين ثانٍ/ نوفمبر ١٩٤٧، أكثر من ١٢٥٠٠ نسمة، وسرعان ما ازداد العدد بسرعة بعد ذلك ووصل إلى ١٨٠٠٠ شخصا، وذلك لأنها تقع داخل حدود الدولة العربية، حسب قرار التقسيم، ولأن المعارك حولها من كل الجهات كانت قد اشتعلت، وأراد الناس أن يضمنوا لهم مكانا آمنا، حتى نهاية الحرب.

وكما باقي البلاد، انتخبت عكا لجنة قومية لتولي شؤون الدفاع عن المدينة، وتألفت هذه اللجنة من رئيس البلدية، حسني خليفة، الذي أصبح رئيس اللجنة، والمحامي فايز الكردي الذي تولى أمانة سر اللجنة، وفارس سرحان، وأحمد البرادعي، وحسين سرحان، وموسى سليم نجمي، وأحمد إدلبي، وأحمد عبده، وأحمد العفيفي، وإحسان جراح، وصالح الحكيم.

ابتدأت اللجنة بدعوة الناس إلى التطوع للقتال دفاعا عن عكا، ولكن قلة عدد المتطوعين وقلة السلاح، أدت باللجنة القومية إلى اتخاذ قرار حاسم بعدم مهاجمة اي قافلة يهودية تمر بين حيفا وعكا حتى مستعمرة نهاريا، وذلك لأنهم لم يريدوا أن يعرضوا العمال والموظفين العكيين الذين يعملون في مصانع حيفا وسكة الحديد والميناء للخطر.

في الأسبوع الثالث من شهر كانون ثانٍ/ يناير ١٩٤٨، وصل فوج اليرموك بقيادة أديب الشيشكلي إلى المنطقة، وتولى الدفاع عن منطقة عكا وصفد. وضع الشيشكلي قوة صغيرة لا تتعدى العشرات للدفاع عن عكا بقيادة خليل كلاس. ولكن أهالي عكا رفضوا أن يوكلوا مهمة الدفاع عن المدينة لجيش الإنقاذ، وذلك لاعتقادهم بأن هذا الجيش لن يكون باستطاعته الدفاع عن المدينة، خاصة أنه فشل في عدة محاولات لاقتحام مستعمرات صهيونية في الشمال، خاصة هجومه على مستعمرة "جدين" وفشله باقتحامها رغم حصار استمر لمدة ثلاثة أيّام، ورغم أن عدته وعتاده كانت أكبر مما لدى الصهاينة.

معركة تؤدي إلى تغيير الخطة

استمرت حالة اللا حرب في عكا حتى ١٧ آذار /مارس ١٩٤٨، إذ قام الصهاينة في ذلك اليوم، وفِي تمام الساعة الثانية والدقيقة ٤٥ ظهرا، بمهاجمة قافلة عربية متوجهة من بيروت إلى حيفا، محملة بالسلاح والعتاد وكان يتقدمها الرئيس أحمد حمد الحنيطي قائد حامية حيفا.

ما أن وصلت القافلة إلى دوار عكا القريب من مستعمرتي "كريات موتسكين" و"كريات حاييم"، حتى اعترضتها سيارة عسكرية صهيونية، واصطدمت بالشاحنة الأولى التي في مقدمة القافلة، مما اضطر القافلة إلى التوقف عن السير، وحالا انهال عليها الرصاص من المقاتلين اليهود، فنشبت معركة كبيرة بين الطرفين، حيث أن اليهود حظوا بنجدات كبيرة حضرت من المستعمرتين القريبتين. وعندما رأى الرئيس الحنيطي أن اليهود تكاثروا عليهم، قرر أن يمنعهم من الحصول على الأسلحة والذخائر التي حملتها القافلة، وكانت هذه الحمولة تتجاوز الخمسة أطنان من الذخائر والمتفجرات، فعمد إلى الحيلة، إذ ترجل هو ورجاله من السيارات، فظن اليهود أنهم قد استسلموا، فصاروا ينزلون من سياراتهم فرحين بالنصر، وأحاطوا بالشاحنات العربية أملا في أخذ أسرى من العرب، عندها قام الحنيطي بنفسه بإلقاء قنبلة حارقة داخل الشاحنة المحملة بالمتفجرات، فانفجرت وأحدثت دويا رهيبا، ودمرت الكثير من بيوت مستعمرة "كريات موتسكين"، وأحدث الانفجار فجوة كبيرة في الشارع العام جعلته غير صالح للسير، وقتل عدد كبير من المهاجمين، ناهيك عن استشهاد بعض المناضلين العرب، وعلى رأسهم الرئيس احمد حمد الحنيطي.

بعد الانفجار استمر اطلاق النار بين الطرفين لمدة طويلة، وهرعت النجدات من حيفا وعكا وحدث اشتباك استمر لمدة ساعتين وأكثر، وتوقف القتال بعد قدوم قوة من الجيش البريطاني وسيطرتها على الموقف.

وقد استشهد في هذه المعركة ١٤ عربيا معظمهم من الانفجار، ومنهم بالإضافة إلى الرئيس الحنيطي، أحمد وجيه مصطفى رحال، وأحمد خضر موسى، ومحمد صالح نرسيس، ومحمد عبد الكريم وعطا الله سلامة شجاع وحسن سلامة ومحمد خليل وعلي الكسار. وبترت الذراع اليسرى لمحمد صادق. أما الصهاينة فقتل وأصيب منهم أكثر من أربعين شخصا.

أدت اخبار هذه المعركة إلى غضب أهالي عكا، وإيقانهم ان موظفيهم وعمالهم الذاهبين إلى حيفا، من شأنهم أن يتعرضوا لهجمات صهيونية، وهبوا لنجدة إخوانهم في المعركة الدائرة عند مستعمرة "موتسكين"، وقاموا بمهاجمة مستعمرة "مازاريك" واشتبكوا مع الصهاينة في معركة استمرت لعدة ساعات، معلنين بذلك انتهاء فترة اكتفائهم بالدفاع عن عكا فقط، وقرروا أن يعيدوا حساباتهم ومهاجمة القوافل الصهيونية المارة بجانب عكا.

تأزم الأوضاع وسقوط حيفا

في اليوم التالي لمعركة "موتسكين"، أي في ١٨ آذار/ مارس ١٩٤٨، خرج مناضلو عكا للثأر لرفاقهم الذين سقطوا شهداء في المعركة، فكمنوا لقافلة يهودية مكونة من ثلاث مصفحات، في إحداها سبعة من تنظيم "الهاغاناه"، وفِي مصفحة ثانية أربعة من عمال شركة الكهرباء، والثالثة سيارة للجيش البريطاني كانت تحرس القافلة، وعند وصول القافلة إلى المقبرة بجانب عكا، فاجأها المناضلون العرب بالهجوم، فقتل موظفو شركة الكهرباء جميعا، وأربعة من الجيش، وحاصروا مصفحة "الهاغاناه"، وعاجلوها بإطلاق النار، ولكنها تمكنت من الفرار، رغم إصابة بعض راكبيها.

وفِي يوم السبت الموافق ٢٧ آذار/ مارس ١٩٤٨، كمن عدد كبير من المناضلين بقيادة خليل كلاس وهو من سورية، وأميل جمعان من الاْردن، لقافلة يهودية إلى الشمال من عكا، حيث نشبت معركة كبيرة مع حراس القافلة، والذين طلبوا النجدات التي وصلتهم من المستعمرات القريبة، واستمرت المعركة من الساعة الثانية ظهرا وحتى الساعة التاسعة مساء، وتوقفت فقط بعد حلول الظلام الدامس، وهروب من هرب من اليهود.

تدخل الجيش البريطاني لصالح الصهاينة، وهاجم المناضلين العرب حتى انسحبوا من المعركة. وقدرت خسائر اليهود بالعشرات في هذه المعركة، بل يقال إنهم تجاوزوا الستين بين قتيل وجريح، بينما استشهد ثلاثة من العرب، وهم صالح أبو الخير وسعدو ياسين الخباز من الكابري، وثالث من قرية لوبية، وأصيب ستة آخرون بجراح مختلفة الخطورة.

بعد هذه المعركة أقفلت الطريق بين حيفا وعكا، وكذلك بين عكا ونهاريا.

فِي نفس الوقت اشتدت المعارك حتى سقوط حيفا في ٢٢ نيسان/ أبريل ١٩٤٨، فنزح سكانها عنها، وانتقل قسم كبير منهم إلى عكا، التي صار يقطنها أكثر من أربعين الفا، في أوضاع صعبة جدا، فما كان من اللجنة القومية إلا أن صارت تعمل من أجل توفير الطعام للنازحين وسكّان عكا الأصليين، بدل أن تنشغل بتسليح المدينة وإحضار النجدات لها.

كما ووصل إلى عكا حوالي مئة وعشرين مناضلا ممن حاربوا في حيفا، محضرين معهم بعض السلاح ومدفعين.

بعد سقوط حيفا، أصبحت عكا محاصرة من جميع الجهات تقريبا، ما عدا الطريق إلى الرامة وصفد.

اليهود يعدون العدة لعكا

بعد سقوط حيفا، وتحت تأثير نشوة النصر قررت "الهاغاناه" مهاجمة عكا ومحاصرتها من أجل فتح الطريق بين حيفا والمستعمرات الشمالية، ومن أجل إرسال قوات إلى صفد للمشاركة في المعركة الدائرة هناك، ومن أجل السيطرة على الساحل الشمالي برمته، وإن كانت عكا ضمن حدود الدولة العربية حسب قرار التقسيم.

كانت الخطة تقضي بقطع كل الطرق المؤدية إلى المدينة وخاصة الطريق الوحيد المفتوح والمؤدي إلى صفد وشمال فلسطين حتى لبنان، وهم بذلك يجبرون قوات جيش الإنقاذ بالتخلي عن عكا من أجل المشاركة في المعركة الأساسية في صفد، ويمنعون كذلك وصول أي مساعدات إنسانية إلى المدينة التي صارت تحتوي على عشرات الآلاف من المواطنين النازحين، الذين صارت تضيق بهم المدينة.

ابتدأ الهجوم على عكا في ٢٥ نيسان/ أبريل، وذلك بقصف المدينة بمدافع المورتر والهاون، واستمر القصف لمدة خمس ساعات كاملة، مما أثار الرعب في قلوب المواطنين. وكان من نتيجة هذه المعركة احتلال "تل نابليون" الواقع شرقي عكا، حيث كان فيه سبعة فقط من المناضلين العرب، مقابل مائة وخمسين جنديا صهيونيا. كذلك احتل الصهاينة المقبرة الإسلامية، فطلب أديب الشيشكلي من اللجنة العسكرية في دمشق نجدة عكا، ولكنه لم يحصل على أي رد، عندها استنجد العرب بالحاكم البريطاني المستر كينيون طالبين منه أن تلتزم بريطانيا بمنع احتلال مدينة عربية تقع ضمن حدود الدولة العربية، فاستجاب لطلبهم وأوقف اليهود عن الهجوم بعد أن اطلق جيشه عدة قذائف عليهم، فتوقف القتال في صباح ٢٦ نيسان/ أبريل ١٩٤٨، ليس قبل أن تقوم "الهاغاناه" بهدم عدة مبانٍ لتحذير المدافعين عن المدينة، وإخافة سكانها.

إحكام الحصار وبداية النزوح عن المدينة

في الثالث من أيار / مايو ١٩٤٨، قامت "الهاغاناه" بتفجير جسر على طريق عكا صفد، وكان هذا الطريق الوحيد الذي يصل منه المدد إلى المدينة المحاصرة، كما وقامت "الهاغاناه" بضرب محطة توليد الكهرباء المزودة لعكا، مما أدى إلى توقف الكثير من المصانع والورش عن العمل، خاصة مطاحن القمح، وبهذا ازداد الوضع سوءًا في المدينة، واصبح الجوع منتشرا بين الناس.

ولَم يكن هذا كافيا من أجل استسلام المدينة، فقامت "الهاغاناه"، وحسب الكثير من المصادر، بتلويث مياه نهر الكابري، والذي كانت تصل مياهه عن طريق قناة عمرها ٢٠٠ عام، بجراثيم التيفوئيد مما أدى إلى انتشار المرض بشكل خطير في المدينة. وأكد الصليب الأحمر في تقاريره التي رفعها أن سبعين شخصا لاقوا حتفهم جراء مرض التيفوئيد بشكل سريع لم يعهده أحد من قبل، كما وتسمم ٥٥ جنديا بريطانيا نقلوا للعلاج في مستشفى بور سعيد في مصر.

وقد أدى ذلك إلى تحول الناس إلى الآبار الارتوازية وخزانات المياه، وبذلك صاحب شُح الطعام، قلة في المياه مما زاد الوضع سوءا في عكا، وأصبح لا يطاق، فابتدأ الناس بالنزوح إلى خارجها، وبسبب هذا الوضع وافق أعضاء اللجنة القومية في المدينة على اقتراح حاكم لواء الجليل مستر كينيون، بأن يسمحوا للقوافل الصهيونية بالمرور شمالا، لقاء أن لا يهاجم اليهود عكا، ولما عرض هذا الاقتراح على الشيشكلي وافق في السادس من أيار/ مايو وذلك ليتفرغ للقتال في صفد، ولكن "الهاغاناه" رفضت الاقتراح، وكيف لها أن تقبل وهي تحكم حصارها على عكا، وتتحضر للانقضاض عليها في ما سني فيما بعد بحملة "بن عامي".

كثر النزوح من عكا، وكان من أول النازحين، أهالي حيفا الذين قدموا إليها قبل مدة قصيرة، ولَم تقف اللجنة القومية في وجه من أراد الهروب من المدينة، فهي لن تستطيع توفير الطعام والغذاء له، ناهيك عن الأمان، حيث أن الحامية الموجودة ليس باستطاعتها الدفاع عن المدينة.

لم يبق إلا عدد قليل من المناضلين الشجعان، وأصبحت اللجنة القومية لا تدري كيف عليها أن تتصرف، حيث أنها تحاول توفير الطعام والمصل ضد التيفوئيد ومياه نظيفة وأسلحة ومقاتلين، وكيف لها أن تنجح في كل هذا؟ ولذلك عقدت اجتماعا في دار البلدية لبحث الأوضاع الراهنة وذلك في ١١ أيار/ مايو ١٩٤٨، وفِي الاجتماع أعلن خليل كلاس قائد الحامية أنه تلقى أمرا من الشيشكلي للانسحاب فورا من المدينة، للانضمام إلى معركة صفد، وكان ذلك تلبية لأمر من الملك عبد الله، فذهب وفد إلى عمان لإقناع الملك بدعم عكا، ولكنه لم يلب طلبهم، بل وعاملهم بقسوة، مما أدى إلى يأسهم فصاروا هم، أي أعضاء الوفد ينزحون عن عكا، لتأمين أنفسهم وعائلاتهم.

خطة "الهاغاناه" وحملة بن عامي

توجه وفد آخر من عكا إلى المالكية، وكان الوفد مكونا من أمين عز الدين ومصطفى قبلاوي ومحمد اسكندراني وفضل كتمتو، وذلك لمقابلة أديب الشيشكلي طلبا للمساندة، ولكنه رفض ذلك، لأن قواته كانت تحارب على نطاق واسع، وقال إنه لا يستطيع توفير الحماية لعكا.

في الوقت ذاته كانت "الهاغاناه" تعد العدة لحملة عسكرية هدفها فتح طريق القافلات إلى الجليل الغربي، وبذلك تستطيع إيصال المؤن إلى المستعمرات "أيلون" و"حانيتا" و"متسوڤا"، وفك الحصار من ناحية الشمال عن نهاريا، كما أن "الهاغاناه" أرادت بذلك صدّ الطريق على أي هجوم للجيوش العربية من منطقة الشمال، وخاصة الجيش اللبناني. وقاموا بإطلاق اسم "بن عامي" على هذه الحملة، وذلك على اسم قائد القافلة التي تعرضت لكمين وقتل الكثير من ركابها، في ٢٧ آذار / مارس، كما تقدم، ومنهم "بن عامي فختر".

كانت الخطة مفادها أن تنطلق قافلة من السيارات المصفحة من "عين همفراتس"، وتقوم باحتلال تل نابليون ومن ثم تنطلق شمالا وتحتل قرية السمرية بمساعدة قوة بحرية، وتدخل بعدها القوة إلى نهاريا، وتكمل سيرها شمالا فتحتل قرية الزيب، وقرية البصة.

كان قوام الحملة ٢٥ سيارة مملوءة بالمؤن، وستة حافلات مصفحة مليئة بالجنود، وعشر سيارات عسكرية مصفحة. وتقرر أن تكون ساعة الصفر في ليل الرابع عشر من أيار/ مايو ١٩٤٨.

وقبل انطلاق الحملة، قامت قوات البحرية "للهاغاناه" بمحاولة تفجير لجسر لبناني يقع خمسة كيلومترات شمال رأس النافورة، ولكن الجيش اللبناني شعر بهم، وأطلق عليهم النار فانسحبوا خائبين، بعد قتل أحدهم، وكان هدفهم من تفجير الجسر سد الطريق على الجيش اللبناني ومنعه من التقدم إلى فلسطين.

المعركة الأخيرة وسقوط عكا

انطلقت الحملة الصهيونية باتجاه عكا، ووصلت إلى تلة نابليون عند الساعة الثالثة والنصف صباح يوم ١٤ أيار/ مايو ١٩٤٨، ووقعت معركة استمرت ساعة مع المدافعين عن التل بقيادة يونس نفاع، الذي انسحب بعدها، وانطلق مع جنده في قارب تاركين أهل عكا وحدهم في حربهم مع "الهاغاناه".

وبعد ان احتلت "الهاغاناه" التل قام العكيون بهجوم من أجل استرداده، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، واستشهد منهم الكثيرون أمثال عدنان الشامي وجميل عرابي ومحمد سعد وغيرهم.

وعند مرور قافلة "الهاغاناه" بجانب التل هاجمها المناضلون محاولين إيقافها، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، رغم تدمير سيارة واحدة منها، وكانت القافلة في طريقها إلى قرية السمرية، كما كان مخططا، وهناك التقت بقوة بحرية انزلت على الشاطئ، وهاجمت القوتان القرية فسقطت بعد معركة عنيفة ضد أهالي القرية.

في الصباح الباكر، توجه وفد من أهالي عكا إلى بيروت طلبا للنجدة عن طريق الجو، ولكن مهمتهم باءت بالفشل، فذهبوا إلى بنت جبيل لمقابلة أديب الشيشكلي قائد فوج اليرموك في جيش الإنقاذ، وقالوا له إن عكا ستسقط سريعا إن لم يقوموا لنجدتها، فقال لهم: "لتسقط، فسنستردها عما قريب"، وكان قوله هذا بعد فشله الذريع في معركة صفد، وسقوطها قبل يوم أو أكثر. ولكنه عاد وتراجع عن قوله هذا، وأرسل معهم قوة من خمسين مقاتلًا بقيادة ابي محمود الصفوري، ولكن هذه القوة انسحبت عن طريق البحر بعد يوم واحد، بسبب أن الحالة في عكا كانت أسوأ مما تصوروه ولن يكون باستطاعتهم رد "الهاغاناه" عنها بهذه القوة الصغيرة.

لم يبق في المدينة ما يكفي من المقاتلين لصد الهجوم عنها، ولكن هؤلاء قرروا أن يخوضوا معركتهم حتى آخر رمق، فقاموا بهجوم مضاد على اليهود في صباح ١٥ أيار / مايو، واستطاعوا استرجاع محطة السكة الحديدية وبناية مصلحة الشؤون، وعمارة السينما الأهلية، ولكنهم انسحبوا من الموقعين الأولين، تحت وقع المدفعية الصهيونية، بعد أن سقط منهم الكثير من الشهداء، واستمرت المعركة حتى ساعات الليل المتأخرة، وتكبدت "الهاغاناه" في هذه المعركة الكثير من القتلى، والذين وصل عددهم في إحدى الروايات إلى ستين قتيلا.

وازداد الأمل لدى المناضلين بوصول النجدات، خاصة بعد أن أعلنت الإذاعات ان الجيوش العربية قد عبرت الحدود، وهذا أعطاهم همة ليستمروا في المعركة لمدة ٢٢ ساعة متتالية، فرغت فيها ذخيرتهم، وأعياهم التعب والجوع لقلة عددهم وعدم قدرتهم على الراحة، فقرروا أن يرفعوا العلم الأبيض، وكذلك من تبقى من أهالي المدينة، وبذلك أعلنت المدينة استسلامها في ١٦ أيار/ مايو ١٩٤٨، بعد أن حاولت أن تصمد في معركة غير متكافئة، وفِي ظروف لا يعلمها الا الله من الجوع والعطش والمرض، وتخاذل عربي سجل لنفسه هزيمة اخرى نحو نكبة شعبنا الفلسطيني.

المصادر:

١. أرشيف منظمة "الإيتسل"؛

٢. سجل المحكومين بالإعدام في فلسطين، د. محمد عقل؛

٣. الثورة العربية الكبرى، محمد ياسين؛

٤. نكبة فلسطين والفردوس المفقود، عارف العارف؛

٥. التطهير العرقي في فلسطين، إيلان پاپه؛

٦. حرب فلسطين ١٩٤٧-١٩٤٨، الرواية الإسرائيلية الرسمية، ترجمة أحمد خليفة؛

٧. صحيفة الدفاع الفلسطينية ٥\٥\١٩٤٧، ١٨\٣\١٩٤٨، ٢٩\٣\١٩٤٨؛

٨. صحيفة فلسطين ٣٠\٣\١٩٤٨؛

٩. صحيفة همشكيف، ٥\٥\١٩٤٧، ٥\٥\١٩٤٨؛

١٠. صحيفة كول هعام، ٥\٥\١٩٤٨.

التعليقات