النقب: قرى مسلوبة الاعتراف بلا ملاجئ في الحرب

يختلف الوضع الأمني في المناطق الحدودية في البلاد، وتعاني القرى العربية في المناطق الحدودية، أكثر من غيرها بسبب القرب الجغرافي من مناطق النزاع والتقائه بالإهمال الحكومي ونقص التجهيزات للقرى والتجمعات السكانية العربية في أوقات الأزمات والحروب.

النقب: قرى مسلوبة الاعتراف بلا ملاجئ في الحرب

قرية السرة في النقب (أرشيف "عرب 48")

يختلف الوضع الأمني في المناطق الحدودية في البلاد، وتعاني القرى العربية في المناطق الحدودية، أكثر من غيرها بسبب القرب الجغرافي من مناطق النزاع والتقائه بالإهمال الحكومي ونقص التجهيزات للقرى والتجمعات السكانية العربية في أوقات الأزمات والحروب.

تعاني البلدات العربية في شمالي البلاد وجنوبها عند كل "حدث أمني" تقريبا انعدام الجهوزية ونقص الملاجئ والغرف المحصنة والملاذات الآمنة، لحماية المواطنين، وظهر الأمر جليا خلال الحرب على غزة في العام 2014 أو ما سمته الحكومة الإسرائيلية بعملية "الجرف الصامد" والتي خلالها تلقى النقب وابلا من القذائف الصاروخية التي أطلقت من قطاع غزة ووصلت إلى محيط قرى النقب مسلوبة الاعتراف، ما سميت بالمناطق المفتوحة، حسب التصريحات الإسرائيلية الرسمية في حينه.  

مكان سقوط قذيفة صاروخية جنوبي البلاد أطلقت من غزة، مؤخرا

انعدام الجهوزية

أدى نقص الملاجئ وانعدام الجهوزية في قرى النقب لحالات الطوارئ والتجاوب البطيء لفرق الإنقاذ الحكومية إلى نتائج وخيمة في القرى مسلوبة الاعتراف، كان أقصاها مصرع المواطن عودة الوج من قرية قصر السر، مسلوبة الاعتراف، وإصابة معظم أفراد عائلته بجروح بعد سقوط صاروخ على مسكن العائلة، بالإضافة إلى إصابة الطفلتين مرام وأسيل الوقيلي (10 و13 عاما) من قرية عوجان، مسلوبة الاعتراف، قرب بلدة اللقية بإصابات خطيرة بسبب انفجار صاروخ في ساحة منزلهما.

وبحسب تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي فإن 46% من المواطنين العرب في البلاد (نحو 550 ألف نسمة) لا يوجد لديهم أماكن محصنة لحالات الطوارئ أو ملاذات آمنة، بموجب المواصفات.

وتبين أيضا أن النقص في الملاذات الآمنة في البلدات العربية، ما أسماها مراقب الدولة "القطاع غير اليهودي"، كبير جدا، حيث لا يوجد ملاذات آمنة لحالات الطوارئ لنحو 38% من الطلاب.

جمعة الزبارقة

وكشف التقرير أن نحو 127 ألف طالب عربي يدرسون في مدارس لا يوجد فيها تحصينات. ولم تقم وزارة التربية والتعليم بعمليات فحص للتحصينات والملاجئ القائمة في المؤسسات التعليمية التابعة للسلطات المحلية التي تم فحصها.

كما أن قلة الملاجئ المحصنة لحالات الطوارئ في المناطق العربية هي قضية لم تحصل على حل نهائي رغم تواجدها قيد المناقشة عدة مرات، وكانت الحكومة الإسرائيلية قد شكّلت لجنة في أيلول/ سبتمبر من العام 2014، بعد الحرب على غزة، لوضع خطة قطرية لحل مشكلة الغرف الآمنة وحلول لتوفير ملاذات آمنة في الشقق السكنية. وأنهت اللجنة عملها عام 2016، ولكن لم يتم الدفع باقتراحاتها، بعد وضعها على طاولة الحكومة الإسرائيلية.

معاناة مستمرة

واستمرت معاناة أهالي القرى، مسلوبة الاعتراف، مع استمرار التطورات الأمنية في المنطقة وعدم النية لدى الحكومة الإسرائيلية توفير الملاجئ لهم.  

وفي هذا السياق، كان النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، جمعة الزبارقة، قد استجوب وزير الأمن الإسرائيلي، حول النقص الحاد في الملاجئ والأماكن المحصنة لحالات الطوارئ والحروب، وعدم بدء العمل بالخطة القطرية لتجهيز البلدات العربية في البلاد في أواخر العام الماضي.

وقال النائب الزبارقة لـ"عرب 48" إن "نظرة الدولة إلى القرى مسلوبة الاعتراف تقف عائقا في وجه أي تقدم حقيقي بشأن تطوير شكل حياة المواطن العربي وحتى الحفاظ على حياته. نرى هذا جليًا في قضايا البنى التحتية، فالمواطن الذي يضطر لقطع عشرات الكيلومترات في طرقات غير معبدة للالتحاق بسيارة إسعاف في حالات الخطر، لا تعنى الدولة بتخصيص ملاجئ له للحفاظ على حياته في وقت الحرب".

جلال أبو بنية

وأكد الزبارقة أنه "طالبنا في عدة مراحل بتطبيق الخطة فورا وعدم المماطلة والتقاعس في حماية المواطنين، منعا لوقوع ضحايا بين المدنيين، لا سيما وأن الحكومة المتطرفة برئاسة نتنياهو، لا تأبه في جر المنطقة لحرب جديدة. وبالرغم من ذلك فإن الأعذار التي وصلتنا هي بيروقراطية بحتة. إن أرقام وزارة الأمن تؤكد أن ثلث المواطنين الذين يسكنون على بُعد 40 كيلومترا من الشريط الحدودي، سيتعرضون للخطر ويفتقرون للحماية والأماكن المحصنة المناسبة، وأن 70% من هؤلاء السكان هم عرب. هذه أرقام خطيرة، وفي حالة القرى مسلوبة الاعتراف فالأمر أصعب وينذر بنتائج كارثية، فكل أهالي القرى مسلوبة الاعتراف معرضون للخطر باعتبارهم في 'مناطق مفتوحة' حسب

تعريف السلطات الإسرائيلية".

مخلفات الجيش

وقال الناشط الاجتماعي، جلال أبو بنية، من قرية وادي النعم، أكبر البلدات مسلوبة الاعتراف في النقب، لـ"عرب 48" إن "قرى خط 25 معرضة للخطر وغير جاهزة من الناحية الأمنية للحفاظ على سلامة سكانها، وبالرغم من أن الجيش الإسرائيلي يقوم يوميا بالتدريب العسكري في مناطق حيز شارع 25، إلا أن المؤسسة الإسرائيلية لم تكلف نفسها لتحضير ملاجئ ملائمة للمواطنين".

نديم الزيادنة

وأضاف أن "الخطر من مخلفات الجيش بالنسبة لنا هو كمثل انتظار حدث أمني، ونعلم جيدا أن الحضور الأمني الإسرائيلي في حيز سكن المواطن العربي لم يأت يوما بهدف تأمين حياته، بل إن المؤسسة الإسرائيلية لا تهتم بحياة العرب مطلقا وليست مستعدة لتسخير الميزانيات للحفاظ على حياة العرب".

وعن حالة قرى النقب الشمالي، قال الشاب نديم الزيادنة من سكان قرية أم نميلة، مسلوبة الاعتراف، في ضواحي مدينة رهط لـ"عرب 48" إن "قرى النقب الشمالي هي الأقرب إلى حدود غزة المحاصرة، وهي موجودة على خط النار بين إسرائيل وقطاع غزة، وفي كل مرحلة مواجهة يكون الضغط شديدا على عرب النقب. بإمكانك أن ترى الطائرات الإسرائيلية تمر من فوقك لقصف غزة وقد تتعرض لصاروخ هنا في أوقات الحرب، وبالفعل سقطت عدة صواريخ في رهط ومنطقتنا المحيطة بها خلال الحروب، ولكن لم تتحرك الدولة لإنشاء أو بناء ملاجئ وغرف محصنة".

وختم الزيادنة بالقول إنه "في المقابل يحظى 'كيبوتس شوفال' الملتصق تقريبا بمدينة رهط وقرية أم نميلة بملاجئ محصنة وآمنة للحماية من الصواريخ، وهي مجهزة بشكل كامل بكل مستلزمات النجاة والمرافق الطبية اللازمة. وهنا في قريتنا إذا حدث لك أي مكروه قد لا تجد ما تحتاج حتى في رهط، المدينة الأقرب إليك، وتحتاج للسفر إلى المستشفى في مدينة بئر السبع".

التعليقات