تمليك قرى في فلسطين لأمراء على يد الظاهر بيبرس

في عام 583 هجرية/1187 ميلادية جرت معركة حطين الفاصلة التي أطاحت بالحكم الصليبي في فلسطين. في سنة 1191 ميلادية جاءت حملة صليبية جديدة يقودها ملك الإنكليز رتشارد قلب الأسد، الذي نجح باحتلال الشريط الساحلي الممتد من عكا إلى الرملة، كما

تمليك قرى في فلسطين لأمراء على يد الظاهر بيبرس

توضيحية (pixabay)

في عام 583 هجرية/1187 ميلادية جرت معركة حطين الفاصلة التي أطاحت بالحكم الصليبي في فلسطين. في سنة 1191 ميلادية جاءت حملة صليبية جديدة يقودها ملك الإنجليز، رتشارد قلب الأسد، الذي نجح باحتلال الشريط الساحلي الممتد من عكا إلى الرملة، كما احتل مدينة عسقلان. ولما فشل ريتشارد في احتلال بيت المقدس اضطر إلى قبول صلح الرملة، وكرَّ راجعًا إلى بلاده.

وبقي الوضع على حاله في عهد صلاح الدين ومن جاؤوا بعده. في 25 رمضان سنة 658 هجرية/ 3 أيلول (سبتمبر) 1260 جرت معركة عين جالوت بين جيش المماليك بقيادة قطز والمغول فدارت الدائرة على جيش المغول وانهزموا شر هزيمة. ورث الظاهر بيبرس الحكم في مصر وسورية بعد مقتل قطز وراح يعد العدة لطرد الصليبيين من فلسطين.

في شهر جمادى الأولى سنة 663 هجرية/ آذار (مارس) 1265 ميلادية، خرج الظاهر بيبرس على رأس جيش كبير من غزة سالكًا طريق البحر التاريخية فاحتل قرية أخصاص القريبة من عسقلان، لكنه لم يحاول احتلال عسقلان لمنعتها ووجود حامية صليبية كبيرة فيها، ثم وصل إلى نهر العوجا ومن هناك بدأ بتحرير القرى والضياع من براثن الصليبيين. جميع القرى الواقعة على جانبي طريق البحر، سقطت الواحدة تلو الأخرى بسهولة، فلما وصل عيون الأساور قريب عارة وعرعرة راح يعد العدة لاحتلال قيسارية ونجح في ذلك بعد أن احتل قلعتها وكنيستها. من هناك توجه للمعركة الفاصلة في أرسوف الواقعة بجوار مقام "سيدنا" علي بن عليل (عليم). وقد شارك في الحصار أمراء جيشه بأنفسهم يرافقهم العباد والزهاد والفقهاء والمتطوعة من أصناف الناس.

كما شاركت النساء في مد المقاتلين بالماء والمؤونة وعملن في جر المجانيق، وركبت المقاليع والمنجنيقات عند أسوارها وراحت تدكها دكًا. يُروى أن الظاهر بيبرس شارك بنفسه في هذه المعركة، وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة سنة 663/ نيسان (أبريل) 1265. لقد سقطت المدينة بيد المسلمين، وكانت الغنائم كثيرة. وفرح الظاهر بيبرس بالنصر. كان معظم القرى والضياع المحررة تابعة لبلاد قيسارية، وتقع بجوار طريق البحر التاريخية.

مكتوب جامع بالتمليك للأمراء المجاهدين:

بمناسبة النصر الكبير أمر الظاهر بيبرس بكشف بلاد قيسارية وعمل متحصلها، ثم طلب باستدعاء قاضي القضاة، شمس الدين أحمد بن خلكان من دمشق وعدوله ووكيل بيت المال، وطلب منهم إثبات شهاداتهم بتواقيع على سندات بتمليك أمرائه للقرى والضياع المحررة، وكتب بذلك مكتوبًا جامعًا بالتمليك، ثم أحضر الدوادارية فكتبوا نسخًا من تلك السندات ووزعت هذه النسخ على الأمراء. لم يكن المكتوب الجامع إقطاعًا عسكريًا لرزق الأمير وجنوده وإنما كان تمليكًا "يبقى للولد منهم وولد الولد، ما يدوم إلى آخر الدهر ويبقى إلى الأبد، ويعيش الأبناء في نعمته كما عاش الآباء، وخير إحسان ما شمل وأحسنه ما خلد. والأمر العالي يشمل الأعقاب والذراري". صدر كتاب التمليك في شهر جمادى الثانية- رجب 663 هجرية/ نيسان-أيار 1265 ميلادية.

القرى والضياع الممنوحة للأمراء والخواص في كتاب التمليك:
1. عتيل: قرية تقع في الجهة الشمالية الشرقية من طولكرم، على بعد 12 كيلومترًا منها. منحها الظاهر بيبرس بكمالها للأتابك فارس الدين أقطاي الصالحي.

2. زيتا: قرية تقع في الشمال الشرقي من طولكرم، على بعد 14 كيلومترًا منها. منحها الظاهر بيبرس لثلاثه أمراء: الأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي وخصّه بنصف زيتا، وأما الأخيران فقد خصّ كل منهما بربع القرية وهما: الأمير شمس الدين الذكر الكركي والأمير سيف الدين قلج البغدادي.

3. طور كرم: مدينة فلسطينية، عاصمة قضاء بني صعب، يلفظها الناس طولكرم. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين وهما: الأمير بدر الدين الشمسي الصالحي، والأمير بدر الدين بيليك الخازندار.

4. إفراسين: قرية تقع في الجهة الشرقية من قفين، وعلى بعد 16 كيلو مترًا من طولكرم. منحها الظاهر بيبرس بكمالها للأمير ركن الدين بيبرس خاص ترك الكبير الصالحي.

5. باقة الشرقية: قرية بالقرب من باقة الغربية. للشمال الشرقي من طولكرم، على بعد 18 كيلومترًا منها. منحها الظاهر بيبرس بكمالها للأمير علاء الدين أيدكين البندقدار الصالحي.

6. قلنسوة: تقع على بعد نحو أربعة كيلو مترات للجنوب الغربي من طولكرم، كما تقع إلى الجنوب من قاقون، على مسيرة نحو عشرة كيلو مترات. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين هما: الأمير عز الدين أيدمر الحلبي الصالحي، والأمير شمس الدين سنقر الرومي.

7. طيبة الاسم: هي طيبة بني صعب. تقع إلى الجنوب من طولكرم وعلى مسافة خمسة كيلو مترات. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين هما: الأمير سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، والأمير عز الدين إيغان سم الموت.

8. أم الفحم: كانت أراضيها تمتد حتى قيسارية. تقع في الشمال الشرقي لمنطقة وادي عاره. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير جمال الدين آقوش النجيبي نائب سلطنة الشام.

9. بثان: وتلفظ اليوم مع همزة إبثان، وهي من قرى مجلس زيمر الأربع. تقع إلى الشمال الغربي من دير الغصون. منحها الظاهر بيبرس بكمالها للأمير علم الدين سنجر الحلبي الصالحي.

10. بورين: كانت في العصر المملوكي وفي بداية العهد العثماني قرية عامرة، لكنها اندثرت. كانت تسمى بورين الساحل لتمييزها عن بورين الواقعة في قضاء نابلس. منحها الظاهر بيبرس لأميرين مناصفة، وهما: الأمير جمال الدين آقوش المحمدي الصالحي والأمير فخر الدين الطنبا الحمصي. وخربة بورين تقع إلى الغرب من طولكرم وعلى مسيرة أربعة كيلومترات منها. وخربة بئر بورين تقع اليوم في الشمال الغربي لقرية باقة الغربية.

11. بيزين: منحها الظاهر بيبرس لأميرين مناصفة وهما: الأمير جمال الدين ايدغدي الحاجبي الناصري، والأمير بدر الدين بيليك الأيدمري الصالحي. اندثرت هذه القرية. في الشمال الغربي لكفر قدوم تقع خربة اسمها خربة بين بيزين. وفي الجنوب من اليامون على بعد أربعة كيلو مترات تقع خربة بيرين.

12. جلمة: كانت تابعة لقرية عتيل، وتقع في شمالها الغربي وعلى مسيرة نحو ستة كيلومترات منها. بقيت عامرة حتى سنة 1950 حين طردت إسرائيل سكانها العرب. منحها الظاهر بيبرس لثلاثة أمراء بالتساوي وهم: الأمير فخر الدين عثمان ابن الملك المغيث، الأمير شمس الدين سلار البغدادي، والأمير صارم الدين صراغان. في جنوب قرية طيبة الاسم توجد خربة اسمها جلمة.

13. البرج الأحمر: تقع على بعد نحو 9 كيلومترات للغرب من طولكرم، في الشمال الغربي من قلنسوة وعلى مسافة 5 كيلو مترات منها. عرفت أيضًا ببرج العطوط نسبة إلى عائلة العطعوط النابلسية التي امتلكته. ما يزال حائط من هذا البرج قائمًا. ذكرتها المصادر التاريخية القديمة بالبرج الأحمر. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين هما: الأمير سيف الدين بلبان الزيني الصالحي والأمير ناصر الدين القيمري.

14. يمّا: تقع إلى الشمال الغربي من دير الغصون، وعلى مسيرة نحو كيلومتر للشمال من بير السكة. في سنة 663 هجرية/ 1265 م. منح الظاهر بيبرس نصف يما إلى الأمير سيف الدين إيتامش السعدي والنصف الآخر إلى الأمير شمس الدين آقسنقر السلاح دار.

15. دنابة: وتلفظ اليوم ذنابة بالدال المعجمة. تقع في ظاهر طولكرم الشرقي مع انحراف قليل إلى الشمال. منحها الظاهر بيبرس لأميرين مناصفة وهما: الملك المجاهد سيف الدين إسحاق صاحب الجزيرة، والملك المظفر صاحب سنجار.

16. دير الغصون: جاء اسمها مشوشًا في النصوص، واستقر رأينا أنها قرية دير الغصون الواقعة في الشمال الشرقي من طولكرم وعلى بعد 8 كيلو مترات منها. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير بدر الدين محمد بن ولد الأمير حسام الدين بركة خان.

17. شويكة: تقع في ظاهر طولكرم الشماليوعلى مسيرة ثلاثة كيلومترات منها. منحها الظاهر بيبرس لأميرين مناصفة وهما: الأمير عزالدين أيبك الأفرم أمير جاندار، والأمير سيف الدين كرمون آغا التتري.

18. طُبَرْس: منحها الظاهر بيبرس مناصفة بين أميرين هما:الأمير بدر الدين الوزيري، والأمير ركن الدين منكورس الديداري. تقع خربة طُبَرْس في الشمال الشرقي من كفر راعي. وكانت ما تزال عامرة في القرن السادس عشر.

19. عِلاّر: تقع في الشمال الشرقي من مدينة طولكرم، على بعد 20 كيلومترًا منها، بين عتيل وكفر راعي. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير سيف الدين قشتمر العجمي.

20. عرعرا: تقع على سفح جبل الخطاف، جنوبي قرية عاره. تكتب بالألف أو الهاء. كانت تمر في واديها طريق البحر(فيا مارس) التاريخية. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين هما: الأمير علاء الدين أخو الدويدار، والأمير سيف الدين قفجق البغدادي. وما يزال الناس يطلقون على بئر تقع غربي عاره اسم بير الدويدار وعلى كتف جبل جنوبي عرعرا اسم كتف سيف. بناء على ذلك حصل الأول على الألااضي الواقعة غربي عاره وعرعرا والثاني على الأراضي الواقعة في الجنوب والشرق. وعرعرا وعارا بلدتان متقابلتان.

21. فَرْعُون: تقع في ظاهر قرية إرتاح الجنوبي، إلى الجنوب من طولكرم، إلى الشمال من طيبة الاسم. منحها الظاهر بيبرس سنة 663 هجرية/ 1265 ميلادية مناصفة لأميرين من قواده هما: الأمير سيف الدين دكجل البغدادي والأمير علم الدين سنجر الأركشي.

22. إقتابة: ويلفظها الناس اليوم إكتابا. تقع في الغرب من عنبتا، بانحراف إلى الشمال وعلى نحو سبعة كيلومترات منها، كما تقع في ظاهر طول كرم الشرقي، على مسيرة أربعة كيلومترات. شمال مخيم نور شمس. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير علم الدين طرطح الأسدي. وقد ذكر النويري أن هذا الأمير منح قرية استابا بكمالها. وكانت ستابة في القرن السادس عشر قرية عامرة. تقع في ناحية قاقون من لواء نابلس. ولعل ستابه هي إكتابا.

23. سِيْدا: ويلفظها الناس اليوم بالصاد(صَيدا). منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير حسام الدين إيتمش بن أطلس خان. تقع في الشمال الشرقي من طولكرم وعلى بعد 20 كيلومترًا منها، كما تقع في الجهة الشمالية الشرقية لقرية عِلاّر.

24. الصُّبرا الفوقا: ذكر النويري أن الظاهر بيبرس منح الأمير علاء الدين كندغدي الظاهري أمير مجلس الصبر الفوقا. والصبره الفوقا والصبره التحتا كانتا في القرن السادس عشر من المزارع التابعة لقفين من جهة الشمال الغربي. أما المقريزي فذكر الصفرا بكمالها، وفي نسخة من مخطوطاته الصبر الفوقا. ولم نجد الصفرا في الوثائق والمراجع. وما حدث هو تحريف للاسم الذي ذكره النويري. وصُبْرة وجمعها صُبَر تعني بيع كومة من الطعام(القمح) بلا وزن أو كيل. ولا علاقة للاسم بنبات الصبر الذي جلب من أميركا في عهد لاحق.

25. أرتاح: وتلفظ اليوم إرتاح. تقع في جنوب طولكرم وعلى نحو كيلومترين ونصف الكيلومتر منها. منحها الظاهر بيبرس سنة 663 هجرية/1265 ميلادية مناصفة بين أميرين من أمرائه هما: الأمير عز الدين أيبك الحموي الظاهري والأمير شمس الدين سنقر الألفي.

26. باقة الغربية: إلى الشمال من طولكرم وعلى مسافة 12 كيلو متر منها. إلى الشمال من زيتا وجت. وهي اليوم مدينة عامرة. في سنة 663 هجرية/1265 ميلادية منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين من أمرائه هما: الأمير علم الدين طيبرس الظاهري والأمير علاء الدين التنكزي.

27. القصير: منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأميرعز الدين الأتابك الفخري. يعتقد مصطفى مراد الدباغ أن هذه القرية كانت تقوم على بقعة خربة القصير (المنطار) في ظاهر كفر ثلث. ولكن ثمة خربة القصير آخرى تقع إلى الغرب من قرية النزلة الشرقية الواقعة في جنوب قرية إفراسين.

28. أخصاص: يسميها الناس خصاص. تقع على طريق البحر التاريخية.بالقرب من عسقلان، ولذا سميت أخصاص عسقلان. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير علم الدين سنجر الصيرفي الظاهري. وهي القرية الوحيدة التي منحها الظاهر في جنوب فلسطين. في القرن السادس عشر كانت تابعة للواء غزة. بقيت عامرة حتى عام 1948.

29. قَفّين: تقع في الشمال الشرقي من طولكرم وعلى مسافة 22 كيلو مترًا منها. منح الظاهر بيبرس نصفها إلى الأمير ركن الدين بيبرس المغربي.

30. كفر راعي: تقع في الشمال الشرقي من طولكرم. أو في الجنوب الغربي من جنين على مسافة 23 كيلو متر منها. منحها الظاهر بيبرس لأميرين هما: الأمير شجاع الدين طغربل الشبلي أمير مهمندار والأمير علاء الدين كندغدي الحبيشي مقدم الأمراء البحرية.

31. كسفا: منحها الظاهر بيبرس بالتساوي لأميرين من أمرائه هما: الأمير شرف الدين بن أبي القاسم، والأمير بهاء الدين يعقوب الشهرزوري. وخربة كسفا تقع على بعد نحو أربعة كيلومترات إلى الشرق من مدينة راس العين، شمال مجدل يابا، بجوار قرية رافات، إلى الشمال من قرية دير بلوط.

32. برنيكية : وفي نسخة من مخطوطة كتاب السلوك برديكة. منحها الظاهر بيبرس مناصفة لأميرين هما: الأمير جمال الدين موسى بن يغمور استادار العالية والأمير علم الدين سنجر الحلي الغزاوي. يرى مصطفى مراد الدباغ أن القرية كانت تقع في ظاهر قرية جلجولية الجنوبي حيث تقوم خربة برنيقيا. أما النويري فذكر أن اسم القرية برويكة وهذا تحريف لبرديكة. نحن نرى أن برديكة هي قرية كفر قرع، حيث ما زالت نواة القرية تسمى حوش بردك. وخربة بريكة تقع في ظاهر قلقيلية الشمالي الغربي.

33. حانوتا: منح الظاهر نصفها للأميرعلم الدين سنجر نائب أمير جندار . وهي قرية تمتد أراضيها من أرسوف (قرية ’سيدنا’ علي بن عليل). وخربة حانوتا تقع على بعد نحو ثلاثة كيلو مترات للشمال من قلقيلية.

34. فَرْديسيا: تقع بجوار طيبة الاسم وصارت أحد أحيائها. منحها الظاهر بيبرس بكمالها إلى الأمير سيف الدين بيدغان الركني. كانت في تلك الفترة تابعة لقيسارية.

35. حَبْلة: تقع في الجهة الجنوبية الشرقية لقلقيلية، بين قلقيلية وخربة خريش. منحها الظاهر بيبرس لثلاثه من أمرائه، لكل منهم ثلثها، وهم: الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب الكرك، والأمير جمال الدين آقوش الدار الرومي، والأمير شمس الدين سنقر جاء الظاهري. وقد ذكر في كتاب التمليك أن حبلة تابعة لأرسوف.

36. جلجولية: تقع إلى الجنوب من قلقيلية. منحها الظاهر بيبرس لثلاثة من أمرائه بالتساوي، وهم: الأمير علاء الدين كشنغدي الشمسي الذي استشهد في حصار عكا سنة 690 هجرية ز ثم نقل إلى جلجولية ودفن فيها وقبره ما يزال معروفًا فيها. والأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح، والأمير بدر الدين بكتوت بجكا الرومي.
بعد ذلك وزعت الأوراق، فأخذ كل أمير نسخة من كتاب التمليك، وقد أحسن الظاهر بيبرس إلى قاضي دمشق شمس الدين أحمد بن خلكان وكان معجبًا بفصاحته وبلاغته، وأعطاه هدية.
حقائق واستنتاجات:
1. سلك الظاهر بيبرس في حملته طريق البحر التاريخية المسماة "فيا مارس". فسار من غزة إلى قرية أخصاص عسقلان، ومنها إلى رأس العين، متجهًا نحو الشمال، محررًا جميع القرى الواقعة على جانبي الطريق المذكورة، وعددها 36 قرية وضيعة. وقد وصل إلى أم الفحم شمالا التي كانت تابعة لإمارة قيسارية، وصارت لاحقًا في العهد العثماني تابعة لقضاء جنين. من الجدير بالذكر أن طريق البحر مرت في جلجولية والبرج ألحمر وشويكة ويما ثم في وادي عارة. وقد سلكتها القوافل والجيوش منذ عهد الفراعنة، وقد سميت بطريق البحر لأنها قريبة منه.

2. جميع القرى والضياع الواردة في كتاب التمليك تقع في فلسطين. ولا صحة لما يقوله الباحث الفرنسي، فيلكس ماريه أديل من أن القصير وأخصاص تقعان في شرق الأردن، فخربة القصير تقع بالقرب من النزلة الشرقية التابعة لقضاء طولكرم، وأخصاص تقع بالقرب من عسقلان. وكان الهدف من حملة الظاهر بيبرس القضاء على حكم الفرنجة في الساحل وظهر الجبل. وبمناسبة نصره المؤزر منح أمراءه والمقربين منه القرى التي حررها في تلك الحملة ذاتها، وليس في حملات أخرى.

3. جميع القرى المملكة تقع في منطقة المثلث الفلسطيني، معظمها تابع لقضاء طولكرم وقليل منها تابع لقضاء جنين ونابلس وحيفا. ما عدا قرية أخصاص الواقعة في الجنوب بالقرب من عسقلان التابعة لقضاء غزة.

4. ما منحه الظاهر بيبرس لأمرائه من القرى والضياع ورد في كتاب تمليك جامع. ولم أجد إشارة إلى أنه إقطاع ، لا إقطاع استغلال ولا إقطاع تمليك. كما أن كتاب التمليك ينص على أن من حق الإمير توريثه لولده وولد ولده من الأعقاب والذراري إلى آخر الدهر ويبقى إلى الأبد.

5. كان الفلاحون عند الفرنجة عربًا محليين، وعليه فقد استمر هؤلاء في عملهم لدى أمراء الظاهر بيبرس. لكن ليس من المستبعد أن يكون هؤلاء الأمراء قد أنابوا عنهم موظفين لإدارة شؤون القرى والضياع التي امتلكوها.

6. لقد أخطأ الباحث فيليكس أديل عام 1941 حين ذكر أن الصفراء تقع بالقرب من قيسارية، والصحيح أن الاسم محرف وأن المقصود الصبر الفوقا الواقعة بالقرب من قفين. والتصويب من النويري في نهاية الأرب، وهو أقدم من المقريزي.


مصادر ومراجع:
1. المقريزي، أحمد بن علي، كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق محمد مصطفى زيادة، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1936. تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418ھ/1997م.
2. النويري، أحمد بن عبد الوهاب، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق نجيب مصطفى فواز وحكمت فواز، دار الكتب العلمية، بيروت، 1424 ھ/ 2004م
3. العيني، بدر الدين محمود، حققه محمد أمين، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 1431ھ/ 2010م
4. الدواداري، عبد الله أيبك، كنز الدرر وجامع الغرر المعروف باسم الدرة الزكية في أخبار الدولة التركية، تحقيق أولرخ هارمان، القاهرة 1391 ھ/م1971
5. ابن عسال، مفضل بن أبي الفضائل، تحقيق محمد كمال السيد، دار سعد الدين للطباعة والنشر، ط1، 1438ھ/2017م
6. ابن عباس، شافع بن علي، حسن المناقب السرية المنتزعة من السيرة الظاهرية، تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر، ط2، الرياض، 1410ھ/1989م.
7. الدوادار المنصوري، الأمير ركن الدين بيبرس، زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، تحقيق دونالد س. ريتشاردز، الشركة المتحدة للتوزيع، 1419ھ/1998م.

التعليقات