من الجهة الشمالية الغربية لمدينة الناصرة، يقع أحد أسوأ شوارع المدينة والمنطقة، وهو الشارع الذي يصل بين المدينة وبين بلدة عيلوط المجاورة. وعلى الشارع ذاته يقع حيّ "كرم الصاحب"، التابع تنظيميًّا لبلدية الناصرة، لكنه يفتقر إلى أي "نظام"، إذ تكثر فيه مكبات النفايات غير المنظّمة، حتى أصبح سكان الحيّ يطلقون على كلّ مكبّ من مكبّات النفايات هذه، رقمًا محدّدا لكثرتها.
وقبل نحو شهرين، انتفض أهالي حي "كرم الصاحب"، الذي يسكن فيه أكثر من 8000 مواطن، بعد أن ضاقوا ذرعا بالوعود التي لا رصيد لها على أرض الواقع من قِبل المسؤولين في البلدية الذين قاموا بزيارة للحي قبل نحو عام، اطلعوا خلالها على الظروف المأساوية ومعاناة السكان فيه، دون إحراز تقدّم يُذكر، لذا فقد نظّم الأهالي تظاهرة أمام مبنى البلدية، رفعوا خلالها الشعارات المنددة بسياسة الإهمال والاستهتار التي تتّبعها البلدية منذ سنوات طويلة، واصفين حيّهم بأنه "منسيّ" ويفتقر للخدمات الأساسية وحتى لمقوّمات الحياة.
وكانت لجنة حي "كرم الصاحب"، قد دعت مؤخّرا إلى تظاهرة رفع شعارات، للاحتجاج وإسماع صوت أهالي الحي للإدارة وللمسؤولين في البلدية.
وقال رئيس لجنة الحي، حسني زعبي، الذي رافق مراسل "عرب 48"، زكريا حسن، إلى جولة في الحيّ، إن حيّه يفتقر للأرصفة والإضاءة، وشوارعه محفورة، وحفر تصريف المياه مسدودة إذا وجدت أصلا!
وأضاف زعبي: "بعد كل شكوى تقوم البلدية برصف بعض البقع من الإسفلت بينما لا تقوم بتعبيد شوارع الحي وحل مشاكله بشكل جذري بادّعاء أن الحي فيه الكثير من مخالفات البناء، وأنه على مرّ السنوات حدثت فيه تجاوزات تنظيمية غير قابلة للحل اليوم".
وتابع: "زار الحيّ وفد من البلدية، ضم القائم بأعمال الرئيس، محمد عوايسي، ونائب الرئيس، سمير سعدي، ومسؤول قسم النظافة، إياد بيومي، ومسؤول الأمن، عدوان كريّم، وأعضاء من البلدية، ولم يتم بعد الزيارة سوى تغيير بعض من مصابيح الإضاءة، أما كل ما يتعلق بالبنى التحتية والأرصفة وتصريف المياه وتوسيع الشوارع؛ فكل شيء بقي على حاله".
وفي أعقاب تظاهرات أهل الحيّ، قال زعبي: "تم بالتعاون مع عدد من أعضاء البلدية التنسيق وتعيين موعد لعقد جلسة بين لجنة حي كرم الصاحب ورئيس البلدية، علي سلام، إلا أن رئيس البلدية رفض المشاركة في الجلسة لأن لجنة الحي قامت بتنسيق الاحتجاجات مع المعارضة في البلدية".
وأعرب زعبي عن دهشته من تصرفات سلّام، قائلا: "ليس لدينا أي شيء ضد رئيس البلدية بشكل شخصي، بل على العكس؛ ففي الانتخابات الأخيرة، نال أغلبية أصوات أهل الحي التي تبلغ نحو 5 آلاف صوت، وهذا الكم من الأصوات من شأنه أن يقرر من سيكون رئيسا للبلدية، لكن ما نريده هو أن يعمل الرئيس على خدمة الأهالي وأن يدير البلدية بشكل سليم ويهتم بمطالب أهل المدينة".
وأضاف: "ما نراه اليوم هو استهتار رئيس البلدية بأهالي الحي وبمتطلبات هذا الحي المنسي، وإذا كان الرئيس يوجه اللوم للإدارة السابقة على أنها على مدار عقود لم تعالج قضايا أهل حي كرم الصاحب، نقول له إنه كان جزءًا من الإدارة السابقة وكان قائما بأعمال رئيس البلدية لسنوات طويلة".
وذهب زعبي إلى أبعد من ذلك قائلا إن لديه تسجيلات وصورا ووثائقَ تظهر أن بلدية الناصرة تستغلّ الحيّ كمكب للنفايات، موضحا أن في حوزته صورا لشاحنات البلدية وهي تلقي النفايات في الحي، كما قال إن هذه الصور ستُعرض أمام الجهات المختصة.
ونظرا لغياب شبكات تصريف المياه، قال زعبي إن العديد من بيوت الحي والمصالح التجارية فيه تغرق عندما تهطل الأمطار بغزارة.
وفي حديث لموقع "عرب 48"، قال محمود قدورة، وهو صاحب محلّ لبيع اللحوم في كرم الصاحب، إنه أقام مجمّعا على الطراز الحديث بتكاليف باهظة جدا، لكنه للأسف مع كل هطول للمطر بغزارة؛ فإن المياه تجتاح محله التجاري وتتسبب بأضرار للمحل. وعرض محمود أمام "عرب 48" شريط فيديو وصورا تظهر اجتياح مياه الأمطار لمجمعه التجاري في الحي.
من جانبه، قال القس عنان نجار، وهو أحد سكان الحيّ الذين يعانون من مخاطر الشارع الرئيسي المار بين الناصرة وعيلوط، في حي كرم الصاحب: "إن منطقتنا هنا حيث نسكن في أضيق المناطق على طول الشارع والتي تفتقر لوجود أرصفة، وبسبب ضيق الشارع نعاني العديد من المشاكل، وبخاصة أثناء عودة الطلاب من مدارسهم".
وأضاف نجار: "نعاني أيضا من مشكلة جمع النفايات التي تتمّ مرتين في الأسبوع، وبين المرة والأخرى تكون النفايات قد تجمعت بكميات كبيرة وتحملها الرياح إلى ساحات بيوتنا. وهناك مشكلة الإضاءة غير المتوفرة، والتي تشكل خطرا حقيقيا على أهالي الحي في ساعات الليل".
يُذكر أن حي كرم الصاحب، تتوفر لديه المؤهلات والمقومات ليكون أحد أجمل أحياء المدينة نظرا لاتساع مساحته، وجمال طبيعته، إلا أن كل بقعة واسعة فيه يتم تحويلها إلى مكب للنفايات وتصبح بعد شهور أو سنوات مكرهة بيئية واسعة!
تعقيب البلدية
بدوره، قال الناطق بلسان بلدية الناصرة، سالم شرارة، لـ"عرب 48"، إن "البلدية تمد يدها للأهالي للتعاون ولتفهم ظروف الحي الذي شهد عبر سنوات طويلة بناء عشوائيا، في عهد الإدارات السابقة، وإن المشكلات التي خلفتها هذه الفوضى لها جوانب تخطيطية وتنظيمية وقانونية، والبلدية تعمل كلّ ما بوسعها لتوفير حلول على الرغْم من الصعوبات والتعقيدات الموجودة".
وأضاف شرارة: "عُقدت جلسات مع لجنة الحي، وبدأت البلدية بأعمال التطوير وتعبيد شارع الناصرة- عيلوط، وهو شريان حي كرم الصاحب، إلا أن الظروف غير الاعتيادية التي تشهدها البلاد والعالم لا بد أنها أثرت على تدفق الميزانيات للبلدية لإتمام أعمال التطوير في الحي".
وختم شرارة بالقول، إن "مكاتب البلدية، بتخصصاتها المختلفة ومكتب الرئيس، (علي سلّام) مفتوحة أمام أهالي الحي للتعاون وإيجاد الحلول معا".
التعليقات