موجة غلاء... البلدات العربيّة المتضرّر الأكبر

تشهد البلاد موجة غلاء أسعار حادّة مع بداية العام الجديد، إذ تضاعفت أسعار بعض المنتجات، وبضمنها منتجات رئيسية كالخبر والسكّر، بالإضافة إلى المشروبات الخفيفة والغازية، والمُنتجات البلاستيكيّة أحاديّة الاستخدام، الأمر الذي ينمّي مخاوفَ أنّ تكون البلدات العربيّة، المتضرّر الأكبر.

موجة غلاء... البلدات العربيّة المتضرّر الأكبر

داخل أحد المحال التجارية في الناصرة ("عرب 48")

تشهد البلاد موجة غلاء أسعار حادّة مع بداية العام الجديد، إذ تضاعفت أسعار بعض المنتجات، وبضمنها منتجات رئيسية كالخبر والسكّر، بالإضافة إلى المشروبات الخفيفة والغازية، والمُنتجات البلاستيكيّة أحاديّة الاستخدام، الأمر الذي ينمّي مخاوفَ أنّ تكون البلدات العربيّة، المتضرّر الأكبر، وبخاصة صغار التجار العرب.

وفي حديث لموقع "عرب 48"، قال مدير مركز الأغذية "سيتي ماركت" في مدينة الناصرة، عصام فرح، إنه سيحرص على ألا يكون المستهلك العربي والمجتمع العربي أكبر المتضررين من موجة الغلاء هذه.

وأضاف فرح: "نحاول بشتى الطرق البحث عن إمكانيات للتخفيف من العبء على جيب المستهلكين من زبائننا، من خلال توفير البدائل المناسبة والملائمة، ليس هذا فحسب لا بل إننا ندرس إمكانية عدم التعامل، أو تقليص التعامل إلى الحدّ الأدنى مع الشركات التي تقوم برفع الأسعار بشكل غير مبرَّر ودون وجه حق. لأن ما يهمنا هو مصلحة زبائننا والحفاظ عليهم".

داخل أحد المحال التجارية في الناصرة ("عرب 48")

ويرى مراقبون أن السوق العربي سيكون المتضرر الأكبر وخاصة صغار التجار وأصحاب الحوانيت المنتشرة في الأحياء، وذلك نظرا إلى أن شبكات الأغذية الكبيرة، تحصل على العديد من الامتيازات والتسهيلات من الشركات المنتِجة، فضلا عن أنها تمتلك مخزونا كبيرا من المواد التي تمّ رفع أسعارها، يمكنها أن تستفيد منه وتضاعف أرباحها، في حين أن التاجر المحدود لا يمكنه ولا بأي شكل من الأشكال أن ينافس هذه الشبكات.

"لا بدّ أنّ تغييرا سيطرأ على سلوك المستهلِك"

وعن سلوكيات المستهلك العربي إزاء موجة رفع الأسعار، قال أحد العاملين في قسم المشروبات، في أحد محال الناصرة، إنه من "السابق لأوانه تقييم سلوك المستهلك إزاء هذه الموجة غير المسبوقة من ارتفاع الأسعار"، مشيرا إلى أن الصورة "ما تزال غير واضحة".

وأضاف العامل الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "معظم الناس لا يزالون يعيشون أجواء العيد، ومن حسن حظهم أن مشتريات العيد سبقت موجة الغلاء هذه، لذلك فإنهم لم يستوعبوا حتى اللحظة هذا التغيير. نحن في الوقت الحالي ما زلنا نقوم بعملية تعديل الأسعار".

وذكر أنّ "موجة الغلاء لا تقتصر على شركة واحدة أو منتج واحد وإنما على عشرات المنتجات، ولا بد من تغيير سيحصل على سلوك المستهلِك إزاء هذه الموجة (من الغلاء)، ونحن بالتالي نقلق على راحة زبائننا ونقوم بخطوات كنت أسميها ’إبداعية’ لعدم تضرر جيب المستهلك، وبخاصّة ذلك الذي يعيل عائلة بأكملها".

وقال إن "الشيء الوحيد الذي يحيّرني هو حالة الصمت في المجتمع إزاء ما يحدث في السوق من غلاء، والذي قد يجد إزاؤه العامل البسيط أو الأجير، نفسه غير قادر على توفير الاحتياجات الأساسية لبيته وأسرته"، مضيفا أنه "يجب أن يكون هنالك تحرُّك جماهيري لوقف هذه الموجة، كما حدث في بلدان عديدة في العالم حين تم رفع سعر الخبز فيها".

وبدأت مواقع التواصل الاجتماعيّ، تشهد انطلاق حملات تدعو إلى مقاطعة الشركات التي قامت برفع أسعار منتجاتها.

عصام فرح، مدير مجمع "سيتي ماركت"

ارتفاع مفاجئ

وقالت رلى خوري وهي أمّ لثلاثة أبناء، من سكان مدينة الناصرة في حديث لـ"عرب 48" إنها "فوجئت برفع أسعار الخبز أيضا، وهو ما لم يجرِ الحديث عنه في الأيام الماضية".

وأضافت خوري: "بالنسبة لي فإنني لا أختصر في المواد الغذائية، وحتى لو بلغ سعر رغيف الخبز الواحد عشرة شواكل فإنه يبقى أساسيًّا، لكن الوضع الراهن وموجة الغلاء هذه تستدعي إدارة شؤون البيت بنظام جديد، وأرى أن التوفير سيكون (على حساب) مصاريف الترفيه (كالتنزّه)".

رلى خوري

وقالت خوري: "من جهتي، إنني على استعداد للتوفير في شراء الملابس والسفر إلى الخارج والخروج للترفيه، ولكن لن أتوقف عن شراء مشروبات يستهلكها أولادي، حتى وإن تضاعف سعرها"، لافتة إلى أنها ترفض الانتقال إلى شراء البدائل الأقلّ جودة، وأنها حريصة على شراء المنتجات عالية الجودة.

"ردّة فعل قاسية"

من جانبه، قال سهيل شمشوم وهو صاحب مجمع "شمشوم ماركت" والواقع في أحد أحياء الناصرة، إنه يرى أنه "ستكون هنالك ردة فعل قاسية على أصناف من المنتجات التي ارتفع سعرها، تماما كما كان سلوك المستهلك إزاء رفع أسعار الأدوات أحادية الاستعمال قبل نحو شهرين، وقد لوحظ تراجع استخدام هذه المنتجات، وهذا بالمحصلة هو هدف الدولة والحكومة من رفع أسعار الأدوات أحادية الاستعمال، من أجل الحفاظ على جودة البيئة".

وأضاف شمشوم: "هنالك بدائل لهذه المنتجات وهي أدوات مصنوعة من القصب ومن خشب النخيل، هي أيضا أحادية الاستعمال وبجودة عالية... لكن بالمقابل طرأ اليوم غلاء على السكر والمشروبات الغازية، وحسب رأيي هي ضربة موجعة للجيب لكنها مفيدة للصحة، ونحن بحاجة إلى المزيد من الوعي لأضرار هذه المنتجات التي تحتوي كميات كبيرة من السكّر، فحتى وإن كان هذا الكلام من الغريب أن يصدر عن صاحب مصلحة تجارية كبيرة، لكن هذا رأيي الشخصي".

("عرب 48")

وأضاف شمشوم: "هنالك نوع من التجاهل وعدم الاكتراث لرفع الأسعار، ونحن نذكر في الماضي حينما تمّ رفع أسعار السجائر ومشتقاتها، فإن استهلاك السجائر لم يتراجع، وبقيت معدلات التدخين على حالها، وارتفاع أسعار السجائر في حينه كان كبيرا جدا، وقد تضررت جيوب الناس، في حين لم يتضرر الاستهلاك، بل على العكس، فقد ازداد".

سهيل شمشوم، مدير مجمع "شمشوم ماركت"

وعَدَّ شمشوم أنّ المنتجات التي ارتفعت أسعارها، "ليست منتجات أساسية من الدرجة الأولى"، قائلا: "دعنا نضع الأمور في نصابها الصحيح، ما نشهده اليوم من ارتفاع في الأسعار لا يشمل المنتوجات الأساسية، وإنما تُصنَّف في دائرة ’الكماليات’ فالمشروبات الغازية ليست أساسية ولا السجائر ولا الأدوات أحادية الاستعمال، وهنالك بدائل لهذه الكماليات، وأحيانا (يكون) التخلي عنها أكثر فائدة من استهلاكها، وحتى الآن لم يصلنا تعديل سعر بالنسبة للطحين والسكر والحليب والبيض".

ورأى شمشوم أن "السبب الأساسيّ للغلاء، يكمن في موضوع الشحن والنقل من الخارج إلى البلاد، وهو ما أثقَل على كاهل العالم، وهو ضريبة جائحة كورونا. ومن خلال تحليل بسيط نستنتج بأن العالم يريد أن يحمّل الصين المصاريف والخسائر التي سببتها جائحة كورونا، لكن بالمقابل يبدو أن الصين توصل رسالة للعالم مفادها ’لا تتسرعوا فأنتم بالتالي من سيدفع الفاتورة’، بالأسلوب الذي نشهده اليوم".

التعليقات