05/02/2023 - 18:13

متفوّقون رغم الفقر

لقد وصلت أوضاعنا إلى ما هي عليه، نتيجة للعنصرية، وعلينا أن نتعامل مع هذه الحقيقة بوعي سياسي واجتماعي، وأن نقرر النصر في هذه المعركة.

متفوّقون رغم الفقر

أطفال يلهون في النقب (توضيحية - Getty Images)

أعرب مجلس سلامة الطفل في إسرائيل، عن قلقه من معطيات نُشرت قبل أسبوعين عن أوضاع الطفولة في إسرائيل. ورأى المجلس أن الوضع سيكون أسوأ في السنوات القادمة.

جاء في الدراسة إحصائيات تقول إن عدد الأطفال الفقراء في إسرائيل أكثر من 833 ألف طفل، هؤلاء يعيشون تحت خط الفقر ،وأما نسبة العرب منهم في 49%.

تقرير مجلس سلامة الطّفل يتحدث عن الفترة بين 2019- 2021، ويُظهر ارتفاعا حادا في شتى المواضيع التي تخصّ الطفل وسلامته، إذ ارتفع عدد الأطفال الذين احتاجوا إلى الخدمات الاجتماعية ليصل إلى 432 ألف طفل، وهنالك ارتفاع للعنف في داخل العائلة، وفي الاعتداءات الجنسية وفي حالات الاكتئاب والرُّهاب، وارتفعت نسبة أولئك الذين توجّهوا إلى أخصائي نفسي للعلاج أو تلقي توجيات، وارتفع عدد الفتيان الذين يعيشون بلا عمل ولا تعليم، أي أنهم بدون إطار محدّد من سن 15 إلى 17، وبلغ عددهم 29800، وهنالك ازدياد في أعداد من حاولوا وضع حد لحياتهم حوالي 1042 حالة.

وإذا كانت نسبة الفقر عند العرب هي الأعلى، فيمكن أن نسّجل كذلك أن نسبة العرب هي الأولى في المجالات الأخرى التي جاءت في التقرير.

طبيعي أن تكون نسبة القلق والرُّهاب أكبر في مجتمع يمارَسُ فيه العنف على الكبار والصغار بشتى الصور، وأشدها حدةً؛ إذ إن جرائم القتل باتت وباءً يضرب مجتمعنا.

النتيجة التي توصّل إليها مجلس سلامة الطفل، هي أن المستقبل الذي ينتظر الأطفال ليس زاهرًا، وهذا يعني أن مئات آلاف الأطفال سيمرّون في شتى أصناف الضائقات، وسيكون نصفهم أو أكثر من العرب.

نضيف إلى إحصائيات مجلس سلامة الطفل أن مئات آلاف الأطفال العرب، يعيشون في بيوت غير مرخصة ومهددة بالغرامات وحتى الهدم، ويتعلم أكثرهم في مدارس مكتظة، وبدون خدمات إسعاف وإطفاء في معظم البلدات العربية.

نضيفُ إلى أنَّ الاكتظاظ في القرى والمدن العربية هو حاضنة ليس فقط للفقر، بل لكل الموبقات الاجتماعية الأخرى بمختلف أشكالها.

صحيح أن جبالا من المشاكل تنتظر آلاف الأطفال من اليهود والعرب، ولكن للعرب الحصة الأكبر من الآلام في مختلف صورها، لأن الجريمة الأساسية ليست في طريقها إلى الحل، وهي سياسة العنصرية التي لن تتغيّر في المستقبل المرئي، بل متجهة إلى الأسوأ.

لكن رغم الفقر وكل العوائق، إلا أننا نرى أجيالا من الأطفال العرب المبدعين. نرى فتيةً من أبناء الفقراء يتعلّمون ويصلون إلى أعلى المراتب، وينقذون عائلاتهم من الفقر والحاجة، ويحوِّلون ضعفهم إلى قوة.

على أبناء شعبنا أنفسهم تقع مسؤولية أخذ زمام المبادرة في مجالات كثيرة نستطيع من خلالها أن نعوِّضَ ما تبخلُ به السلطات على أطفالنا وذويهم.

بإمكان الميسورين من أبناء شعبنا مساندة الجمعيات الداعمة لطلاب العلم، ومدّ يد العون بحيث يكون مجتمعنا أقرب إلى التكافل فيشدُّ بعضُه بعضًا. علينا أن نتحمّل المسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه الأجيال القادمة، من خلال الإدراك بأن الضائقة والفوضى والعنف وغيره هي أسلحة موجّهة ضد مجتمعنا لتفتيته وضرب مناعته، ثم تسهيل كل عمل سلطوي مبيّت يستهدفه، والتسبُّب إلى هجرة أكبر عدد ممكن من الشباب، ولهذا، فالحلّ لن يأتي من مسبّب المشكلة أي السلطة.

بإمكاننا أن نجعل من الصَّبر والتسامح نهج حياة في مواجهة الصدامات اللفظية والمناكفات والاستفزازات.

علينا الإسراع إلى إطفاء أي بؤرة نعتقد أنها قد تكون سببًا في عنف أو صدام بين أفراد أو مجموعات.

علينا تقع مسؤولية صلة الأرحام التي تعني التكافل الاجتماعي إلى جانب الواجب الديني والأخلاقي.

علينا التعاون مع الجيران، ومعالجة أي مشكلة تنشأ من خلال التفاهم والحوار والوسطاء إذا لزم الأمر، وأن نتجنب ما يؤدي إلى قطيعة أو عنف، كي نستطيع الصُّمود وإزالة العقبات من طريق الأجيال الصاعدة.

علينا أن نحترم عقائد الآخرين الدينية فشعبنا مؤلف من طوائف، وأن يكون شعارنا الدين لله والوطن للجميع.

لقد وصلت أوضاعنا إلى ما هي عليه، نتيجة للعنصرية، وعلينا أن نتعامل مع هذه الحقيقة بوعي سياسي واجتماعي، وأن نقرر النصر في هذه المعركة.

اقرأ/ي أيضًا | الهدف هو السُّلطة في رام الله

التعليقات