05/10/2008 - 09:54

حكاية الزرزور والغراب؟!../ نواف الزرو

حكاية الزرزور والغراب؟!../ نواف الزرو
ليفني أم موفاز...؟
ليفني أم نتنياهو...؟
ليفني أم باراك...؟
ليفني أم ديختر...؟
تصوروا إلى أين ينحدر مستوى اولئك الذين يطلون علينا بالمفاضلة ما بين قيادات "كديما" و"العمل" و"الليكود"....!
ويربطون بهم إلى حد كبير مستقبل تلك المفاوضات العقيمة والتسوية المزعومة ومستقبل القضية والحقوق...!.

ففي ذروة الصراع بين المتنافسين على خلافة أولمرت على زعامة كديما ورئاسة الحكومة، طلع علينا مسؤولون فلسطينيون ليقولوا "إن عملية السلام قد تتواصل في حال فوز ليفني برئاسة كديما ومن ثم تشكيلها الحكومة"، إلا أنهم أشاروا إلى "أن المفاوضات أمامها مستقبل ضبابي في حال تشكيل موفاز للحكومة، ومستقبل أسود حال تشكيل الحكومة من قبل نتانياهو/ سما 2008/8/4 /.

وذكر الصحافي الإسرائيلي دافيد بديان للمجلة الأمريكية ( فلدلفيا بولتين )لاحقا "أن رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني احمد قريع قال بأن السلطة الفلسطينية تتمني أن تفوز وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني علي منافسيها للانتخابات الداخلية لحزب كديما وهما شاؤول موفاز وآفي ديختر/ الخميس 11 /9 / 2008 ".

وحسب الصحيفة فان أبو علاء قال في اللقاء: "إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني اقرب في مواقفها السياسية للسلطة الفلسطينية"...!
وها قد لبت نتائج الانتخابات الداخلية لكديما أمنية أبو علاء ومن تمنى لها الفوز، إذ فازت ليفني على موفاز/ عــ48ـرب -18/09/2008 ".

-فهل تلبي ليفني يا ترى أمنيات المفاوض الفلسطيني في قضايا المفاوضات...؟!
- والى أي مدى يمكن المراهنة إذن على أن ليفني أفضل للفلسطينيين من الآخرين..."!
- وهل ستكون فعلا مختلفة عنهم حينما تصبح رئيسة للحكومة الإسرائيلية فعليا ...؟!.
- وحينما يتعلق الأمر بالقضايا والحقوق والاستقلال الفلسطيني...؟.
- ألا يقرأون مواقفها وتصريحاتها وبرنامجها السياسي تجاه كل الملفات الفلسطينية والعربية الإستراتيجية ...؟!
يعيدنا هذا المشهد العبثي إلى الوراء قليلا، لنستحضر في هذا السياق حالة استثنائية في الخريطة السياسية الإسرائيلية يقاس عليها دائما عند قراءة تطورات المشهد السياسي الإسرائيلي وحينما يريد احد ما أن يفاضل ما بين صقورهم وحمائمهم...!

فقد كان شارون وبيريز في انتخابات/2005 آخر الزعماء التاريخيين للحركة الصهيونية، وآخر جيل المؤسسين للدولة الصهيونية، وما جمع ما بينهما آنذاك من قواسم مشتركة أكثر بكثير مما كان يفرق بينهما، ولهذا توقعت معظم التحليلات السياسية الإسرائيلية وغيرها أن يتوصل العجوزان إلى تفاهم واتفاق بينهما حول الخطوط السياسية الأساسية لحكومة شارون التي صادق الكنيست الإسرائيلي على تشكيلها (يوم الاثنين 10/1/2005) .
المراهنات الفلسطينية والعربية والدولية على بيريز كرجل سلام (وهو حاصل على جائزة نوبل للسلام) كانت دائما مرتفعة ومتفائلة، بل انه كان الخيار لدى الكثيرين.

فهل لعب بيريز مثلا دورا خاصا وفاعلا ومختلفا عن دور شارون..؟!
أم كان الوجه الآخر له..؟!.
وهل كانت المفاضلة بين بيريز و شارون موضوعية..؟!
من أهم الوثائق الإسرائيلية التي أكدت على تكامل شارون وبيريز في حينه، كان كتاب "الزرزور والغراب" للكاتب الصحافي الإسرائيلي المعروف "يائير كوتلر"، (الكتاب من ترجمة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار - وقدم عرضه الكاتب الصحافي الفلسطيني سعيد عياش).

يقول "كوتلر" في استهلاله للكتاب: "ليس صدفه أن الزرزور - ويقصد به بيريز - ذهب إلى الغراب - أي شارون -، فذلك لأنه من نفس جنسه (من أقوال الحكماء) .. فالخصوم لا يجتمعون تحت سقف واحد".
ويضيف "كوتلر" في كتابه الصادر عام 2002 قائلا: لن يكون من الغريب أو المثير للتساؤل أن نجد قريبا "الزرزور والغراب" يجلسان جنبا إلى جنب في حكومة واحدة مجددا( وهذا ما حدث لاحقا)، تجسد كل ما لا يزال يعتمل في صدر الرجلين العجوزين من نوستالجيا الماضي المشترك ورؤى وأفكار وتطلعات ورعبات وهواجس ميثولوجية صهيونية مشتركة القديمة منها والمتجددة".

فشارون وبيريز - كما يؤكد كوتلر – "ليسا خصمين على الإطلاق، بل العكس هو الصحيح، فهذا الثنائي متشابه كما لو كانا توأمين سياميين، فهما مرتبطان ببعضهما منذ عشرات السنين، عندما نشأت العلاقة بينهما في عهد رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون الذي يعتبر "المثل الأعلى" والأب الروحي المشترك للثنائي".

فالحقيقة الكبيرة الساطعة أن العجوزين البلدوزر - الغراب- والماكر - الزرزور – كانا يتفقان تماماً على الخطوط الأساسية في مجالات الاستعمار الاستيطاني التهويدي، وفي سياسات الجيش والأمن والردع العسكري والحروب المفتوحة، وكذلك في اللاءات الكبيرة تجاه الحقوق والمطالب الفلسطينية الاستقلالية وقصة المفاوضات مع الفلسطينيين في إطار سياسة العصا والجزرة".

وما بين العجوزين آنذاك وبين ليفني التي تلعب دور الزرزور، والجنرال موفاز وكذلك الجنرال باراك ومعهما نتنياهو، الذي يلعب كل منهم دور الغراب في المفاضلة مع ليفني، نعتقد أن تلك المبادئ التي جمعت ما بين شارون وبيريز ما تزال تشكل الخطوط الأساسية لأي حكومة إسرائيلية قادمة...!

كتب المحلل الإسرائيلي عكيفا الدار في هارتس 4 / 8 / 2008:" لا يحمل احد من المنافسين على خلافة اولمرت بشائر كبيرة، فكلهم شركاء في مراوحة عملية السلام وتفشي الاستيطان".

وعن احتمالات مواصلة وجدية ليفني في عملية المفاوضات قال مصدر سياسي إسرائيلي: "إذا أردنا انتظار السلام الذي ستصنعه ليفني فإننا سنضطر إلى الانتظار لوقت طويل، وسيستغرق هذا الأمر مع الفلسطينيين قرابة نصف قرن ومع السوريين هي ليست مستعدة للتحدث/ معاريف/2008/9/12".

ولذلك نقول دائماً : كما اخطأ المفاضلون في المراحل السابقة ما بين شارون وبيريز، أو ما بين باراك ونتنياهو، وقبل ذلك ما بين شامير ورابين وغيرهم، فان المراهنين والمفاضلين اليوم ما بين ليفني وموفاز أو باراك أو نتنياهو يقترفون خطيئة جديدة بحق فلسطين والقضية …!
فالأساس يكمن في القدرات الفلسطينية والعربية الذاتية…!

فما الذي نتوقعه في ضوء كل ذلك إذن من حكومة ليفني الآتية التي ستجمع على الأرجح ما بين "الزرزور والغراب" وسقفها "لاءات الإجماع السياسي الإسرائيلي" في القضايا والحقوق الفلسطينية الجوهرية الإستراتيجية التي تشكل ليس فقط مقومات الاستقلال والدولة الفلسطينية، وإنما أساس أي تسوية سياسية مأمولة لدى المفاوضين الفلسطينيين أيضا...؟!!

التعليقات