31/10/2010 - 11:02

أيقونة الإعلام الأمريكي و خلاصة الرواية!../ نواف الزرو

أيقونة الإعلام الأمريكي و خلاصة الرواية!../ نواف الزرو
يعتبرونها أيقونة الإعلام الأمريكي التي من المفترض أن ترتقي إلى مستوى قديسة لديهم...
مواطنة أمريكية عملت مراسلة صحفية وإعلامية كبيرة على امتداد العديد عشر إدارات أمريكية منذ عهد كنيدي في مطلع الستينيات....!
كانت مقربة ومستشارة إعلامية لهم على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن....
وفية معطاءة خبيرة محترفة بشهاداتهم..
غير أن كل هذا التاريخ لديها لم يغفر لها ولم يشفع أمام لحظة حق وحقيقة أطلقت فيها ما كانت تؤمن به طوال عمرها.

لم يغفر لها تاريخها وتراثها وعطاؤها وانتماؤها وخدمتها وولاؤها وبيتها الأبيض الذي قضت فيه العقود وعاصرت فيه الإدارات والرؤساء، فقد آلمت "إسرائيل" و"شعب الله المختار...".
إنها هيلين طوماس التي أجهزت دقيقة حقيقة واحدة عليها وعلى 60 سنة خدمة من عمرها...!.
أجهزوا عليها في الإدارة الأمريكية وفي العلاقات العامة وفي مكانتها الاجتماعية وكذلك في عمودها اليومي في صحيفتها.. حيث إحالتها مجموعة هيرست نيوز سيرفس -التي تعمل لديها كاتبة عمود إلى التقاعد وشطبتها من سجل الكتاب..

تصوروا حجم العقاب والانتقام ..
فقد تجرأت هيلين على التعليق على جريمة "إسرائيل" ضد أسطول الحرية، قائلة:"تذكر أن هؤلاء الناس (الفلسطينيون) تم احتلالهم، وهي أرضهم، ليست ألمانيا ولا بولندا"، وقالت بإمكانهم (الإسرائيليون) أن يذهبوا إلى ألمانيا وبولندا وأميركا أو أي مكان آخر"، مضيفة: "فليرحل اليهود إلى بلادهم، وليتركوا البلاد للفلسطينيين فهم أهلها وأصحابها"..

هي لم تنطق كفرا.. بل نطقت عدلا- ربما صحوة ضمير متأخرة ولكنها كبيرة الأهمية هنا-بعد أن صمتت دهرا...!
فاختزلت مجلدات ضخمة في الصراع بعبارة واحدة مكثفة مفيدة، فقدمت للعالم خلاصة الرواية واصل القصة والقضية والصراع..
طلبوا منها الاعتذار الواضح الصريح فلم تستجب...
حتى الرئيس أوباما يعرب عن ارتياحه بالتخلص منها: "من المؤسف أن تنهي سيرة حياة امرأة مؤسسة في واشنطن بهذا الشكل... فأقوالها مرفوضة وآمل أن تكون هي تدرك ذلك"، مضيفا: "إن ملاحظات توماس لم تكن في محلها، مؤسف أن تنهي سيرتها هكذا رئاسية".

لم تكن هذه الحالة الأولى من نوعها، فهم في الدولة الصهيونية والإدارة الأمريكية يربطون ربطا واضحا وقويا ما بين جرأة الانتقاد لممارسات وجرائم "إسرائيل"، وما بين فزاعة اللاسامية والإرهاب؟، فهيلين تحولت بسرعة ضوئية إلى معادية للسامية... هذه الفزاعة التي من وجهة نظرهم تطل برأسها بقوة تقلق "إسرائيل" وتحد من حريتها الإجرامية..!

وهم حينما يتحدثون عن اللاسامية إنما يقصدون بها أولئك القادة أو الساسة أو المفكرين أو العلماء أو الإعلاميين أو حتى على مستوى الرأي العام، الذين يتجرأون على انتقاد ممارسات وجرائم "إسرائيل"، وهيلين هنا تشكل الحالة الأبرز.

الباحث الفرنسي"باسكال يونيفاس" رئيس معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية وعضو اللجنة الاستشارية للأمين العام للأمم المتحدة في قضايا "نزع التسليح" كان لخص لنا في كتابه: "من يجرؤ على انتقاد إسرائيل" الخلفيات والخفايا والمضامين الحقيقية ل"اللاسامية" حيث يقول: "هناك دولة واحدة فقط هي دولة إسرائيل يؤخذ النقد الموجه إلى حكومتها على أنه عنصرية مقنعة أو عنصرية لا تعلن عن نفسها صراحة، وإذا سمحت لنفسك بالتشكيك في سياساتهم فستتهم على الفور بالعداء للسامية، كما تقوم الحكومة الإسرائيلية باستغلال قصة العداء للسامية لخدمة أغراض أخرى عندما تجد نفسها في مأزق أمام المجتمع الدولي".

وفي هذا الصميم نذكر: ربطوا غولدستون صاحب التقرير المشهور الذي طالب بتقديم جنرالات الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية باللاسامية أيضا، فوزير الإعلام الإسرائيلي يولي ادلشتاين اتهم تقرير القاضي غولدستون بمعاداة السامية، فقال على موقع "يديعوت احرونوت" على الانترنت" إن تقرير غولدستون هو مجرد تعبير عن معادة السامية".

وحيث أن أوسع وأشد الانتقادات لجرائم "إسرائيل" جاءت على لسان رئيس الوزراء التركي اردوغان، فقد خصصت الخارجية الإسرائيلية تقريرا خاصا ضده يتهمه باللاسامية، فأصدرت تقريرا حول العلاقات مع تركيا وزعته على وزراء المجلس الأمني السياسي السباعي، وممثليات إسرائيل في الخارج، "يوجه انتقادات شديدة للحكومة التركية ولرئيس الوزراء أردوغان ويتهمه بأنه يحرض ويشجع "اللاسامية"، وأعد التقرير على يد مركز البحوث السياسية التابع لوزارة الخارجية، الذي يعتبر الجهة المسؤولة عن التقديرات الاستخبارية في الوزارة، ووزع للمثليات إسرائيل في الخارج ولوزراء السباعية بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وتنسحب المضامين والتداعيات أعلاه على الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي وجه انتقادات جريئة للسياسات العنصرية الإسرائيلية حيث أكد في كتابه" فلسطين..السلام وليس الفصل العنصري": "إن الفلسطينيين يتعرضون إلى تمييز عنصري أكثر مما تعرض له الأفارقة في جنوب إفريقيا في عهد نظام الابارتهيد"، فاعتبر مركز فيزنتال الصهيوني "إن جيمي كارتر أصبح احد أشرس منتقدي إسرائيل"، و"المتحدث الافتراضي باسم القضية الفلسطينية".

..............
...............

وهكذا.. كلما دق الكوز بالجرة في قصة "إسرائيل" و"الاحتلال الإسرائيلي" وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والقرصنات التي تقترفها "إسرائيل" بالبث الحي والمباشر أمام الملأ ضد الشعب الفلسطيني، وكلما تجرأ مسؤول كبير أو مفكر أو باحث أو إعلامية كبيرة مخضرمة كابنة البيت الأبيض، على توجيه الانتقادات لممارسات الدولة الصهيونية، تتحرك اللوبيات ومراكز النفوذ والتأثير وتطلق مدافع الإعلام الأمريكية - الصهيونية نيرانها الثقيلة باتهام ذلك القائل أو تلك الجهة بالعنصرية ومعاداة السامية..

تصوروا.. أن كل من" يتجرأ" على رؤية الجرائم الصهيونية يتهم بالعنصرية ومعاداة السامية، وأصبح يتهم منذ عهد الرئيس بوش بالإرهاب أيضا، والمؤسف أن إدارة أوباما التي علقت عليها آمال لدي الكثيرين تواصل النهج ذاته...!

التعليقات