31/10/2010 - 11:02

إتفاق الدوحة: سقوط المراهنة على الإمبرياليين../ عوض عبد الفتاح

إتفاق الدوحة: سقوط المراهنة على الإمبرياليين../ عوض عبد الفتاح
لا نعرف ما اذا كان اتفاق المصالحة اللبنانية في الدوحة هدنة مؤقتة ام إتفاق دائم يطوي من خلاله اللبنانيون صفحة الأزمة التي عصفت بلبنان على مدار الثلاث سنوات الاخيرة، أي منذ اغتيال رفيق الحريري. ونحن الفلسطينيين في الداخل، وكجزء من الأمة العربية، ومن كل المستويات، تفاعلنا باستمرار مع هموم الشعب اللبناني وحركته الوطنية المقاومة، وطموحاتهم بالحياة الحرة الكريمة وبعيداً عن الهيمنة الصهيونية والأمريكية وبأن يكونوا جزءاً فاعلاً ومؤثراً في حياة الأمة العربية.

وقد ازداد هذا التفاعل في ضوء صمود المقاومة اللبنانية أمام عدوان تموز 2006، وما أحدثه هذا الصمود من تداعيات وآثار سياسية معنوية وأبعاد إستراتيجية على مستوى المواجهة مع المشروع الصهيوني – الامريكي في المنطقة العربية.
وبطبيعة الحال فإن كل عربي يحمل هموم هذه الامة يشعر بالارتياح إزاء ما توصل اليه الفرقاء وذلك للاسباب التالية:

اولاً -: إجهاض المؤامرة الامريكية – الاسرائيلية باشعال حرب مذهبية وطائفية في هذا البلد العربي، وبالتالي انقاذ اللبنانيين من هذا الخطر المدّمر. وذلك بفضل العملية الجراحية السريعة التي نفذها حزب الله وبقية أطراف المعارضة اللبنانية في بيروت الغربية والجبل.

ثانياً -: إعادة التوازن (نسبياً) الى الخريطة السياسية اللبنانية – والذي يعني، بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، نزع الأغلبية العددية من الفريق الحاكم، واعطاء المعارضة حق النقض لقرارات الحكومة.

ثالثاً -: الاتفاق يُعّد مكسباً للمعارضة ولحلفائها الإقليميين سوريا وايران مقابل حلفاء الفريق الحاكم الدوليين والاقليميين وان كان هؤلاء الحلفاء سيواصلون تحريضهم ومخططاتهم ضد المقاومة وضد أي مشروع عربي وحدوي قطري أو إقليمي.

رابعاً -: سقوط المراهنات على أعداء الأمة وعجز الامبراطورية الأمريكية عن تقديم المساعدة والعون لحلفائها المحليين عندما يواجه هؤلاء بإرادة شعبية وطنية صلبة.

ويمكن القول انه باستثناء قانون الانتخاب الذي قال عنه رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق سليم الحس وبحق، انه كرس التقسيم الطائفي بدل وضع المقدمات للانتقال بالحالة السياسية في لبنان لتكون قائمة على المواطنة والانتخابات النسبية. بدل المراوحة في الحالة الطائفية، فإن الاتفاق إنجاز هام.

على اية حال، تلك هي المكاسب الاربعة الاهم التي تم تحقيقها بنظرنا، من خلال هذا الاتفاق والذي لم يكن ليحصل لولا العملية الميدانية السريعة والاستباقية، رغم ما تركته من ضحايا، التي نفذتها المعارضة والتي دفعت القوى الاقليمية والدولية الحليفة للفريق الحاكم الى التراجع والسماح لان يتم التوصل الى الاتفاق. فالفريق الحاكم لم يكن ليستجيب لضغوط امريكا بعرقلة التوصل الى اتفاق المصالحة طالما تعجز هذه الامبراطورية بقيادتها المغامرة عن تقديم دعم عسكري فعلي.

فالمدمرة الأمريكية التي أرسلت قبال الشواطئ اللبنانية لتقديم الدعم المعنوي لفؤاد السنيورة بدل الدعم الفعلي والاشادة به من قبل بوش " كرجل شجاع " كانت مبعث احباط وخيبة امل لديه ولفريقه، ومن أسباب التسليم بالامر الواقع.

ونأمل ان تكون هذه التجربة عبرة دائمة لكل من يواصل الرهان على العدو الخارجي، عدو الشعوب العربية وتطلعاتها، لأن هذا العدو لا يريد الا مصالحه. ولم تكن من مصلحة هذا العدو، وليس لديه القدرة، على التورط في ساحة بلد عربي هو لبنان، بعد تورطه في العراق وكذلك في افغانستان بسبب اصطدامه بمقاومة عنيدة.

هكذا يمكن القول إن لبنان الذي كان من المفترض أن يكون في المخطط الأمريكي محطة مفصلية في إحداث التغيير الجذري في الخريطة السياسية اللبنانية كجزء من خريطة الشرق "الأوسط الجديد" يستعصي مجدداً على الحسم الأمريكي. وبالتالي يبقى عبر مقاومته، مصدر الهام لشعوب المنطقة وحركات تحررها.

التعليقات