* من ضمير إنساني حي لم تشوهه المصالح، ومبدئية يسارية مثابرة لم يجد الانحراف والتهافت طريقاً إليها، وإيمان مسيحي صادق وعفوي كفقراء أميركا اللاتينية، تنبع السياسة التي تنتهجها القيادة الفنزويلية وفي مقدمتها الرئيس هوجو شافيز.
ولا أكتب هذه الكلمات التي أعني كل كلمة بل كل حرف فيها من باب الاحترام والتقدير الكبيرين اللذين أكنهما لهذه القيادة الشجاعة فقط، بل كخلاصة لتتبعي لمجموعة القرارات والإجراءات التي اتخذتها منذ توليها القيادة في البلد الصديق "فنزويلا" البعيد عنا في الجغرافية والقريب جداً من قلوبنا.
وسواء اتصلت هذه القرارات والإجراءات بالشؤون الداخلية لفنزويلا، أو القارية (الأميركية اللاتينية) أو الدولية، فقد عبّرت وبشكل متوالٍ ومتسق، عن روح حرة ثائرة ترفع بثبات وتصميم راية ما انطلقت من أجله: العمل بإخلاص لأجل شعبها وقارتها والإنسانية المستضعفة.
روح جبلها الإيمان الراسخ بما نسميه في العربية: "مكارم الأخلاق" أي القيم النبيلة العليا المشتركة بين بني البشر: الحرية، والعدالة، والنجدة، والمساواة، والمعروف...
وهي قيم قاتل من أجلها وأكد عليها أحرار العالم وأجيال المناضلين الأميركيين اللاتينيين وفي الطليعة والريادة منهم القائد العظيم "سيمون بوليفار" الذي تعتز القيادة الفنزويلية بحمل ميراثه الكفاحي وإبقاء شعلة مبادئه وأفكاره متقدة وهّاجة.
* * *
وما من داعٍ هنا للتذكير بهذه الأجيال والأفكار ورموزها القيادية، فقد سبق لي وأن خصصت لها من قبل مقالة بعنوان "معنى الكرامة: درس من شافيز".. لكن ما يستدعي التذكير مجدداً ودائماً، هو هذا النداء الحار لتضامن مقاومي الإمبريالية والاستعمار والاستغلال والعنصرية، الذي تؤكد عليه وتعززه باستمرار سياسات ومواقف الرئيس شافيز وحكومته. وهو ما أفصح عنه بجلاء وزير خارجيته السيد "نيكولاس مادورو" في حواره مع قناة الجزيرة الفضائية فجر يوم 10-1-2009م، الذي بيّن كم هي المسافة قريبة بين من تجمعهم الأفكار والمثل مهما تباعدت بينهم الأماكن. وذكرتنا مواقف بلاده المشرفة بأيام خوالٍ زاهية كان العرب فيها أمة حية ناهضة بعزم، مفعمة بالشعور العميق باحترام الذات المصممة على تقرير وبناء مصيرها.. وتشارك البشرية المُعذَّبة والمقاومة في كل مكان آلامها وآمالها، وتقف معها بكرامة -كما يليق بالأحرار والحرائر- مؤيدة لنضالها التحرري العادل في فيتنام وكوبا والكونغو وسائر البلدان...
* * *
ورغم أن الماضي لا يعود، إلا أن وقائعه وأيامه المجيدة لا تطوى ويلقى بها في سلة المهملات كأوراق "الروزنامة".. بل تظل مبعث إلهام وتحريض للانطلاق مجدداً...
وإذا كان هوان وبؤس حاضرنا معيباً، فإن العيب كل العيب أن تستكين أمتنا لهذا البؤس والهوان، وأن ترضى به كقدر مقيم.
ولعل هذا النهوض الشعبي العارم الذي أيقظته حرب الإبادة الإجرامية الصهيونية على غزة، أن يكون بشارة بما سيأتي.
* * *
مثلما أعرب وزير الخارجية الفنزويلي السيد "نيكولاس مادورو" –خلال المقابلة- عن رغبته في مصافحة المقاومين الفلسطينيين عندما يلتقيهم كأخ؛ فإننا نرد له ولبلاده الصديقة التحية ونصافحهم جميعاً كإخوة وأخوات لنا.
التعليقات