31/10/2010 - 11:02

قرار الإضراب العام سقط سهوًا أم أسقطَ عمدًا؟!../ مصطفى طه

قرار الإضراب العام سقط سهوًا أم أسقطَ عمدًا؟!../ مصطفى طه
هدد متصرف لواء الشمال "يسرائيل كينغ" رؤساء السلطات المحلية العربية سنة 76 فيما لو تجرأوا على الإلتزام بقرار لجنة الدفاع عن الأرض يوم 06.03.76 بإعلان الإضراب العام في الثلاثين من آذار 1976، احتجاجًا على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي العربية، وهكذا تصرفت وزارة المعارف بحق المديرين والمعلمين العرب، وكذلك قيادة "الهستدروت" بحق العمال العرب، ورغم التهديد انتصر التحدي وكتبت ذكرى يوم الأرض بالدم.

وكانت الحكومة قد صادرت (21) ألف دونم من أرض البطوف قبل اجتماع لجنة الدفاع عن الأرض بأسبوع، في اليوم الأخير من شباط 76، وفي اليوم التالي مباشرة، بتاريخ 01.03.76 أصدر "كينغ" إياه وثيقته العنصرية، ووضع فيها تصوره حول تهويد الجليل التي جاء في صلبها: "مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأرض العربية وتكثيف الإستيطان اليهودي في الجليل، التضييق الإقتصادي على العائلة العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء أولوية فرص العمل لليهود، تشجيع الشباب والطلاب العرب للسفر خارج البلاد ودفعهم لعدم العودة، العمل على خفض نسبة التعليم العالي لدى الطلاب العرب وتشجيعهم على التوجهات المهنية، وإيجاد إجماع قومي يهودي حول موضوع العرب في إسرائيل".

وكانت حكومة إسرائيل قد أعلنت سنة 1975 عن خطة تهويد الجليل تحت اسم "تطوير الجليل" وأقرّت بناء ثماني مدن صناعية يهودية مما يتطلب مصادرة عشرات آلاف الدونمات، وكان قد سبق ذلك بناء ثلاث مستوطنات كبرى بين السنوات 57 - 64 فصادروا (1200) دونم، وأقاموا عليها مستوطنة "نتسيرت عيليت" و (1550) دونمًا فأقاموا "كرميئيل"، ومثلها من الدونمات لإقامة مستوطنة "معالوت"، بعدما استحدثوا عشرات القوانين العنصرية لتشريع المصادرة هذه.

قرار الحكومة بكسر قرار الإضراب العام بالقوة كان يهدف بالأساس إلى كسر روح التحدي في المهد كي لا تصبح سابقة لأقلية توهموا أنهم "دجّنوها" وقتلوا الروح الوطنية فيها بعد ثلاثة عقود من النكبة، وبعدما تفننوا بساديّة وحشية بأساليب قهرهم، وبالتحدي هذا كسر حاجز الصمت، ومعه حاجز الخوف إلى غير رجعة. ومن هنا تكمن أهمية هذا اليوم الذي أصبح فاتحة لعهد جديد على مستوى فلسطينيي الداخل بعد النكبة، والذي شكل إعلان الإضراب العام شرارته الأولى، ورمزية الإضراب العام تأتي من هذا الباب، فلماذا يحاول البعض قتل روحه مع الزمن؟!

فهل سقط قرار الإضراب العام سهوًا أم أسقط عمدًا في اجتماع لجنة المتابعة الأخير؟! وهل حضور ممثل واحد فقط عن الحركة الإسلامية الجنوبية كان صدفة رغم أهمية القرار الذي حُسم بصوت واحد؟! وفيما لو صحّت المعلومات التي رشحت من داخل المتابعة حول التغيّب المقصود للحركة الإسلامية الجنوبية، مع علمها المسبق أن صوتها حاسم لصالح أو ضد الإضراب، فالتوقف مع الذات يصبح واجبًا هنا لفحص المواقف جديًا، أهو من باب رفع العتب أم أن خطأً تقنيًا حصل عند البعض كما فسّرتها الحركة الشمالية؟! والفرق شاسع بين الحالتين، فنسأل: "حين نقتنع بالموقف "نقاتل" لإنجاحه أم لنسجّله في البروتوكولات الرسمية فقط؟!

وفيما يتعلق بموقف رؤساء السلطات المحلية الذين يتمحور "نضال" معظمهم حول الميزانيات بالمجمل سنتناوله في موقع آخر، ولكن من حقنا أن نسأل مرة أخرى: هل جاء حماسهم لإعلان الإضراب العام لجميع السلطات المحلية العربية قبل أسبوعين حول الميزانيات من باب أن الدم الذي سال دفاعًا عن كرامتنا أرخص أو أقل أهمية من الميزانيات؟! أم من باب أن هاجس عصا، عقلية "كينغ" المُهدِّدَة لا زالت تهزم بعض النفوس؟! بالتحدي اشتعلت شرارة يوم الأرض وبعقلية المهزوم يحاول البعض إطفاء ما بقي منها...
للحزب الشيوعي وجبهته لم أتطرق هنا لأن الموقف "المبدئي" معروف ومعلن سلفًا وحول الموقف "المبدئي" هذا لنا نقاش في سياق آخر...
"قرار الإضراب العام سقط أم أسقط" سؤال ستجيب عليه وتفضحه الأيام القادمة، ومع هذا ملتزمون كتجمع بالقرار كأحد مركبات المتابعة.

التعليقات