24/02/2019 - 15:55

ماذا يحمل تحالف الدقيقة التسعين بين الجبهة وطيبي؟

ضمن طيبي مكانًا له ولصهره من خلال هذا التحالف بعد حفلة جديدة من المناورة والابتزاز، وخسرت الجبهة تحالفًا مع الأحزاب بسبب تصلب مواقفها وفوقية عروضها

ماذا يحمل تحالف الدقيقة التسعين بين الجبهة وطيبي؟

انتهت القائمة المشتركة. هذه حقيقة تجلّت يوم الخميس الماضي بعد أن فشلت كل الجهود لاستمرار الأحزاب العربيّة في خوض انتخابات الكنيست في قائمة واحدة. إلّا أن هذه الحقيقة بدأت تتضح معالمها من قبل لحظة تسليم القوائم يوم الخميس، بل منذ عامين عندما بدأت أزمة التناوب. التناوب بين الجبهة وطيبي في الاستيلاء على مقعد التجمع الرابع بعد استقالة النائب باسل غطاس ودخوله للسجن، كان بداية قتل المشتركة، بالإضافة لأسباب عديدة أخرى أبرزها عدم بناء مرجعيات للمشتركة خارج الكنيست، والتنافس على رئاسة المشتركة بين أيمن عودة وأحمد طيبي.

لم ينجح أيمن عودة في قيادة المشتركة بشكل يضمن استمرارها، ولم يتصرف كرئيس لها يعبّر عن جميع مركبات القائمة، بل تصرف غالبًا بشكل فردي وحزبي ضيّق من خلال تصريحات ومشاركات سياسية تدور في فلك اليسار الإسرائيلي. في الوقت ذاته، سعى أحمد طيبي لاستغلال المشتركة لزيادة حصة تمثيله، واستغل حالة عدم الرضا الشعبية من المشتركة، بهدف تعزيز قوته من خلال الركوب على هذه الموجة عبر الانشقاق عن المشتركة ومهاجمتها.

كانت أهداف الطيبي واضحة من هذا الانشقاق المبكّر تحت عنوان "خلّي الشعب يقرر". أراد طيبي أن يضع نفسه ككتلة أمام المشتركة تضم لاعبين سياسيين جدد ظهروا على الساحة السياسية في الداخل الفلسطيني، بعد تراجع دور الأحزاب التقليدي وانتشار حالة الشعبوية وبعد نتائج انتخابات السلطات المحليّة الأخيرة. قدّم الطيبي نفسه ممثلًا لعدة شرائح لا تجمعها مبادئ مشتركة سوى سعي هذه الشرائح والقوى (ناصرتي، شخصيات من النقب) الانتقام من الأحزاب بعد الانتخابات المحلية، وتحديدا من الجبهة والإسلامية. ومن أجل ذلك سخّر طيبي مواقع التواصل واستطلاعات الرأي التي تفاخر أنها تعطيه 7-8 مقاعد في ما لو خاض الانتخابات لوحده.

في نهاية المطاف، أدار طيبي ظهره لمعظم القوى التي وعدها بتمثيل في قائمته التي تصدرت استطلاعات الرأي كقوّة أولى بين العرب. وبدت واضحة خيبة الأمل من تنكّر طيبي لهذه القوى التي هاجمته بعد تحالفه مع الجبهة، وظهور حقيقة كذبه بخوض الانتخابات بشكل منفرد، كما صرّح في أكثر من مناسبة وبثه لهذه الأجواء. وبين ليلة وضحاها، انقلبت التعقيبات في مواقع التواصل المؤيدة لطيبي إلى مهاجمة له لدرجة قام فيها طيبي بوقف منشورات له وحذف تعليقات وحظر حسابات تهاجمه.

كذلك الأمر، شهدت صفحة أيمن عودة في الفيسبوك التي كانت تنشر إعلانًا ممولًا طوال الأسابيع الماضية تحت عنوان "النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة"، شهدت هجومًا حادًا على هذا التحالف مع طيبي في الدقيقة التسعين والتخلي عن المشتركة. المثير في هذا التحالف السريع والمتناقض، أن الجبهة وافقت على تقاسم المقاعد العشرة الأولى مناصفة مع الطيبي، بينما رفضت ذلك مع التجمع وقدمت له عرضا مهينا، ثلثان بثلث المقاعد، في الوقت الذي يمثل فيه التجمع تيارًا سياسيًا عريضًا بينما لا يمثل طيبي سوى شخصه.

لن يكتب لتحالف الدقيقة التسعين بين الجبهة والمنشق عن القائمة المشتركة أحمد طيبي، الذي يضم شخصية كانت في حزب العمل وكاديما، النجاح الكبير لأن عدم الثقة بين الطرفين والتنافس الإعلامي بين عودة وطيبي أكبر من أن يضمن لهما تحالفًا مستمرًا لدورة كاملة، وأغلب الظن أنه سينفرط بعد أشهر قليلة، خصوصًا أن طيبي صرّح أكثر من مرّة أن أيمن عودة غير جدير بالثقة.

ضمن طيبي مكانًا له ولصهره من خلال هذا التحالف بعد حفلة جديدة من المناورة والابتزاز، وخسرت الجبهة تحالفًا مع الأحزاب بسبب تصلب مواقفها وفوقية عروضها، ووجدت نفسها في نهاية المطاف مضطرة أن تقوم بتحالف مع من قام بتخريب المشتركة، وهو تحالف لا يرضي كوادرها.

سوف يدافع الجبهة وطيبي الآن عن هذا التحالف، وقد يهاجمون الأحزاب الأخرى ويتحدثوا عن مؤامرة ضدهم، ويبدو أن ملامح هذا الخطاب بدأ يتبلور وقد يتطور إلى خطاب هوياتي تقسيمي (علماني - إسلامي) داخل المجتمع تجاوزناه مع المشتركة. لكن الواضح منذ الآن، أن الخطاب المشترك لهذا التحالف حتى الآن بحسب تصريحات رسميّة في مقابلات صحافية هو الكتلة المانعة وإسقاط حكومة اليمين، وخطورة هذا الخطاب أنه قد يدفع مصوتين من جمهور القوائم العربية للتصويت لحزب الجنرال غانتس مثلا، الذي ينافس نتنياهو على رئاسة الحكومة، فإذا كان إسقاط اليمين هدفا بحد ذاته، فقد يتساءل المصوت العربي لماذا لا يصوت لأحزاب صهيونية مثل غانتس وميرتس والعمل التي تطرح نفسها بديلا لليمين، إذ كان الهدف إسقاطه.

التعليقات