24/08/2019 - 08:18

إسرائيل في الأجواء العراقية

الصمت العراقي أو عدم الرد سيشجع دولة الاحتلال على تنفيذ المزيد منها تماما مثلما كان الحال في سورية ولبنان، عندما كان النظام السوري يحتمي بمقولة "سنرد في المكان والزمان المناسبين"، وهو ما لم نسمع حتى مثله في الحالة العراقية

إسرائيل في الأجواء العراقية

بقّ مسؤولو استخبارات أميركية، أمس الجمعة، الحصوة، واعترفوا حرفيا، بما يعرفه الجميع، ويحاولون التنكّر له: إسرائيل هي التي نفذت الغارات على مواقع "الحشد الشعبي" في العراق.

تصريح المسؤولين الأميركيين لصحيفة "نيويورك تايمز" تزامن مع تصريح مباشر مساء الخميس من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل لن تمنح إيران حصانة ولا في أي مكان، مضيفا للقناة الإسرائيلية التاسعة: "نحن نعمل ضدها في العراق والعديد من المناطق الأخرى، بما في ذلك على الأراضي السورية".

في المقابل، لفت مراسل الشؤون العسكرية لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن الكشف الأميركي عن المسؤولية الإسرائيلية نابع من عدم رضا الإدارة الأميركية عن الغارات الإسرائيلية بفعل المصالح الأميركية في العراق، ولكون الحكومة العراقية الحالية صديقة للإدارة الأميركية.

هذا التطور، في الكشف عن استباحة دولة الاحتلال للأجواء العراقية، يؤكد حجم التغلغل الإسرائيلي في ما يحدث، ليس فقط في مياه الخليج ونشاطها ضمن التحالف الدولي لحماية الملاحة الجوية، بل في قلب دولة يفترض أنها لا تقيم علاقات مع إسرائيل، وحكومتها حليفة للنظام في إيران بنفس درجة تحالفها وصداقتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بما صوّر مشهدا عبثيا يجمع بين النقيضين، ويزيد من بؤس المشهد العربي العام، الذي تتحرك فيه دولة الاحتلال بحرية تامة، في أرجاء المنطقة من دون أي عراقيل أو مقاومة، فيما لا تجد الدول المستهدفة طريقا حتى إلى الاعتراف بخرق سيادتها واستهداف مواقع داخل أراضيها، مفضّلة، كما كان الحال في العراق، "لملمة الموضوع" كي لا يضطرها الاعتراف بانتهاك سيادتها إلى اتخاذ موقف ضد الاحتلال وجرائمه.

الصمت العراقي، أو عدم الرد على الغارات الإسرائيلية، لن يوقفها، بل سيشجع دولة الاحتلال على تنفيذ المزيد منها تماما مثلما كان الحال في سورية ولبنان، عندما كان النظام السوري يحتمي بمقولة "سنرد في المكان والزمان المناسبين"، وهو ما لم نسمع حتى مثله في الحالة العراقية.

ويبدو أن الاحتماء العراقي بالصداقة مع إدارة ترامب لن يكون كافيا لوقف هذه الغارات والاعتداءات، خصوصا في ظل مواصلة ترديد أنظمة عربية في الخليج للازمة "تقاطع المصالح"، والهدف المشترك لصد "الخطر الإيراني". وقد يكون أقصى ما سيحصّله العراق من الولايات المتحدة إدانة خجولة لهذه الاعتداءات مقرونة بتفهم المصالح الأمنية لدولة الاحتلال.

التعليقات