16/01/2020 - 20:20

بين الخروج عن اللياقة والتنكيل والمعايير المزدوجة للمحتل

لا يتناسب فرط الحساسية لحقوق الإنسان والنساء الّذي يظهره المجتمع الإسرائيلي عندما يتعلّق بأفراده، أو يتناسب عكسيا، مع التنكّر وتبلّد تلك المشاعر والأحاسيس الإنسانية عندما يتعلق الموضوع بالشعب الفلسطيني وأبنائه ونسائه الواقعين والواقعات تحت الاحتلال.

بين الخروج عن اللياقة والتنكيل والمعايير المزدوجة للمحتل

لا يتناسب فرط الحساسية لحقوق الإنسان والنساء الّذي يظهره المجتمع الإسرائيلي عندما يتعلّق بأفراده، أو يتناسب عكسيا، مع التنكّر وتبلّد تلك المشاعر والأحاسيس الإنسانية عندما يتعلق الموضوع بالشعب الفلسطيني وأبنائه ونسائه الواقعين والواقعات تحت الاحتلال.

ويكشف انعدام التناسب هذا إلى حد بعيد زيف هذه الحساسية والمشاعر، كونها تميّز بين إنسان وآخر، استنادا إلى اللون والعرق والقومية، وينسف مصداقيّتها الأخلاقية، بل ويجعلها في كثير من الأحيان محط سخرية من قبل العديد من الكتاب والصحفيين الجذريين.

ففي هذا السياق، كتب الصحفي غدعون ليفي كيف أن من أسماهم بـ "لبؤات حركة ‘مي تو‘ الإسرائيليّات"، اللّاتي يثرن زوبعة كبيرة على أي ملاحظة ذات طابع جنسي تجاه امرأة، لا يحركن ساكنا حيال التنكيل والتعذيب والاعتقالات غير المبررة للنساء الفلسطينيات، مشيرا إلى المفارقة في تدمير مسيرة وحياة كاملة بسبب لثمة أو ضمة غير لائقة من جهة، والسكوت على ربط نساء في وضعيات قاسية على مدى أيام وليال، ومنعهن من النوم، واعتقالهن بشكل تعسفي عندما يتعلق الأمر بنساء فلسطينيات.

"اللبؤات الإسرائيليات" يتوقفن عند أبواب معسكر "عوفر" العسكري ومنشآت تحقيق "الشاباك"، حيث يضحي التنكيل بالنساء هناك مسموحا، كما يحلو لسلطات الاحتلال دون أن يحتج أي إنسان على ذلك.

وأورد ليفي قصة عضو المجلس التشريعي المحلول، خالدة جرار التي يحفل سجلها بالكثير من الاعتقالات غالبيتها دون محاكمة، وتخضع للتحقيق منذ ثلاثة أشهر في معتقل "عوفر"، بتهمة "حيازة منصب" في "منظمة غير قانونية" هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد أن تمخض جبل ضلوعها بعملية مقتل "رينا شنراب" فولد فأرا.

كما تحدّث حول قضية طالبة قسم الإعلام في جامعة بير زيت ميس أبو غوش، المعتقلة هي الأخرى منذ ستة أشهر، حيث خضعت للتعذيب خلال التحقيق وكانت على مدى أيام وليال مربوطة بوضعية "موزة" و"ضفدع" دون أن يثير ذلك احتجاج الـنسويات الإسرائيليات وحركة "مي تو"، ما يوحي بأن من الممنوع مداعبة المرأة دون رغبة منها إن كانت إسرائيلية، فيما يسمح بالتنكيل بها بوضعيات وحشية إذا كانت فلسطينية.

لم توقف ناشطات النضال النسوي، أيًّا من المحققين والمنكلين على حائط العار الذي أقمنه خلاف ما يفعلن مع لاثمي القبل، منشغلات بالنضال من أجل ضم النساء إلى سلاح الدّبابات ليتمكنّ، باسم المساواة الجندرية، من قصف غزة أيضا.

في السياق ذاته سبق أن نقلت الصحفية عميرة هس، عن أساليب التعذيب التي مرت بها مجموعة من المعتقلات، بينهن دينا كرمي، سوزان عويوي، صفاء أبو سنينة ولمى خاطر، وجميعهن في الأربعينيات من عمرهن، جرى اعتقالهن خلال السنة الماضية وتم نقلهن إلى سجن "شيكما" في عسقلان، بعد أن وجهت لهن تهم الانتماء إلى لجنة نسائية تابعة لحركة "حماس" في الخليل، أقيمت عام 2010.

فقد كشفت الشهادات الّتي أدلين بها أمام "اللجنة ضد التعذيب" أن النساء الأربع جرى اعتقالهن في ظروف مُذِلّة ومؤلمة، فقد تم ربط المعتقلة عويوي بأصفاد (كلبشات) بلاستيكية لمدة 24 ساعة ونقلها من مكان اعتقال لآخر وهي معصوبة العينين وجالسة على أرضية الجيب العسكري.

وهذا ما حصل أيضًا مع كرمي وأبو سنينة اللّتين ربطتا بأصفاد فور اعتقالهما، ونزع عن الأولى الخمار الذي يغطي وجهها، كما تم إخضاع ثلاثتهن للتفتيش العاري مرتين، فيما رافقت الكلاب البوليسية المجنّدة التي أجرت التفتيش العاري لكرمي في بيتها؛ كذلك ففي إطار التحقيق، منعت المعتقلات من النوم، من خلال التحقيق المتواصل الذي استمر لمدة تتراوح بين 17 لـ 20 ساعة، إلى جانب الضرب على حيطان الزنزانة وإصدار أصوات مزعجة عمدا.

كذلك فقد شمل التحقيق ربطهنّ وأيديهنّ خلف ظهورهن لساعات طويلة، إضافة إلى الصراخ والتهديد والتعليقات التي تحمل إيحاءات جنسية، عدا عن احتجاز كل واحدة منهن في زنزانة عفنة لأسابيع طويلة.

بلا شك فإن تلك الازدواجية التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي ونخبه في هذه المستويات وغيرها، هي من ميّزات التجمعات الاستعمارية، التي ترى بأن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة حكر على مجتمع المستوطنين ولا تنسحب على السكان الأصليين الذين ينظر إليهم على أنهم دون هذا المستوى.

التعليقات