25/03/2020 - 12:04

التمثيل العربي في الكنيست وقيوده

نعايش في الأيام الحالية وفرة من الكلام في ظل مساعي تأليف حكومة جديدة في إسرائيل، وفي ضوء تلاسن حادّ دائر بين الحزبين الخصمين، الليكود و"أزرق أبيض"، بشأن ضرورة أن تستند هذه الحكومة إلى أغلبية يهودية، في ضوء ازدياد قوة القائمة

التمثيل العربي في الكنيست وقيوده

أنطوان شلحت

نعايش في الأيام الحالية وفرة من الكلام في ظل مساعي تأليف حكومة جديدة في إسرائيل، وفي ضوء تلاسن حادّ دائر بين الحزبين الخصمين، الليكود و"أزرق أبيض"، بشأن ضرورة أن تستند هذه الحكومة إلى أغلبية يهودية، في ضوء ازدياد قوة القائمة المشتركة لتحالف الأحزاب الفاعلة في صفوف الفلسطينيين داخل مناطق 48، والذي يبدو أنه فتح شهيّة بعض الساسة، بما في ذلك حتى في أوساط الفلسطينيين، لتكرار تجربة ما عُرفت بـ"الكتلة المانعة" التي دعمت حكومة إسحاق رابين في كل ما يتعلق بتوقيع اتفاقات أوسلو في بدايات التسعينيات، وضمّت خمسة نواب من حزبين عربيين كانا ممثليْن في الكنيست.

ومن شأن عودة سريعة إلى ما تلا تلك التجربة التي بقيت يتيمة من تطورات، وصولاً إلى وقتنا الحالي، أن تُنعش ذكريات حقيقية حيال مسألتين تبدوان غير مخلخلتين: حدود "الجماعة الإسرائيلية"، وقيود التمثيل العربي في الكنيست.

بخصوص المسألة الأولى، وقد سبق لكاتب هذه السطور أن تطرّق إليها قبل أكثر من عام، ينبغي القول إن ما يتكرّر، سواء على لسان رئيس الحكومة وزعيم اليمين، بنيامين نتنياهو، أو على لسان خصمه، الجنرال بيني غانتس، عن وجوب وجود أغلبية يهودية، يأتي على ركام شوط طويل من الادّعاء، مضى فيه اليمين والليكود إزاء ذلك "التحالف" الذي كان بمثابة قاعدة حكومة رابين، فيما يتصل برسم حدود الجماعة على نحو يُخرج منها ليس فلسطينيي 48 وحسب، وإنما أيضًا حلفاءهم اليهود.

ويمكن ملاحظة أنه على طول هذا الشوط، عزف ممثلو الليكود على نغمة الإثنية القومية، عبر الحديث حول تقارب مُتخيّل بين الفلسطينيين في إسرائيل ورجالات حركة العمل وكل من يقف على يسارهم.

وما تزال تتردّد أصداء أقوال زعيم حزب الليكود، إسحاق شامير، أن الحكومة الجديدة برئاسة رابين تعود إلى "أطروحة مشتركة للعرب وبعض الأوساط الإسرائيلية الانهزامية التي تدّعي أنه من دون تقديم تنازلات خطرة لا يمكن التوصل إلى سلام"، فيما أكد القطب الآخر في الحزب، أرييل شارون، أمام الكنيست، أنّ الأكثرية التي تقف وراء رابين تستند إلى قوى تراوح بين الولاء المشروط والعداء للدولة اليهودية وإنكار حقها في الوجود.

وأعرب عن خشيته من أن رابين سيكون مضطرّاً إلى "إرضاء ورعاية" الذين أوصلوه إلى سدة الحكم، أي الهيئات والأطر السياسية التي تمثّل العرب في إسرائيل، وترغب، بحسب قوله، في تصفية إسرائيل عمليًا، وكذلك القوى اليسارية اليهودية "التي جعلت من نفسها، وهي تقاتل بجرأة لتصفية الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، جارية مخلصة في خدمة القضية القومية العربية والعداء لليهود"، كما قال متعهدًا بالتصدّي للتحالف بين اليسار اليهودي والاتجاهات القومية العربية.

وليس بغير دلالة هنا أن ردّ رابين لم يتأخر، حيث جاءت خطوة إبعاد أعضاء حركة حماس إلى مرج الزهور في جنوب لبنان (ديسمبر/ كانون الأول 1992) لتدحض كليّاً الصورة التي رغب في تقديمها لحكومته، بأنها مناصرة للسلام.

وبالانتقال إلى المسألة الثانية، لا تبدو تداعياتها مقتصرة على استمرار الليكود واليمين في إعادة رسم قيود التمثيل العربي في الكنيست، بل تتعدّى ذلك إلى معنى استبطان هذه القيود من طرف خصومه السياسيين، كما يمثّل على ذلك غانتس وسائر أقطاب "أزرق أبيض".

وقبلهم انعكس هذا الاستبطان، مثالاً لا حصراً، في قول نحو 22% من أعضاء حزب العمل، في الانتخابات التي جرت لرئاسة الحزب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، "لا مطلقة" لقيام ائتلاف حكومي بين العمل والأحزاب العربية، فيما قال 8.5% إنهم يعتقدون أنه لا يتعيّن قيام ائتلاف حكومي كهذا. وبلغة السياسة المباشرة، يوضح هذا المعطى أن أي إجراء سياسي يقدم عليه هذا الحزب، الموصوف بأنه يساري، يستند إلى قرار ذي أغلبية غير يهودية، سيصطدم عند التنفيذ بمعارضة نحو ثلث أعضائه؛ فما بالك بأحزاب اليمين؟!

التعليقات