02/12/2020 - 08:22

التلويح لبايدن بـ"خدمات" إسرائيل الأمنية

يتصاعد الانشغال في إسرائيل، يومًا بعد يوم، بالوجهة العامة التي تعتزم الولايات المتحدة السير نحوها في ظل ولاية الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، التي ستبدأ في كانون الثاني/ يناير 2021، سيما في ضوء مؤشراتٍ قويةٍ تدل على أنها على أعتاب تغييرٍ ما

التلويح لبايدن بـ

الرئيس الأميركي، جو بايدن (أ ب)

يتصاعد الانشغال في إسرائيل، يومًا بعد يوم، بالوجهة العامة التي تعتزم الولايات المتحدة السير نحوها في ظل ولاية الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، التي ستبدأ في كانون الثاني/ يناير 2021، سيما في ضوء مؤشراتٍ قويةٍ تدل على أنها على أعتاب تغييرٍ ما في المقاربة المتعلقة بسياستها الخارجية، وما قد يترتب على ذلك من تأثير في سياسة اليمين الإسرائيلي الحاكم.

داخل هذا الانشغال، ترتفع أصوات كثيرة تعرب عن ثقتها بأن بايدن ومستشاريه سيعرفون كيف يفصلون بين الثانوي والأساس، وأنهم حينما سينظرون إلى خريطة الشرق الأوسط "سيشاهدون أن هناك دولة واحدة مستقرّة وحليفة حقيقية لهم في المنطقة هي إسرائيل"، بحسب دبلوماسي سابق. بموازاة ذلك، ارتأى المقرّبون من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إطلاق موسم التلويح بـ"الخدمات الأمنية" التي تقدّمها إسرائيل للولايات المتحدة، وتعتبر برأيهم أفضل ضمانٍ لصيانة "العلاقات الخاصة" بين الدولتين في المدى البعيد.

ما يمكن أن نستقطره مما يكتبه هؤلاء أن العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتسم بطابع خاص، لا يقدر عليه أي تبدّل للإدارات الأميركية. ويُشار، في هذا الشأن تحديدًا، إلى أنه منذ "11 سبتمبر" في 2001 في الولايات المتحدة، تبدو العلاقات الأمنية بين البلدين أوثق من أي وقتٍ مضى، في ظل الخطر الجديد المتمثل بـ"الإرهاب العالمي"، ولكنها كانت وثيقة في ما سبق.

مما جرى التوقف عنده ما يلي: أولا، منذ يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 1962، قال الرئيس الأميركي، جون كينيدي، لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، غولدا مائير، إن "للولايات المتحدة علاقات خاصة مع إسرائيل في الشرق الأوسط، يمكن مقارنتها فقط بالعلاقات التي تربطها مع بريطانيا في ما يختص بسلسلة طويلة من المسائل الدولية".

وفي أثناء الحرب الباردة (بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق) كانت هناك مصالح إستراتيجية مشتركة للبلدين في كبح العدوانية التي كانت سمةً ملازمةً لدولٍ تحت رعاية الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط، ولاحت تلك المصالح في أفق العلاقات الثنائية مع تدخل مصر جمال عبد الناصر في الحرب اليمنية.

ثانيا، أقدمت إسرائيل، في عام 1981، على تدمير مفاعل تموز النووي في العراق إبّان حكم صدّام حسين، ما تسبب بمسّ قدراته العسكرية على نحو كبير. وبعد عشرة أعوام، في تشرين الأول/ أكتوبر 1991، وإثر تدخل التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، شكر وزير الدفاع الأميركي، ديك تشيني، إسرائيل "على العمل الشجاع والدراماتيكي" الذي قامت به قبل عقد.

ثالثا، في شهادته، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي يوم 15 آذار/ مارس 2007، قال قائد منطقة أوروبا في الجيش الأميركي (USEUCOM)، الجنرال بنتس ج. كرادوك، إن إسرائيل كانت بمثابة "الحليف الأقرب" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ودعمت المصالح الأميركية "بشكل مثابر ومباشر".

وهذا تقدير مهني من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام القائلين إن إسرائيل تشكل عبئًا إستراتيجيًا، ولا تعود بأي منافع على المصالح القومية الأميركية.

رابعا، بسبب أن موضوعات كثيرة مرتبطة بالعلاقات الإستراتيجية الأميركية – الإسرائيلية، تلفّها السريّة المطلقة أو الغموض الكبير، سيما على مستوى التعاون في المجال الاستخباراتي، فمن شبه المستحيل أن يُتاح أمام الدارسين والمحللين إمكان تقويم القيمة الحقيقية لهذه العلاقات.

ومع ذلك، في 1986 قال الجنرال جورج ف. كيغن، الذي خدم في استخبارات سلاح الجو الأميركي، إنه ما كان سينجح في جمع المواد الاستخباراتية التي حصل عليها من إسرائيل، حتى لو كانت تحت تصرّفه "خمس وكالات سي. أي. إيه".

ووردت أقواله في مقابلة صحافية، في وقتٍ كانت فيه الحرب الباردة في ذروتها، وأضاف: "إن قدرة سلاح الجو الأميركي خصوصًا، والجيش عمومًا، على الدفاع عن مكانتهما في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مدينة للاستخبارات التي تزودهما إسرائيل بها أكثر من أي مصدر استخباراتي آخر".

التعليقات