30/01/2021 - 12:29

لسنا في جيب أحد... صحيح 100٪... ولكن

كان بمقدور المشتركة أن تشكل هذه القوة، لكن أيمن عودة أخذها إلى اليسار  والوسط الصهيونيين، فيما يريد منصور عباس من شعار "لسنا في جيب أحد" أن يحولنا  نحن العرب إلى قطيع يتاجر بهم مع اليمين تحديدًا.

لسنا في جيب أحد... صحيح 100٪... ولكن

(أرشيف "عرب ٤٨")

مقولة بأن العرب ليسوا في جيب أحد، لا اليمين ولا اليسار، صحيحة لكنها غير جديدة. فقد طرحت لأول مرة بشكل جدي من قبل التجمع، الذي أعلن أنه جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية، وفي المقابل بأنه يقدم بديلا للناخب العربي الذي لم يكن أمامه سوى السيئ (حزب العمل) والأسوأ (الليكود).

كيف فعل ذلك التجمع؟ أولًا بأنه طرح لأول مرة مرشحًا لرئاسة الحكومة، وهو عزمي بشارة، الذي هدف للقول إن العرب ليسوا تابعين لأي من المعسكرات، وأن لهم مرشحا عربيا ثالثا أمام إيهود براك وبنيامين نتنياهو. وأدرك التجمع أن هذه الخطوة لن توصل عربيًا للوزارة أو الحكومة، ولذلك لم يذهب بها للنهاية لأنه لم يهدف إلى أن يتحمل مسؤولية نجاح نتنياهو واليمين، بل نقل رسالة واضحة للعرب واليهود، وللعالم أجمع وللعالم العربي أيضًا وهذا مهم، بأن العرب جماعة قومية لها حقوق سياسية جماعية، إذا تحققت تصبح الحقوق المدنية تحصيل حاصل، ولن تتحقق الحقوق القومية والمدنية بمفاوضات "صوتلي بصوتلك"، لأن المشكلة ليست في شخص رئيس حكومة كهذا أو ذاك، بل في جوهر الدولة السياسي والأيديولوجي بأنها تعرف نفسها دولة اليهود.

طرح العرب أنفسهم كقوة ثالثة، تحت شعار هوية قومية ومواطنة كاملة، ليس مجرد بديل ثالث، ولا يهدف إلى دعم اليسار ولا اليمين، وإنما بأن العرب هم أصحاب البلاد الأصليين ولهم الحق في إدارة أنفسهم ومصيرهم ومواردهم، ومن يؤيدهم فليتفضل ويقر بأن الصهيونية ودولة اليهود لا تتيح أي إمكانية للمساواة لا القومية ولا المدنية، وهذا هو الصراع الحقيقي، وليس على تصويت في الكنيست مع اليمين أو اليسار. لم يكن الطرح اعتراضيًا، بل قدّم مشروعًا بديلًا هو دولة جميع مواطنيها. ماذا يقدم منصور عباس وأيمن عودة بديلاً لذلك؟ لسنا في جيب أحد؟ هل هذا مشروع سياسي؟ ما يفعلاه هو عمليًا ترسيخ للدونية العربية، سياسيًا ومدنيًا.

كان بمقدور المشتركة أن تشكل هذه القوة، لكن أيمن عودة أخذها إلى اليسار والوسط الصهيونيين، فيما يريد منصور عباس من شعار "لسنا في جيب أحد" أن يحولنا نحن العرب إلى قطيع يتاجر بهم مع اليمين تحديدًا. حقوقنا ليست سلعة للتجارة، والتجارة ليست مشروعا سياسيا.

لسنا في جيب أحد، صحيح، ولا نريد أن نكون في جيب أحد، لا يمين ولا يسار، ولا عودة ولا عباس. نريد مشروعا سياسيًا للعرب يتجاوز اللعبة البرلمانية، ويصوب نحو جوهر الصراع، وهو يهودية الدولة والصهيونية الاستعمارية التي لا تتيح بأي حال من الأحوال الحقوق القومية والمدنية. ولكن نقدم الحل أيضًا: دولة جميع مواطنيها. هذا ليس مجرد تحدي ليهودية الدولة، إنه تحدي للنظام الصهيوني الذي يحكم البلاد من النهر للبحر، ويضع النضال من أجل الحقوق في سياق النضال ضد الاستعمار الاستيطاني، منذ 1948.

لا نريد أن نكون قوة احتياط لدى اليسار، ولا قوة للاستئجار مثل الحريديين لدى اليمين.

اقرأ/ي أيضًا | مسؤولية جماعية

التعليقات