20/02/2021 - 09:21

الصفقة المشبوهة

كان من الممكن الاكتفاء بغطاء صفقة "لأسباب إنسانية"، كما تسميها دولة الاحتلال الإسرائيلي، لصفقة التبادل بين الاحتلال والنظام السوري أمس، على اعتبار أن النظام لن يكسب شيئاً، وخصوصاً على المستويين الدولي والإعلامي، في حال أصر على رفض إعادة "الفتاة الإسرائيلية"

الصفقة المشبوهة

نتنياهو خلال زيارته لقبرص الأسبوع الماضي (أ. ب.)

كان من الممكن الاكتفاء بغطاء صفقة "لأسباب إنسانية"، كما تسميها دولة الاحتلال الإسرائيلي، لصفقة التبادل بين الاحتلال والنظام السوري أمس، على اعتبار أن النظام لن يكسب شيئًا، وخصوصًا على المستويين الدولي والإعلامي، في حال أصر على رفض إعادة "الفتاة الإسرائيلية" التي اجتازت الحدود إلى سورية عبر "ثغرة" في السياج الحدودي قرب جبل الشيخ، وفق المعلومات الإسرائيلية الأولية المعلنة، مقابل الضرر الذي كان سيسببه له مثل هذا الرفض.

وكان من الممكن اعتبار الصفقة حدثًا عابرًا أو نقطة تقاطع مصالح أملتها الظروف، ويكفي للقبول بها تحرير اثنين من الأسرى السوريين من معتقلات دولة الاحتلال. لكن الأمر لم يقف عند "مجرد صفقة إنسانية" (وهي صفة تُطلق على الصفقات التي تكون لصالح دولة احتلال وليس في أي اتجاه معاكس من أي طرف عربي، أيًا كان) بل تدور حوله وترافقه علامات تساؤل كثيرة، خصوصًا في ظل إصرار غريب من دولة الاحتلال على أنها لم تعرف بأمر الإسرائيلية التي اجتازت الحدود إلا من الطرف الروسي عبر رسالة سورية.

وإذا كان هذا غير كافٍ، فإن مسارعة الإعلام الإسرائيلي أمس، بشكل منظّم، إلى "الكشف" عن أن هناك ثمنًا آخر دفعته إسرائيل ولم يُعلن عنه بعد خوفًا من ردة فعل الرأي العام الإسرائيلي، تعزز الشكوك بأن وراء الصفقة الكثير من الترتيبات والتنسيق الذي قد يكون هدفه مواصلة "عمل" الجنود الروس البحث عن رفات جنود إسرائيليين في مخيم اليرموك، وقد يكون مرتبطًا برفات الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، وهو ما يصب في خدمة بنيامين نتنياهو انتخابيًا.

وقد يتجاوز أمر هذه الصفقة كل ذلك إلى قضايا أكبر لفتح الطريق أمام "تواصل سوري إسرائيلي" عبر روسيا، التي كرست حضورها في سورية كصاحب الكلمة الأولى والأخيرة في القطر السوري. تواصل يرتبط بمسألة الوجود الإيراني في سورية، وخفض مستوى هذا الحضور، بتأييد روسي، وتقليم أظافر إيران، لجهة تعزيز واستعادة بعض هيبة النظام أمام النفوذ الإيراني، تمهيدًا لمرحلة مقبلة، تبدي فيها الولايات المتحدة تحت إدارة جو بايدن، اهتمامًا أقل بسورية ومصيرها، لدرجة احتمل القبول ببقاء النظام، مقابل ترتيبات أميركية وإسرائيلية مع روسيا في المنطقة.

أيًا كان الشرط غير المعلن في الصفقة، فمن الواضح أن ظروفها، وملابساتها تدفع للاقتناع بأنها ليست صفقة بريئة، ولا هي "لأسباب إنسانية"، بقدر ما أنها بالون اختبار إضافي للنظام ومرونته تجاه إسرائيل، ولحجم القرار الروسي في سورية.

التعليقات