14/10/2021 - 16:48

لماذا تنتقل بقايا الأبرتهايد من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل؟

هذا وتستقطب الجولات السياحية التي يجري تنظيمها في المستوطنات العديد من الشباب اليهود وغير اليهود، خاصة في ظل المد اليميني الذي يكتنف العالم ويشهد انقلاب الكثير من المفاهيم، وفي وقت تتراجع فيه صورة البطل الفلسطيني- الفدائي.

لماذا تنتقل بقايا الأبرتهايد من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل؟

(أ ب)

هي ظاهرة تقتصر على المئات حتى الآن، ولكن يبدو أنّها مرشّحة إلى التزايد بحكم الأرضية المشتركة الواسعة التي تستند إليها، والتي ربطت مصلحيا وأيديولوجيا بين المستوطنين في جنوب أفريقيا وبين المستوطنين في فلسطين، والذين لم يجمعهم فقط تاريخ التأسيس عام 1948 الذي ولد فيه نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا وإقامة دولة الاستعمار الاستيطاني الصهيونية على أرض فلسطين، بل أن الحالتين، أيضًا، الحزب الوطني "الأبيض" في جنوب أفريقيا والحركة الصهيونية في فلسطين، اعتقدتا أنّهما "صفوة شعوب الأرض" أو "شعب الله المختار" ووظفتا المفاهيم الإنجيلية والتوراتية لخدمة أطماعهم في الأرض، حيث آمنتا بأن الأرض كانت لهم، وأنها الآن "أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض".

من هنا، لم يكن أيّ وجه غرابة في العلاقات المميزة التي جمعت إسرائيل ونظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا في حينه، لكن الغرابة أن تنتشر ظاهرة هجرة المواطنين البيض الجنوب أفريقيين إلى إسرائيل، بعد انهيار هذا النظام، وأن يغيّروا ديانتهم المسيحية والتحول إلى اليهوديّة، والأغرب أنّ هؤلاء يؤثرون التهود على الطريقة الأرثوذكسية، رغم أنّها أكثر صعوبة من الطريقة الإصلاحية، وأن ينتقلوا للسكن في مستوطنات الضفة الغربية.

التقرير الذي نشرته "هآرتس" يكشف أنّ هؤلاء بمجرد تهودهم وهجرتهم إلى إسرائيل يتحولون إلى مستوطنين متطرفين سياسيًا ويهودٍ متزمتين دينيا. ويشير التقرير، في السياق، إلى اعتداءات مستوطنين جنوب افريقيين سابقا، في مستوطنة "سوسيا" الكائنة في قضاء الخليل على السكان الفلسطينيين، مستذكرا تصريحًا لأحدهم، أعرب فيه عن حبه لنظام الأبرتهايد واعتبره أحسن نظام في العالم.

والغريب، أيضًا، أنّ التهويد لا يحدث لأسباب اجتماعية أو لمقتضيات الزواج كما يحدث بالعادة، بل لأسباب أيديولوجية/ سياسية وبهدف الهجرة إلى إسرائيل والتحول إلى مستوطنين وهو يشمل عائلات كاملة، وربما بالرغبة في مواصلة ممارسة حياة نظام الأبرتهايد في مكان آخر من العالم.

ويبدو أنّ الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية يشكّل مصدر جذب لليهود وغير اليهود الذين باتوا يتهوّدون لهذه الغاية، حيث كشفت دراسة أجرتها باحثة من جامعة أكسفورد، صدرت في وقت سابق، أنّ 15% من المستوطنين في الضفة الغربية هم مواطنون أميركيّون. والغريب أنه بعكس الاعتقاد السائد، الذي ينطبق على الأميركيّين الذين هاجروا في الستينيات والسبعينيات، وكانوا أرثوذكسيين متشددين ودعموا قضايا الجناح السياسي اليميني في أميركا، فان المهاجرين الجدد كانوا نشيطين سياسيا في الحركات الإشتراكية اليسارية في الولايات المتحدة في سنوات الستين والسبعين وقاموا بالتصويت لصالح الحزب الديمقراطي قبل هجرتهم إلى إسرائيل.

وفي السياق، تقول الباحثة إنّ بحثها يكشف عن صورة "لأميركيّين ليبراليين شباب، مثاليين، أذكياء ومحنّكين كانوا نشطاء صهيونيين، وأرادوا توظيف قيمهم وخبراتهم لصالح حركة الاستيطان الإسرائيلية"، "تحركهم وليس فقط ممّن يؤمنون ببعض حتميات الكتاب المقدس للعيش في ’الأراضي المقدسة الإسرائيلية’، ويعجلون مجيء المسيح. ولكن، أيضًا، أصحاب رؤية أميركيّة لمدنية مجتمعات جديدة رائدة وبناء الطوباوية في الأراضي المحتلة، إنهم يعتمدون على خلفيتهم الأميركيّة ونقل اللغة المريحة لهم حول حقوق الإنسان والحريات المدنية التي تبرر نوع العمل الذي يقومون به، وهم يستخدمون القيم واللغة اليسارية لتبرير مشاريع اليمين".

هذا وتستقطب الجولات السياحية التي يجري تنظيمها في المستوطنات العديد من الشباب اليهود وغير اليهود، خاصة في ظل المد اليميني الذي يكتنف العالم ويشهد انقلاب الكثير من المفاهيم، وفي وقت تتراجع فيه صورة البطل الفلسطيني- الفدائي الذي فرض نفسه على العالم، تسعى إسرائيل من خلال مسلسلات على غرار "فوضى" وغيرها تحويل جرائم المستعربين والمستوطنين إلى بطولات.

التعليقات