24/03/2022 - 16:02

مؤتمر جامعة حيفا: احتفاء بنهج منصور عباس بهمة جبهوية

الجرم لا يتمثل فقط على استثناء الحركة الإسلامية الشمالية وأبناء البلد وحتى التجمع الذي يشارك في انتخابات الكنيست، إلى جانب إسقاط القضية الوطنية العامة والقضايا الوطنية الفرعية المتمثلة بالحقوق الجماعية، بل في نتيجة الاستطلاع الذي شكل العنوان الرئيس للمؤتمر

مؤتمر جامعة حيفا: احتفاء بنهج منصور عباس بهمة جبهوية

افتتحه منصور عباس واختتمه أيمن عودة وعقد في جامعة حيفا بمبادرة "كيرن حداشا ليسرائيل" والمعهد الإسرائيلي للديمقراطية؛ مؤتمر "السياسة والمجتمع العربي في إسرائيل من الغياب إلى الحضور"، الذي عقد في جامعة حيفا على مدى ثلاثة أيام من هذا الأسبوع، هو محاولة لأن يزف لنا عهدا جديدا "نبيّه" منصور عباس قائد "أجندة التأثير"، الذي مُنح شرف الجلوس على منصة الافتتاح، وبشيره و"بطله التراجيدي" أيمن عودة، صانع السياسة الجديدة الذي عُوّض باختتامه.

من جهتي أنا لن أكرر ما قاله بروفيسور أسعد غانم الذي شارك في المؤتمر، رغما عن ذلك، إن مؤتمر يفتتحه منصور عباس ويختتمه أيمن عودة يحيد 70% عن الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، بل أقول إنه بغض النظر عما إذا كان أتباع منصور عباس وأيمن عودة يشكلون 30% أو أكثر من 50% فإن المهم هو اندراجهما تحت نفس العنوان الذي عكس أجندة المؤتمر والتي تم التعبير عنها بوضوح بكلمات رئيس الهيئة الإدارية لجامعة حيفا (مدير مكتب رئيس الحكومة في عهد شارون)، المحامي دوف فايسغلاس، ورئيس "كيرن حداشا ليسرائيل"، بروفيسور ديفيد مايرس، ورئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، بروفيسور يوحنان بلاسنر.

والجرم لا يتمثل فقط على استثناء الحركة الإسلامية الشمالية وأبناء البلد وحتى التجمع الذي يشارك في انتخابات الكنيست، إلى جانب إسقاط القضية الوطنية العامة والقضايا الوطنية الفرعية المتمثلة بالحقوق الجماعية، بل في نتيجة الاستطلاع الذي شكل العنوان الرئيس للمؤتمر والتي أفادت بأن 66% من العرب في إسرائيل يؤيدون انضمام الأحزاب العربية للائتلاف الحكومي، وخروج الشريك العربي في الاستطلاع، د. محمد خلايلة، في تصريح لـ"بانيت" بأن الجمهور العربي في إسرائيل سئم من الجلوس جانبا، وهو يريد التأثير من داخل (تركيبة الفريق)... هذا ناهيك عن تتويج أحمد طيبي زعيما للعرب.

والمفارقة أن الاستطلاع ذاته أفاد بأن 66% من العرب يعارضون الدخول في ائتلاف حكومي مع اليمين (ويبدو أن المقصود باليمين هو الليكود فقط) بمعنى أن 66% من العرب يؤيدون الدخول في ائتلاف حكومي "لا ليكود" على غرار الائتلاف الحالي الذي ينضوي تحته منصور عباس، والذي يجري هذا الكرنفال احتفاء به.

المؤتمر الذي يفترض أن يضم أكاديميين وسياسيين ورجال أعمال عربًا كما جاء في الإعلان عنه، غاب عنه السياسيون العرب باستثناء عباس وعودة، بينما اكتظ بالباحثين العرب العاملين في المؤسسات الأكاديمية الداعية له أمثال جامعة حيفا والمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إلى جانب العرب العاملين في الجمعيات الممولة من "كيرن حداشا ليسرائيل"، على غرار "سيكوي"، "كيرن أبراهام"، ولجنة متابعة التعليم، و"نساء ضد العنف" والمركز العربي للتخطيط البديل، والغريب أن غالبيتهم ينتمون للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

وبدون الانتقاص من مكانة أحد وبغض النظر عن ضرورة الاشتراك مع مراكز أبحاث عربية فلسطينية عند الحديث عن العرب الفلسطينيين في إسرائيل، على غرار "مدى الكرمل" أو "مدار" ومشاركة لجنة المتابعة في رعاية هكذا مؤتمر، فقد لوحظ أيضا غياب باحثين عرب يتمتعون بمصداقية أمثال بروفيسور نديم روحانا وبروفيسور سعيد زيداني أو حتى ممن يعملون في الجامعات ومعاهد الأبحاث الإسرائيلية، أمثال بروفيسور يوسف جبارين، بروفيسور عزيز حيدر، الذين يعتبرون مرجعية بحثية في مجالاتهم.

ولا بد هنا من الإشارة إلى اعتذار د. رائف زريق عن المشاركة والمسوغات التي ساقها في رسالته للمنظمين ونشرها على صفحته في فيسبوك، خاصة قوله، إن المؤتمر انتهى قبل أن يبدأ وإن المؤتمر في عناوينه ومواضيعه يعلن موت السياسة العربية ويتبنى مشروع الموحدة بالتمام والكمال، ليس فقط لأن النائب عباس يفتتح المؤتمر دون غيره، إنما لأن لغة المؤتمر وعناوينه بالمجمل تنطوي تحت مشروع الموحدة.

والحقيقة التي ربما غابت عن د. زريق أن المؤتمر لم يميز كثيرا بين نهج منصور عباس وبين أيمن عودة، الذي لم يشأ هو أيضا بأن ينأى بنفسه عن هذا النهج بعنوانه العريض الذي ترجم بأجندة المؤتمر، ليس فقط عندما وافق على الاذدناب تحت مسمى الاختتام، بل من خلال كلمته التي أثبتت تطابقه مع هذا النهج وتأكيده على أبوته له.

وإذا ما غفرنا له تخطيئه لإدوارد سعيد الذي لم يتحمل نفاق جان بول سارتر وامتداحه لأنور السادات وموقفه من كامب ديفيد، فإن خطابه، أيضا، لم يتطرق إلى "قانون القومية" ولم يتعرض للاستيطان والاحتلال ولا أتى على ذكر تقرير "أمنستي" والأبرتهايد، فيما آثر إجراء المقارنة التعيسة بين ما يبرر جلوسه مع الشيخ رائد صلاح ومنصور عباس في لجنة المتابعة، على ما يفصلهم من مساحة خلاف، ليبرر إمكانية الجلوس مع ميراف ميخائيلي ونيتسان هيروفيتس في معسكر ديمقراطي ما انفك ينظر له، متناسيا أن نفس المنطق يصلح أيضا لتبرير الجلوس في حكومة بينيت، لأن تحييد العامل القومي - الجامع في حالة المتابعة والمباعد في حالة حكومة بينيت، يسبغ الشرعية على الانضمام لهذه الحكومة أو الانضمام لأي حكومة إسرائيلية اخرى.

التعليقات