23/07/2022 - 08:54

النهج الإسرائيلي في فضح التطبيع

لا شيء سوى الاستعلاء العنصري يمكن أن يفسر أو يشرح العادة الإسرائيلية المتأصلة منذ ستينيات القرن الماضي في إحراج الأنظمة العربية التي تعاملت وتتعامل مع إسرائيل تحت جنح الظلام والسرية

النهج الإسرائيلي في فضح التطبيع

مظاهرة ضد التطبيع العربي الإسرائيلي في غزة، تشرين 2020 (Getty Images)

لا شيء سوى الاستعلاء العنصري يمكن أن يفسر أو يشرح العادة الإسرائيلية المتأصلة منذ ستينيات القرن الماضي في إحراج الأنظمة العربية التي تعاملت وتتعامل مع إسرائيل تحت جنح الظلام والسرية، وبعد خروج العلاقات "السرية" إلى "العلن" في مراسم علنية، بشكل يجعل هذه المراسم، وآخرها "اتفاقيات أبراهام"، فائضة عن الحاجة، لدرجة أنها لا تترك أثرًا "دراماتيكيًا" أو أثرًا صادمًا عند المتلقي العربي.

ويكون هذا المتلقي قد تلقى مسبقًا المعلومات عن عمق التعاون مع إسرائيل تارة من دول خليجية، وأخرى من دول في المغرب العربي، أو من أساطير وتسريبات زيارات ملكية وأخرى رئاسية عربية، وكلها سرية لإسرائيل، أو لقاءات كانت تتعهد فيها إسرائيل بالحفاظ على سريتها، عندما تُجرى في عواصم أوروبية أو في محافل دولية. لكن إسرائيل تسارع لتسريب خبر هذه اللقاءات والتطبيل لها، لحسابات داخلية وأخرى إقليمية، لتغذي عدم الثقة بين الدول وشعوبها.

لا تقيم إسرائيل وزنًا أو اهتمامًا لتداعيات التسريب وهي تقوم بفضح اتصالاتها ولقاءات بعض مسؤوليها مع نظرائهم العرب، بل تعزز بشكل منهجي فضح نهج اللقاءات والتعاون السري للدلالة على فوقيتها وتميّزها، لدرجة تدفع أعداءها المعلنين، يصبون لخطب ودها سرًا، وإن شتموها علنًا، في مسعى لضرب ثقة الشعوب بحكّامها، من جهة، وتنمية مشاعر اليأس والإحباط لدى هذه الشعوب، من جهة أخرى.

لا يقف نهج إسرائيل الاستعلائي عند هذا الحد في إحراج "أصدقائها العرب"، بل تطالب العرب ودولهم وأنظمتهم بأن يُبدوا تفهمًا لحسابات السياسة الإسرائيلية الداخلية والرأي العام الإسرائيلي، بينما تستكثر في الوقت نفسه أو تلغي (بفعل عقيدتها العنصرية) وجود رأي عام عربي.

وإذا التفتت لهذا الرأي العام يكون ذلك في سياق سلبي وللتحريض على الأنظمة نفسها وتحميلها مسؤولية "تلويث وتسميم" هذا الرأي العام، كما فعل بنيامين نتنياهو قبل خمس سنوات عندما اعترف، مكرهًا لا بطلًا، بأن "العائق" أمام السلام مع العرب وليس الأنظمة، هو الرأي العام العربي.

اقرأ/ي أيضًا | ثقة في غير محلها

ويعني هذا الاعتراف أن دولة الاحتلال تدرك أنه لن يكون ممكنًا تطبيع علاقاتها ما لم تقبل الشعوب العربية كلها بذلك، وهي لن تقبل ما لم تذعن إسرائيل لخيارات التسوية العربية المعروضة عليها، لأنه لا يمكن خداع أمة كاملة وبيعها سلامًا زائفًا لا تقبله هذه الشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.

التعليقات