16/02/2023 - 16:56

نحو احتجاجات موازية لسياسات حكومة اليمين ضد شعبنا

لكي لا نكتفي بمقولة "فخار يكسر بعضه" ونساعد في تكسير بعض الفخار، يتوجب على أحزابنا وهيئاتنا استغلال زخم المعارضة الشعبية والدولية لحكومة نتنياهو، لرفع صرخة جماهيرنا شعبنا ضد القوانين والإجراءات العنصرية والفاشية التي تستهدف وجودنا وحقوقنا في وطننا.

نحو احتجاجات موازية لسياسات حكومة اليمين ضد شعبنا

من مظاهرات المعارضة في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو (Getty Images)

أن لا تكون من دعاة "فخار يكسر بعضه" في التعامل مع خلافات المجتمع الإسرائيلي وأزماته الداخلية، لا يعني أنه يقع عليك "واجب أخلاقي" في مساعدة هذا المجتمع على حلحلة "أزماته" السياسية، التي ينبع جزء أساسي منها أصلا من طبيعة مشروعه الاستعماري الاستيطاني الذي قام على أنقاض شعبنا وكياننا السياسي الفلسطيني.

لقد رأينا ما ماذا حل بـ"العرب" الذين تطوعوا لحل "أزمة الحكم" في إسرائيل بعد أربع جولات انتخابية لم تفلح في حسم الصراع بين المعسكرين المتخاصمين، فقد انتهت بهم أو ببعضهم اللعبة السياسية التي بدأت بالتوصية على بيني غانتس في الجولة الانتخابية الأولى، إلى خلع ثوبهم الوطني والإسلامي ودخول ائتلاف حكومي صهيوني برئاسة رئيس مجلس المستوطنات السابق، نفتالي بينيت، بعد الجولة الرابعة.

وقد وجدوا أنفسهم لقاء فتات الميزانيات "يحللون" القوانين العنصرية وسياسة القتل والاستيطان والحصار واقتحامات الأقصى دون وازع، في حين استدعى وجودهم في الائتلاف مزيدا من التطرف في سياسة الحكومة المدعومة بأصواتهم كي لا تتهم بالخضوع لابتزاز "العرب"، حيث سجلت أرقاما غير مسبوقة في معدلات القتل والاستيطان واقتحامات المستوطنين لباحات الحرم القدسي الشريف.

في المقابل، شكل هذا "الوجود" حافزا لتجييش اليمين المتطرف واستنفاد كل طاقته الانتخابية التي لاقت ترجماتها في تعاظم قوة الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش وبن غفير، وتمكين معسكر اليمين الديني الاستيطاني بقيادة نتنياهو من حسم المعركة بجولتها الانتخابية الخامسة بأغلبية كبيرة، وتشكيل حكومة يحتل فيها هؤلاء الصفوف الأمامية.

ولمن لم يتعلموا الدرس بعد، من المطالبين والمتحمسين للمشاركة في الاحتجاجات التي يقودها الوسط - يسار ضد تشريعات "الإصلاح القضائي"، والتي لا تترك لنا "غابة أعلام إسرائيل" المرفوعة بأيدي المشاركين فيها، أي بقعة نستطيع الوقوف فيها؛ هؤلاء نحيلهم إلى نتائج التصويت على قانون سحب جنسية وإقامة الأسرى المحررين من الذين يحملون جنسية أو إقامة في إسرائيل، ويستهدف أسرى القدس والداخل، والذي أقر أمس الأربعاء بالقراءتين الثانية والثالثة بأغلبية غير مسبوقة بلغت 94 صوتا، ما يعني أن القانون قد حظي بأكثر من 30 صوتا من أصوات الوسط - يسار المزعوم.

وكانت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع قد صادقت في وقت سابق على اقتراح قانون طرد عائلات منفذي العمليات من القدس والداخل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة أو إلى خارج البلاد. وغني عن البيان أن هذه التشريعات تنضم إلى إجراءات ميدانية تتمثل بتعزيز عمليات هدم البيوت في القدس، وتشديد قبضة القمع البوليسي ضد أبناء شعبنا، وهي تشريعات وإجراءات تحظى بإجماع إسرائيلي واسع، حيث يتذيل الوسط - يسار لليمين وتذوب الخلافات والنزاعات في وجه "العدو الفلسطيني".

أما بشأن "محكمة العدل العليا" التي شرعنت السطو على بيوت سلوان والشيخ جراح وهدم الخان الأحمر وغيرها من قرى وبيوت الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، فتكفي الإشارة إلى ما كتبته قاضية العليا، عنات بارون، في قرارها المتعلق بهدم بيت منفذ عملية " كريات أربع"، الشهيد محمد الجعبري، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد أن أيدت قرار الهدم، بأن "محاولة عرض نجاعة الردع عن طريق هدم البيوت وكأنها مثبتة من ناحية نظرية، هي محاولة فاشلة"، ما يعني أنها تدرك أن هدم بيوت منفذي العمليات هو إجراء عقابي لأبرياء لا تربطهم علاقة بالعملية، ورغم ذلك تؤيده.

وفي السياق ذاته، استوقفني ما كتبه أبرام بورغ في مقال نشرته "هآرتس"، يقول فيه إنه لم يستوعب يوما دفاع المعسكر الليبرالي المطلق عن محكمة العدل العليا التي سمحت بفظائع الاحتلال الأكثر انحطاطا، ويستغرب "كيف يمكن إطلاق اسم ‘العدل‘ على مؤسسة تتمثل نتائجها بمصادرة حقوق أساس ديمقراطية من ملايين البشر، وتوفير الحماية المحلية والدولية لمنظومة سياسية متوحشة هدفها تأبيد احتكار اليهود للحقوق الزائدة والتمييز المطلق ضد الفلسطينيين".

إنه تمييز يمتد من الحق في الملكية الذي جرت مصادرته وسرقته بأساليب تراوحت بين "أملاك غائبين حاضرين" إلى مصارة أراضي، طرد وإبعاد، هدم بيوت، وصولا إلى كم الأفواه واستخدام وسائل التنصت والمراقبة وضبط الهواتف من الأسوأ في الدكتاتوريات، وانتهاءً بتقييد حرية الحركة وقتل الأبرياء بادعاءات أمنية كاذبة، واعتقال أعداد كبيرة من الأطفال وإهانة أهاليهم بشكل منهجي في إطار صناعة تخريب الأمل لمجموعة قومية كاملة، وكل ذلك يحظى، برأي بورغ، بشهادة تأهيل من "محكمة العدل العليا".

ولكن لكي لا نكتفي بمقولة "فخار يكسر بعضه" ونساعد في تكسير بعض الفخار، يمكن وربما يتوجب على أحزابنا وهيئاتنا استغلال زخم المعارضة الشعبية والدولية لحكومة نتنياهو - سموتريتش - بن غفير، لرفع صرخة جماهيرنا شعبنا ضد القوانين والإجراءات العنصرية والفاشية التي تستهدف وجودنا وحقوقنا في وطننا، من خلال تنظيم تظاهرات احتجاجية تبرز هويتنا ورموزنا وشعاراتنا في قرانا ومدننا الرئيسية.

التعليقات