12/03/2023 - 16:03

لماذا اتحادان للكتاب والشعراء؟!

وجود اتحادين يحول دون انضمام كثيرين من الكتاب لأَيٍ من الاتحادين وذلك منعًا للإحراج.

لماذا اتحادان للكتاب والشعراء؟!

من معرض سابق للكتاب في جمعية الثقافة العربية (صورة توضيحية "عرب 48")

بين ظهرانينا داخل مناطق 48 يوجد اتحادان للكتّاب الفلسطينيين، واحد اسمه الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين 48 - الكرمل، ويحمل الآخر اسم: الاتحاد القُطري للأدباء الفلسطينيين، لهذا نجد دعوات للمشاركة في نشاط لهذا الاتحاد أو إلى ذاك.

في الاتحاد الأول يوجد بضع عشرات من الكتاب والشعراء، وكذلك الأمر في الاتحاد الثاني.

الاتحاد الأول له مواقف وطنية وقومية وأممية متطابقة مع رؤية الاتحاد الثاني، لا يوجد خلاف أيديولوجي بين الطرفين، فكل طرف يحوي بين أعضائه كتابا وشعراء ينتمون لمختلف التيارات السياسية، وبعضهم غير منتم سياسيا لأي طرف.

كلاهما يمثّلان أو يطمحان إلى تمثيل الثقافة العربية الفلسطينية في داخل إسرائيل، وكلاهما ناشطان على السّاحة المحلية من خلال تنظيم مؤتمرات واحتفالات وتكريمات لمبدعين، وكذلك لكليهما نشاطات في الضفة الغربية وبعض المشاركات خارج الوطن.

وجود اتحادين يحول دون انضمام كثيرين من الكتاب لأَيٍ من الاتحادين وذلك منعًا للإحراج. في ثمانينيات القرن الماضي كان هناك "اتّحاد للكتاب والشعراء العرب في إسرائيل" ترأسه الشاعر سميح القاسم تلاه الكاتب محمد علي طه، وكانت كذلك "رابطة الكتاب والشعراء الفلسطينيين" برئاسة الشاعر جمال قعوار، في تلك السنوات كان الاتحاد الأول من أنصار الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام، بينما كانت الرّابطة الثانية عمومًا من خارج مؤيدي الجبهة والحزب الشيوعي، ومعظم أعضائها من مؤيدي الحركة التّقدمية للسلام، إلا أنَّ روح المسؤولية تغلّبت لدى الطرفين، وجرت مفاوضات نشأ عنها مؤتمر احتفالي واتحاد جديد شمل جميع الكتاب والشُّعراء الراغبين في أن يكونوا ضمن إطار تنظيمي، وكان لهذا الاتحاد بطاقات عضوية ونشاطات، وزاد عدد أعضائه عن المئة كاتب وشاعر، وضم أكثر الشعراء والكتاب الفاعلين على السّاحة الثقافية، وفي معايير صارمة للعضوية.

إلا أنّ نشاطات الاتحاد توقّفت فترة ما، ثم أعيد تأسيس الاتحاد عام 2010، وانتخب الشاعر سامي مهنا رئيسا له، ثم جرى تأسيسٌ مرة أخرى عام 2014، وجرى انتخاب الأستاذ فتحي فوراني رئيسًا.

ثم سارت الأمور على ما يرام، ولا نعرف ما الذي جرى بالضبط في العامين الأخيرين، فقد وقع انقسام بعد مؤتمر عام لانتخاب هيئات جديدة، كلُّ طرفٍ يحمِّل المسؤولية للطرف الآخر، طرف برئاسة المحامي سعيد نفاع وطرف برئاسة د. محمد هيبي.

هل نشأت خلافات فكرية جوهرية بين الأعضاء؟ الإجابة، لا.

لا أعرف من هو المسؤول عمّا حدث، ولكن أعرف أن الوحدة قوّة معنوية كبيرة، ونموذج للناس، ومصدر إلهام ونجاح كلِّ عمل. أما الانقسام فهو نموذج سيّء، وخصوصًا أنّه يأتي من الفئة التي يُفترض بأن تكون رائدة ومثالا يحتذي به الآخرون.

الوحدة ستدفع بكل أولئك الذين اختاروا الحياد بأن ينضموا، وهم لهم وزنهم الكبير كمًّا ونوعًا، إلا أن هؤلاء نأوا بأنفسهم عن الاتحادين، خشية تصنيفهم مع هذا ضد ذاك، أو مع ذاك ضد هذا.

لا أحمّل مسؤولية الانقسام لطرف دون الآخر، فهذا لن يفيد أحدًا الآن، ولكن يجب العمل بجدية للعودة إلى اتحاد واحد، وإذا كان الخلاف على منصب، فيمكن ببساطة إيجاد حل لمثل هذه الأمر.

ما حدث وما زال يحدث مسيء للدور الذي يُفترض أن يلعبه الكتّاب والشُّعراء تجاه الشأن الثقافي العام.

من سيِّئات وجود انقسام، هو فقدان معايير العضوية، وذلك بسبب التنافس على زيادة عدد أعضاء كُلِّ طرف، إذ يصبح الهدف هو زيادة العدد بدون الالتفات إلى النّوعية، أضف إلى ذلك، أن بعض أعضاء الاتحادين ينظرون إلى القضية من منظار ضيّق (نحن وهم) - اتّحادنا واتّحادهم - إضافة إلى ما يرويه كلُّ طرف من مسؤولية الطرف الآخر، وفي كل الحالات، هذا غير صحّي، لا لفئة الكتاب والشعراء، ولا للجمهور ونظرته إليهم.

كذلك فإن الصورة من خارج فلسطين 48 تبدو مخيّبة، لأنّ المفروض أن تكون هنا وحدة تشكل أنموذجًا جميلا.

في الوقت الذي يكتب معظم شعرائنا وكتابنا عن الوحدة الضرورية بين جميع الفصائل الفلسطينية، فإن الكتّاب والشعراء لم يستطيعوا الترفّع عن خلافات صغيرة وتوحيد صفوفهم.

الوحدة مطلب أكثرية الكتاب والشعراء بما فيهم أعضاء الاتحادين، ويفترض في قيادة الطّرفين التعالي من أجل الأهم، والتّوصل إلى اتحاد ينضوي الجميع تحت سقف خيمته.

التعليقات