15/02/2024 - 15:02

عقدة السنوار والنصر الإسرائيلي المطلق

في سياق التضليل الذي يمارسه الإعلام الإسرائيلي وتحت عنوان "الصحافيون يعرفون الحقيقة ويسكتون" كتب أوري كلاين، أيضا، أن الصحافيين القادرين على تحليل كل ثانية في عقل السنوار لا شك أنهم يعرفون ماذا يدور في دماغ نتنياهو.

عقدة السنوار والنصر الإسرائيلي المطلق

يحيى السنوار (منصة إكس)

لم يفطن المتحدث العسكري الإسرائيلي وهو يعرض بفخر شريط يظهر فيه قائد حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، داخل أحد الأنفاق، أن مكان (خانيونس) وزمان (8.10) الشريط يشكلان إدانة إضافية لجيشه واستخباراته، يضاف إلى سلسلة الإخفاقات التي أدت إلى فشل دفاعه في السابع من أكتوبر وفشل هجومه العسكري المتواصل منذ أربعة أشهر على قطاع غزة، رغم ما أحدثه من قتل ودمار وتهجير.

ولا يكفي أن الناطق بلسان الجيش الذي وعد الإسرائيليين بتقديم رأس "السنوار" وغيره ممن اعتبرهم مسؤولين عن أحداث السابع من أكتوبر على طبق، فهو يقوم بعد أربعة أشهر من الحرب بعرض شريط، يظهر فيه السنوار في ثالث أيام الحرب وهو "يتمشى" مع زوجته وأولاده في أحد أنفاق خانيونس الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة، وكأن جيشه لم يقم خلال الأشهر الأربعة الماضية بـ"قلب" شمال غزة "رأسا على عقب" و"لم يبقي فيها حجرا على حجر" بحثا عنه وعن رفاقه، كما "نسي" تدمير المستشفيات وحصار مجمع الشفاء الطبي واقتحامه بادعاء أنه يشكل مقرا تحت أرضي لقيادة حماس وعلى رأسها السنوار.

هذا ناهيك عن أن "جنرالات" الإعلام الإسرائيلي الذين كانوا قد أخبرونا أنه "متزوج القضية" على غرار عرفات، عادوا ليخبرونا أن لديه تسعة أطفال وربما أكثر من زوجة، وقد أحسن الكاتب الإسرائيلي، روغل ألفر، في وصفه لتجند الإعلام الإسرائيلي ودوره في دراما التضليل التي أخرج فيها الشريط بقوله، "كان واضحا أن هناك يدا خفية غير أنظمة العمل وأنماط التفكير المتشابهة في أوساط الصحافيين الذين يغطون الحرب في القنوات التلفزيونية، من محررين ومقدمين ومعلقين ومراسلين، خلقت شعورا بأن هناك حملة مخططة ومنظمة لها هدف واضح".

وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن الاعتراف بأن الشريط قديم وأنه صور في العاشر من أكتوبر، جاء كملاحظة عابرة فقط بعد مواجهة الاستوديوهات لحملة هستيرية من الأهالي، شككت بأن الأولاد الذين يظهرون في الشريط ربما هم من المخطوفين الإسرائيليين.. ويختم الكاتب بالقول إن الحديث يدور عن تضليل متعمد أريد منه صرف انتباه الجمهور عن غياب صورة نصر حقيقية.

في سياق التضليل الذي يمارسه الإعلام الإسرائيلي وتحت عنوان "الصحافيون يعرفون الحقيقة ويسكتون" كتب أوري كلاين، أيضا، أن الصحافيين القادرين على تحليل كل ثانية في عقل السنوار لا شك أنهم يعرفون ماذا يدور في دماغ نتنياهو، وهم يدركون أن "النصر المطلق" يعني الحفاظ على حكم نتنياهو. إنهم يعرفون ويسكتون، يعرفون أنه لا توجد أهداف ولا خططا لليوم التالي وأنه لا تقويض ولا تحرير (أسرى)، بل إن الجميع يخدم هدفا واحدا، يشتق منه كل شيء، ويقصد إبقاء حكم نتنياهو.

ويضيف الكاتب، الصحافيون يعرفون ولكنهم لا ينقلون ما يجب أن يعرفه الجمهور، بل ينقلون ما يريد أن يعرفه الجمهور، لأن الجمهور لا يريد أن يعرف أن أبناءه يحاربون من أجل نتنياهو، إنهم لا يقولون الحقيقة المؤلمة، على غرار أن المسدس مسلط على رقاب المخطوفين، ويعرضون مشهدا كاذبا يوحي بأن جنود الاحتياط مستعدون للخدمة سنتين وثلاث حتى تحقيق الهدف كما يشوهون حقيقة أن الهدف غير واضح.

ويتساءل كلاين في ختام مقاله في إشارة إلى قضية رفح، كيف يمكن تحقيق "النصر" دون قتل آلاف اللاجئين؟ وكيف يمكن للعقول اللامعة التي لا تعرف كيف تعالج قضية 100 ألف لاجئ إسرائيلي، أن تنقل 1.4 مليون لاجئ فلسطيني.. ليجيب متندرا أن الأمر يبدو سهلا لأول وهلة، ينثرون من الجو مناشير تدعوهم للانتقال ومن استطاع نجا ومن بقي الله يرحمه.. ويقترح على د. كميل فوكس فحص موقف الجمهور الإسرائيلي من عملية يقتل فيها 5 آلاف من الشيوخ والنساء والأطفال الفلسطينيين... وكان استطلاع للرأي قد أظهر أن 73% من الإسرائيليين مع توسيع العملية العسكرية إلى رفح حتى بثمن المواجهة مع مصر والولايات المتحدة.

ويبدو أن ما يحاول قوله كلاين يعكس، إلى حد بعيد، حالة الحشد والتعبئة التي تميز الشارع الإسرائيلي، الذي صار بغالبيته يرى في الغزيين وحتى بجميع العرب والفلسطينيين أهدافا مشروعة للحرب الانتقامية الغبية التي بات يقودها، فعلا، أقصى اليمين الإسرائيلي بعد أن أصبحت آراء غالبية الإسرائيليين تتطابق مع آرائه العنصرية والعدوانية، وهو ما أدى إلى تعتيم جميع بقع الضوء التي كانت تميز النظام الإسرائيلي، مثل الأكاديميا والقضاء والمحاكم ومؤسسات المجتمع المدني، وعزز من موقع نتنياهو وموقفه المتعلق بالنصر المطلق.

التعليقات