14/12/2006 - 09:27

القاهرة الرياض دمشق طريق الحل في بيروت /طلال سلمان

القاهرة الرياض دمشق طريق الحل في بيروت /طلال سلمان
يعرف عمرو موسى، بالتأكيد، أن طريق النجاح في بيروت تبدأ من القاهرة مروراً بالرياض وصولاً إلى دمشق، بكل ما تختزنه هذه العواصم من عواطف أو مرارات تجاه بعضها بعضاً، وبكل ما تعكسه مواقف كل منها من ارتباطات ومخاوف سهّلت تجاوز المحرّمات أحياناً، وأسقطت المحظورات وأباحت كل ما يمكن أن يحفظ الرأس ولو على حساب الأمة جميعاً.

ومع التقدير لكفاءة عمرو موسى، معززة بخبرات مصطفى عثمان إسماعيل، فإن شروط نجاح <المبادرة العربية> ليست متوفرة جميعاً في بيروت. وهما لن يستطيعا <إقناع> الأطراف الذين تباعدوا حتى لم يعد أي منهم يسمع الآخر، أو يقبل منطقه، أو يرتضيه شريكاً موثوقاً، إلا إذا...

إلا إذا تم تبني هذه المبادرة من قبل القوى القادرة على <فرضها>، وهي جميعاً بعيدة أو متباعدة أو مبعدة عن بيروت، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى احتمال عودة الصفاء بين العواصم المعنية، وإعادة بناء الثقة على قاعدة رؤية موحدة للمخاطر التي تتهدد المنطقة العربية جميعاً.

وها هو العراق تحت الاحتلال الأميركي يتخبط بدمه، وتتمزق وحدة شعبه، وينهار كيانه السياسي، ولا تجد الجامعة العربية ما تقدمه له برغم الجهود المضنية التي بذلها أمينها العام وفريقه في بغداد.

وبديهي أن العجز عن المعالجة قد أدى إلى مزيد من التدهور، فغطس الداخل العراقي في مستنقع فتنة تستنزف أبناءه وتستعدي بعضهم على البعض الآخر، وتفرض عمليات فرز طائفي ومذهبي بين ملايين العراقيين المترابطين بالنسب وصلات الرحم، بل والمتحدرين أحياناً من عشيرة واحدة...

وبالمقابل يترسخ وجود <مشروع الدولة الكردية> في شمال العراق، فترفع علمها، وتباشر إقامة ممثليات دبلوماسية، وتفتح أبوابها أمام الإسرائيليين ليس فقط كمصدر دعم سياسي، بل أيضاً كمصدر للسلاح ولشبكات التجسس وللشركات المالية التي تقدم خبراتها في استثمار ما يقتطعه الأكراد من عائدات النفط.

لقد تركت الدول العربية العراق لمصيره بين الاحتلال الأميركي والإرهاب والفتنة الطائفية، ولا يكفي العجز وحده لتفسير هذا الموقف الذي تفوح منه رائحة التواطؤ. كذلك لا يكفي اتهام إيران بأنها وراء كل ما يحصل في بلاد ما بين النهرين، وخصوصاً أن بصمات نفطية تبدو واضحة على سطح الإرهاب والفتنة.

أما في فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي فإن تواطؤ الدول العربية المعنية لا يحتاج إلى دليل... فقد شاركت هذه الدول في الحصار الذي فرضته إسرائيل، بضغط أميركي معلن يستهدف إسقاط الحكومة المنتخبة ديموقراطياً، وإخضاع السلطة لوعد أميركي لا ينفذ وإن كان يستنفد حيوية شعب فلسطين ويدمّر قدراته، ويتهدد ما تبقى من القضية بالضياع.

ولعل الأمين العام للجامعة العربية ومعه المستشار الرئاسي السوداني قد أدركا بعد كل ما سمعاه من الأطراف المعنية في بيروت، أن أقصى ما يستطيعان تحقيقه هو <هدنة> تصمد مدة كافية للذهاب إلى العواصم المختصة حول لبنان وفيه، وإلزامها بالتحرك للنجدة.

إن انفراط عقد الثلاثي العربي الذي كان يشكل ضمانة استقرار للأوضاع العربية، على ترديها، يترك بصماته واضحة على الانهيارات المتتالية في الوضع في لبنان.
... وطالما استمر جو الخصومة أو القطيعة سائداً بين القاهرة الرياض من جهة ودمشق من جهة أخرى، فإن الظل الأسود لهذه الخصومة سيبقى حاجزاً أمام مساعي التسوية الداخلية.
طبعاً يمكن إضافة طهران، التي لا مجال لنكران دورها، كمركز تأثير.

لكن الحديث مع طهران في ظل الخصومات العربية العربية لن يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، بل لا بد من توحيد الخطاب العربي في الحديث عن لبنان مع إيران، بدورها الإقليمي الكبير، والذي يمكن الإفادة منه إذا كان العرب متفقين، وخصوصاً أن خلافاتهم قد وسعت مساحة الفراغ المفتوحة للقادر على ملئها... ومع عرب موحدين فإن الدور الإيراني قد يكون مفيداً، وأكثر بكثير من الدور الأميركي مع عرب مختلفين في ما بينهم ومختلفين مع طهران أيضاً.
هذا لا يعني التشكيك بقدرات عمرو موسى ومعه مصطفى عثمان إسماعيل،
ولكنه مجرد تذكير بأساس الموضوع... لا أكثر!


"السفير"

التعليقات