04/10/2009 - 15:07

جريمة بدون عقاب../ مصطفى إبراهيم*

جريمة بدون عقاب../ مصطفى إبراهيم*
ظهر عدد من مسؤولي السلطة الفلسطينية بمظهر مخز وهم يبررون فضيحتهم وجريمتهم البشعة بحق الضحايا، وهزيمتهم أمام الشعب الفلسطيني وجميع أصدقائه والمناصرين له والمدافعين عن عدالة القضية الفلسطينية، وتبرئة دولة الاحتلال من التهم الموجهة لها بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني والقانون الإنساني الدولي.

وعلى رغم قيام السلطة بتأجيل وترحيل النقاش والتصويت على تقرير غولدستون إلى آذار (مارس) المقبل، فإن جرائم الاحتلال لن تسقط بالتقادم ولن يفلت مسؤولي السلطة من المساءلة والمحاسبة، كما لن يفلت قادة دولة الاحتلال الذين سيظلوا مطلوبين للعدالة الدولية، على جرائمهم التي ارتكبوها منذ اغتصاب فلسطين في العام 1948، حتى الآن، وسيظل هؤلاء قابعين في دولتهم ولن يستطيعوا الخروج منها لأنهم مطلوبون للعدالة الدولية وللضحايا.

فظهور هؤلاء المسؤولين بمظهر المدافع عن حقوق الضحايا التي باعوها بثمن بخس، بذريعة الحصول على إجماع أكبر، والمحاولات البائسة للتملص من مسؤوليتهم وإلصاق التهم بالآخرين، لم ولن تقنع الفلسطينيين وأصدقاءهم بتواطؤ أولئك المسؤولين، والاستجابة للوعود بوهم الاستمرار في ما يسمى بالعملية السلمية ومنح السلام فرصه.

منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية استطاعت العمل بمهنية عالية، وهي تدرك أن مجلس حقوق الإنسان كان سيصدر القرار، وهي تعلم أن هناك غالبية كاسحة من " 33" دولة من أصل " 47" أعضاء المجلس كانت ستصوت، ولا احد يملك قرار تأجيل التصويت سوى السلطة فالمعلومات المتوفرة لمنظمات حقوق الإنسان واضحة بهذا الشأن.

منذ توقيع اتفاق أوسلو والسلطة ترضخ لما يسمى بالضغط من المجتمع الدولي خاصة دولة الاحتلال والولايات المتحدة، ومسؤولو السلطة أرهقوا الشعب الفلسطيني بتلك الاسطوانة المشروخة، وكل يوم تترسخ قناعة الفلسطينيين بأن مسؤولي السلطة مستمرون في التضحية بمصالح الفلسطينيين لحسابهم الشخصي، ويرضخون لوهم العملية السلمية التي لم يستطيعوا من خلالها رفع حاجز عسكري واحد في الضفة الغربية.

من قمع التظاهرات ولم يسمح لفلسطيني الضفة بالتضامن مع غزة أثناء العدوان شريك في العدوان والجريمة، ومن لم ينتصر للضحايا شريك في الحصار، ومن حمل المسؤولية لحركة حماس أثناء العدوان هو شريك في الجريمة.

الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى تسريبات وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن مسؤولين في السلطة طلبوا الاستمرار في الحرب على غزة لإسقاط حكم حماس، وهم يدركون تماماً أن المستهدف هو الشعب الفلسطيني كله وليس حماس، وأن ثمن دماء الشهداء لديهم رخيص إلى درجة الموافقة على منح ترخيص لشركة هاتف نقال لبعض المسؤولين وأبنائهم من السلطة.

من يبرئ مجرمي الحرب على حساب دماء وآهات وآلام وعذابات الضحايا والمشردين الذين لا يزالون يبحثون عن مأوى والمعتقلين هو شريك في تقويض العدالة والسلم والأمن الدولي، ومن يعطي الفرصة للرضوخ تحت ضغط وهم ما يسمى العملية السلمية والوعد الكاذب بالسلام هو شريك في جريمة الصمت أثناء العدوان.

هؤلاء يبحثون عن مصالحهم وليس عن مصالح الفلسطينيين، فأي ضغط هذا الذي يعطي الفرصة للسلام مع محتل مستمر في غيه وفرض الشروط والإملاءات، والقتل والاستيطان والحصار، وتهويد القدس؟ هل نسي هؤلاء أن معاقبة مجرمي الحرب هو تحقيق للسلم والأمن الدوليين؟، والسلطة بذلك تكون عززت مع مسؤولي دولة الاحتلال مبدأ الإفلات من العقاب، وتبرئتها من دماء الضحايا الأبرياء.

لم ينتظر الفلسطينيون من الولايات المتحدة إنصافهم والذهاب بتقرير غولدستون إلى مجلس الأمن ومحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، إلا أنهم يدركون أنه آن الأوان كي يدرك مجرمو الحرب من قادة دولة الاحتلال أنهم لن يفلتوا من العقاب، وتعريتهم أمام المجتمع الدولي والانتصار للضحايا.

الإسرائيليون أفاقوا من الصدمة مبكراً، ووجدوا من يدافع عنهم ويبرئهم من جرائمهم بأرخص الأثمان، وحققوا إنجازا لم يحلموا به بأيد فلسطينية، فعلى قيادة السلطة التي انكشفت عنها ورقة التوت أن ترحل قبل أن تلاحقهم دماء وآلام وأهات وعذابات الضحايا.

التعليقات