08/10/2009 - 08:35

تقرير غولدستون والوثيقة الأخلاقية لجيش الاحتلال!../ نواف الزرو

تقرير غولدستون والوثيقة الأخلاقية لجيش الاحتلال!../ نواف الزرو
في ذروة العدوان الاسرائيلي على غزة، زعم رئيس وزرائهم آنذاك أولمرت "أن سلاح الجو الإسرائيلي الحربي هو الذراع الاستراتيجية لدولة اسرائيل وينفذ مهامه بدقة بالغة"، وأثنى على طياري سلاح الجو الإسرائيلي قائلا: "إنهم من أفضل الطيارين في العالم/ اذاعة الجيش/2008/12/29"، وزعم وزير حربهم ايهود باراك قائلا: "إننا نخوض حربا لا هوادة فيها ضد حماس، حرب نتفوق فيها أخلاقيا /2008/12/29-الجزيرة"، أما رئيس دولتهم بيريز فزعم "أن حماس هي المسؤولة عن قتل الأطفال وأنهم ضحايا لأعمال حماس"، مضيفا "أن هؤلاء الأطفال ليسوا ضحايا الأعمال الإسرائيلية/ سما /2009/1/11".

بينما افتخر قائد المنطقة الجنوبية الإسرائيلية العميد يؤاف جلنت قائلاً: افتخر بأن جيشنا لم يقتل إلا القليل من الأبرياء خلال حربنا على غزه. وأضاف أن الجيش قتل خلال عملية "الرصاص المصبوب" 300 مدني بريء من الأطفال والنساء و880 مسلحا فلسطينيا.
فهل أطفال ونساء وشيوخ وشبان فلسطين ليسوا مواطنين ومدنيين وبشرا...؟!!!.
وفقا للأدبيات الإرهابية الصهيونية فالأمر كذلك من وجهة نظرهم.....!.

في ضوء تقرير غولدستون الذي يجرم إسرائيل "باقتراف جرائم حرب، أخذ القلق الإسرائيلي يتزايد من دعاوى قضائية تطال كبار العسكريين والسياسيين بعد طلب اعتقال باراك/الصحف العبرية/30/9/2009. وأخذت "إسرائيل تجند خيرة محاميها وخبراء القانون لمواجهة حوادث مشابهة لمحاولة اعتقال باراك/ الأربعاء 30 / 9/ 2009 "، ووزير العدل الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ يقترح "تشكيل سلطة تتصدر الكفاح القضائي الاسرائيلي في الساحة الدولية، فهي تعيش اليوم معركة قضائية عسيرة تتآمر على شخصية وجودها – وعليه فإنه ينبغي لها أن تجند لكفاحها أفضل العقول القضائية تحت تصرفها/هارتس- الجمعة 18 / 9 / 2009 "( والواضح أنها نجحت في إجهاض التقرير في مهده وبمساعدة فلسطينية عربية!).

ورغم كل ذلك يعلن الجنرال باراك "أن تقرير غولدستون لن يردعه من شن حروب في المستقبل/ المشهد الإسرائيلي 9/18/2009، وهذا إصرار بالغ الوضوح على المضي قدما في اقتراف الجرائم!.
وهذا ليس عبثا، فهناك ثقافة وأدبيات وتعليمات إرهابية بني عليها ذلك المجتمع وذلك الجيش!
فإن كان تقرير غولدستون جرم "إسرائيل" باقتراف جرائم حرب أثناء العدوان على غزة، فإن هناك وثائق من أرشيفهم العسكري تكشف الخلفية والأدبيات المسوغة لتلك الجرائم. فنخبة الساسة والجنرالات والفلاسفة والمنظرون كتبوا ونظروا وسوغوا تلك الجرائم على مدى عمر تلك الدولة.

فقبل أيام فقط، أطلقت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وثيقة اطلقت عليها "وثيقة الأخلاق الجديدة لمحاربة الإرهاب- والإرهاب عندهم الشعب الفلسطيني كله باطفاله ونسائه وشيبه وشبانه"، فكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية/ 30 / 9 / 2009 النقاب عن "أن رئيس قسم الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي العميد عاموس يدلين طالب الهيئة العامة بتبني وثيقة "الأخلاق الجديدة في محاربة الإرهاب" التي تسمح باستهداف مقاتلين يتبعون لمنظمات معادية، حتى وإن أدى ذلك إلى إلحاق أذى بالمدنيين، والتي وضعها البروفسور الإسرائيلي آسا كاشير".

أطلقوا على هذه الوثيقة تارة "المدونة الأخلاقية للجيش"، وطورا "الماغناكارتا- الشيفرة الأخلاقية للجيش"، وتارة ثالثة "طهارة السلاح" وهكذا!!

الكاتبة الإسرائيلية اوريت دغاني كانت وثقت الخلفية الثقافية لما يقترفه الجيش الإسرائيلي من جرائم إبادية في مقال نشرته صحيفة "معاريف 2009/1/1" قائلة: "إن المجتمع الإسرائيلي بات مستلباً لثقافة الحرب، ولا يعرف أي لغة غيرها"، وتضيف: "أن الإسرائيليين يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف". وتوثق: "أن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم، حيث أننا نتصور أن من الطبيعي أن نندفع نحو الحرب التي يقتل ويجرح فيها الناس، لذا فإننا عادة ما نشعل حربا بعد عامين ونصف العام تقريباً على انتهاء آخر حرب خضناها".

انشغلت وسائل الإعلام والمحافل الأكاديمية والسياسية والأمنية/ العسكرية الإسرائيلية على مدى سنوات مضت، بنشر وشرح وتعميم هذه "الشيفرة الأخلاقية"، وجاء من ضمن ما جاء في مقدمة الشيفرة/ وقد كتبنا في هذا الصدد في حينه/: أن المدعوين اللواء "عاموس يادلين" والبروفيسور"آسا كاشير" مكثا قرابة نحو عامين مع "طاقم من الحكماء" لإعداد "شيفرة أخلاقية" تعمم على جنود الجيش الاسرائيلي فقط بهدف "تثقيفهم" بالوثيقة التي قال فيها الكاتب الإسرائيلي المعروف "بـ - ميخائيل" وهو من أقطاب اليسار الإسرائيلي "إن البروفسور آسا كاشير انما يقدم على صياغة "الماغنا كارتا الاخلاقية" التي تحلل قتل الناس وتدمير ممتلكاتهم وحياتهم باسم الاخلاق ومحاربة الإرهاب".

ووفق المحلل العسكري الإسرائيلي "رؤوبن فدهتسور" فإن وثيقة المبادئ الأخلاقية للجيش "تبيح من الناحية الاخلاقية قتل الابرياء وإضفاء رداء من النبل على التصفيات - الاغتيالات - المركزة، وتبرر العمليات العسكرية غير الاخلاقية بصورة مركزة".

الكاتب الإسرائيلي المعروف "جدعون ليفي" كتب في هآرتس "أن المجتمع الإسرائيلي يغدو أكثر أصولية وأقل أخلاقية من يوم الى يوم "، ويفضح ليفي "الماغناكارتا /الشيفرة/الأخلاقية " قائلا: إسرائيل آخذة في الغرق في أجواء شوفينية والظلام آخذ في تغطية كل شيء. ثم يعود الينا ليفي لاحقا لينتقل من الظلام الأخلاقي والعقلاني إلى سيمفونية "طهارة السلاح" وارتباطها بما يقترف على أرض غزة من مذابح قائلا: إن ما يحصل في غزة هو حمام دم، حيث تعربد قوات الإحتلال، وتقدم على قتل عشرات الفلسطينيين في حين "يتثاءب الرأي العام الإسرائيلي بلا مبالاة.. ويستخلص: "هذا هو الانحطاط الأخلاقي الذي وصلنا إليه بعد تدحرج طويل في المنحدر الأملس.. أصبحت حياة البشر رخيصة"، وعن العدوان الأخير على غزة يقول ليفي إن الجيش الأكثر أخلاقاً في العالم يقضي وقته في قتل الفلسطينيين الأبرياء/ الإثنين 6 / 7 / 2009 ".

يمكن أن تشكل هذه الشهادات وغيرها الكثير مستندا هاما من مستندات محاكمة وتجريم جنرالات الاحتلال باقتراف مثل تلك الجرائم. ورغم ذلك يطل علينا قادتهم وجنرالاتهم من أولمرت إلى باراك إلى بيريز إلى نتنياهو فرئيس الأركان وأعضاء هيئته ليتحدثوا عن "وثيقة المبادئ الأخلاقية للجيش الإسرائيلي" مرة أخرى، وليزعموا "أن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر طهارة وأخلاقية في العالم"...؟!
تصوروا....!

فـ"الحق ليس عليهم"، وإنما على الفلسطينيين والعرب وعلى اؤلئك الذين يتطوعون لتأجيل وتمويت ودفن تقرير غولدستون.

التعليقات