23/11/2009 - 22:17

مؤتمر الأحزاب العربية الخامس في الميزان../ محمد شريف الجيوسي

مؤتمر الأحزاب العربية الخامس في الميزان../ محمد شريف الجيوسي
عقد مؤخراً بدمشق المؤتمر العام الخامس للأحزاب العربية تحت شعار (القرار العربي المستقل) وسط حضور حزبي وسياسي وفكري وإعلامي كبير غير مسبوق على صعيد المؤتمر، الذي افتتحه الرئيس العربي السوري بشار الأسد، حيث ألقى خطاباً نوعياً أكد فيه على صحة المقاومة والممانعة وتحالفاتهما الإقليمية، وعلى الحقوق العربية والتضامن على أرضية الثوابت والمصالح العربية، مبيّناً أن قوة العدو الصهيوني وهمية نتيجة الضعف العربي، وأن تبعية أوروبا للولايات المتحدة المنحازة بالمطلق لإسرائيل تفقدها دورها الاستراتيجي في المنطقة، وقال أن الشرق الأوسط الجديد قادم، ولكن ليس هو الشرق الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي المنصرف بوش.

لقد قدم في المؤتمر ما ينوف عن 30 ورقة وبحثاً ومذكرة، وألقيت محاضرات وكلمات، لعل أهمها البحث الذي قدمه د.عزمي بشارة، وهي أفكار جديرة بالبحث والتوسع والتبني على أن لا تكون بديلة (كما قد يفهم البعض) لأفكار أخرى جديرة بالتطبيق قومياً وإنما بالإضافة إليها.

وكانت الملاحظات التي تضمنتها كلمة الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين (في العراق)، المتحدث باسم المقاومة العراقية، مليئة بمشاعر المرارة لما يلقاه العراق من تهميش بعد سنة 2006 حتى من قبل أقلام كانت ملتزمة بدعمه.

وبانعقاد المؤتمر الخامس للأحزاب، الذي مضى على تأسيسه في عمان 13 عاماً، يكون المؤتمر قد تكرّس وأصبح عصياً على الفشل وجزءاً مهما وفاعلاً من الحياة السياسية والفكرية العربية، لا يمكن تجاوزه، تمأسس وتصلب عوده وأصبح موجوداً في كل قطر عربي فيه تعددية حزبية، أو فيه أحزاب متحالفة حاكمة أو قوى مقاومة في غير ساحة، ما يجعل منه قوة فاعلة على غير صعيد.

ويولي المؤتمر العمل السياسي المستقبلي ما يستحق من الاهتمام، حيث مخيمات شباب الأحزاب العربية ويؤمن حضوراً مناسباً للشباب والمرأة، بحيث لا يحدث انقطاع أو تباين بين الأجيال حيث خبرات الشيوخ وحماس الشباب. ويقدم الدراسات الراهنة والاستشرافية والنشرات وأوراق العمل ويصدر البيانات والتصريحات، مغطياً الحياة السياسية وتطوراتها ومتغيراتها.

ومن الملاحظ أن الأحزاب العربية لم تعد في خشية من حضور قوى سياسية وسطية في صيوان بنائه القوي المتجذر طالما هي قابلة بالميثاق والنظام الداخلي وملتزمة بالمقاطعة ورافضة للتطبيع.

إن نظرة متعمقة للبيان الختامي للمؤتمر الخامس تبين كم هي المسؤوليات الملقاة على المؤتمر العام عديدة ودقيقة وواسعة وخطيرة، ما يستوجب عملاً دؤوباً متصلاً، وتفريغ كوادر تؤمّن ما تفرضه من متابعات وتنفيذ وتفعيل وتعميق مطرد وتوسيع لقاعدة الانتماء إليه.

لا بد أن ثغرات قد تبرز هنا أو هناك في عمل المؤتمر العام، لكن الخط التاريخي للمؤتمر صاعد بامتياز في غير شك، وهو كفيل بتجنب الثغرات والهنات وتكريس الإيجابيات.
"الدستور"

التعليقات