08/04/2010 - 11:23

هذيان نووي../ ساطع نور الدين

هذيان نووي../ ساطع نور الدين
هي نقطة تحول في تاريخ العالم، تنقل سلاح يوم القيامة من جبهته التقليدية التي حددت منذ اليوم الأول من الحرب الباردة بين الأميركيين والسوفيات، الى جبهات جديدة في العالمين العربي والإسلامي اللذين يعيشان اليوم على شفير قيام الساعة.

قبل أن يعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما العقيدة النووية الأميركية الجديدة التي تلغي الاستراتيجية المعتمدة منذ مستهل الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، وقبل أن يوقع اليوم في براغ على معاهدة "ستارت 2" لخفض الأسلحة النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية، تسللت الى وسائل الإعلام أخبار وكتابات وتحليلات تضع السلاح الذري الذي يملكه الأميركيون والإسرائيليون في جوهر النقاش وفي صلب موازين القوى التي تحكم الحروب والصراعات الآتية على العالمين العربي والإسلامي.

بهدوء شديد، سربت في الأسابيع القليلة الماضية سيناريوهات عديدة تفيد ان الأسلحة النووية التكتيكية هي الأسلحة الحاسمة التي سيستخدمها الأميركيون والإسرائيليون في الحرب المقبلة على إيران، من دون انتظار وصول الصواريخ الإيرانية التقليدية، او حتى المزودة برؤوس كيميائية، الى القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة أو الى المدن الإسرائيلية.

ونشرت أنباء عن القدرات النووية التكتيكية المتوافرة لدى القوات الأميركية في الخليج وغيره من المواقع المحيطة بإيران، والقادرة على تدمير العديد من الأهداف العسكرية والمدنية الإيرانية من دون الإضرار بجوارها. وكان لافتاً تصريح المستشار السابق في وزارة الدفاع التركية تانر بايتوك قبل يومين لصحيفة «حرييت» عن ان اميركا تخزن حالياً 100 سلاح نووي تكتيكي في اسطنبول نفسها، عدا عن الأسلحة المماثلة الموجودة في قاعدة انجرليك في أضنة.

وبسرية تامة، ترددت إشارات عن أن الإسرائيليين يعتبرون أن حروبهم المقبلة، حتى ولو اقتصرت على لبنان، ستكون الأخيرة من نوعها، ولن تكون بعدها أي فرصة للجوء الى السلاح على الأقل في المستقبل المنظور، وهم لذلك لن يترددوا في استخدام أسلحتهم الاستراتيجية، علماً بأن خططهم للحرب على إيران تقوم أساساً على مثل هذا الاحتمال، إن لم يكن في اليوم الأول من إطلاق النار، فعلى الأقل في الأيام التالية التي يفترض أن تغطي الغارات الجوية سماء المنطقة كلها، وتتطاير فيها الصواريخ الباليستية فوق رؤوس الجميع.

ويخطئ من يظن أن الخلاف السياسي الأميركي الإسرائيلي حول التسوية الفلسطينية يؤثر على هذه الخطط والأفكار الحربية المشتركة بين إدارة الرئيس باراك أوباما وبين حكومة بنيامين نتنياهو.

ثمة أكثر من داع للاستنتاج بأن العكس هو الصحيح تماماً، أي أن الأميركيين والإسرائيليين يخططون معاً للحروب المقبلة بسبب هذا الخلاف، وبهدف معالجته بشكل يعزل الفلسطينيين عن حلفائهم وشركائهم، لا سيما في طهران التي أعلنت بالأمس عن معادلة تل أبيب مقابل مفاعل قم.

لا يزال تنفيذ هذه الخطط يقع في باب الخيال، لكن العقيدة النووية الأميركية الجديدة، التي تحفظ مكانة السلاح النووي الإسرائيلي، والتي تعتبر أن الخطر الأكبر يكمن في «الإرهاب النووي» المزعوم، لا تدع مجالاً للشك في أن ذريعة اللجوء الى سلاح يوم القيامة ضد بلدان وتنظيمات لا تملكه، اكتسبت زخماً إضافياً.. قد يحقق الردع ويقرب الصفقة، لكنه أيضاً قد ينذر بدنو الآخرة، نتيجة ذلك الهذيان الأميركي الإسرائيلي المتبادل.
"السفير"

التعليقات