08/06/2010 - 10:28

حنين الزعبي والكلاب المسعورة../ راسم عبيدات*

حنين الزعبي والكلاب المسعورة../ راسم عبيدات*
دماء كثيرة زكية وطاهرة سالت بغزارة على ظهر أسطول الحرية في عرض البحر بفعل جريمة الحرب وإرهاب الدولة المنظم الذي مارسته إسرائيل بحقهم. وهناك من أراد أن يكمل رقصة الموت في وكر ودفيئة الإرهاب والعنصرية، وهاله أن تخرج النائبة الزعبي سليمة ومتعافية من عملية القرصنة تلك، ولأن النائبة الزعبي عرضت وكشفت أكاذيب وأضاليل وزيف وإدعاءات حكومة الاحتلال حول العملية تلك، أرادوا الانتقام منها.

فما أن اعتلت منصة الكنيست للرد على الحملة المسعورة من التحريض غير المسبوق ضدها حتى بدأت كلاب اليمين والتطرف المسعورة تنبح عالياً عليها، وهذا النباح المسعور والذي كاد أن ينهش جسد النائبة الزعبي، كشف بشكل واضح أن حالة السعار تلك ليست مقصورة على حزب دون الآخر، حيث شارك وتسابق في النباح المسعور على النائبة الزعبي مختلف ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي لا فرق بين ما يسمى بيسار أو يمين من "عمل" و"ليكود" و"إسرائيل بيتنا" و"شاس" و"الإتحاد القومي" وغيرهم.

هذا النباح المسعور والتحريض غير المسبوق على النائبة الزعبي من الشتائم والألفاظ البذيئة والاتهام بالخيانة ودعم "الإرهاب"/المقاومة من قبل أعلى سلطة ومؤسسة في الدولة يثبت أن العنصرية والتطرف ليس حالة شاذة ومعزولة في المجتمع الإسرائيلي، بل هي حالة رسمية وشعبية تطال كل قطاعات ومؤسسات المجتمع الإسرائيلي.

لقد رأينا وشاهدنا كيف تجندت كل المستويات والمؤسسات الصهيونية في تبرير وتشريع عملية القرصنة وجريمة الحرب المنظمة بحق أسطول الحرية، عسكريا وسياسياً وأمنيا وإعلامياً وقضائياً وشعبياً.

والمسألة لم تعد قصراً على رفع الحصانة عن النائبة الزعبي ومحاكمتها ومحاكمة وفد شعبنا من الداخل المشارك في رحلة أسطول كسر الحصار الظالم المفروض على شعبنا في القطاع، بل إن التحريض الأرعن غير المسبوق والعنصرية وصل حد الدعوات الى طرد النائبة الزعبي والتحريض على قتلها وإعدامها، حيث فتحت مجموعات من الشبان اليهود مواقع على "الفيسبوك" تدعو علناً إلى إعدام النائبة الزعبي. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى السقوط الأخلاقي والمدوي الذي وصل اليه المجتمع الإسرائيلي وفي المقدمة منه المؤسسة الحاكمة التي ترعى وتحتضن وتدافع عن كل ما يمارس من عنصرية وحقد وكره وعربدات وزعرنات بحق شعبنا الفلسطيني.

وحكومة الاحتلال المغرقة في العنصرية والتطرف والمشبعة بالحقد والكره والأساطير والايدولوجيا التوراتية، تتصور أنها بأساليبها وممارستها تلك ستدفع شعبنا نحو الهجرة القسرية أو الخضوع والاستسلام ناسية أو متناسية بأن شعبنا الفلسطيني أصبح يعي الدرس جيداً ولن يسمح بحصول نكبة ثانية مهما غلا الثمن والتضحيات.

فهذا الشعب لن يغادر أرض آبائه وأجداده، ولن يتخلى عن وجوده وسيدافع عن هويته وقوميته وثقافته وتراثه وذاكرته ووعيه وأرضه بكل الطرق والوسائل، ولن يثنيه عن ذلك كل القوانين والمشاريع العنصرية التي تشرعها وتقرها الكنيست وتتفتق عنها ذهنية وعقلية اليمين والتطرف والعنصرية. بل سيجدون أنفسهم ليس أمام "قانون عزمي بشارة" أو "رائد صلاح" أو "جمال زحالقه" أو "حنين الزعبي"، بل سيجدون أنفسهم بحاجة كل يوم الى قانون خاص بكل فلسطيني من أهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني.

فلا سياسة كيّ الوعي والاعتقالات التي كان آخرها اعتقال شخصيات وطنية قيادية ونشطاء العمل الأهلي والمجتمعي، أمثال د.عمر سعيد وأمير مخول، والشروع في إقرار قانون سحب الجنسية لمن ينتمي إلى إحدى فصائل العمل الوطني الفلسطيني أو تقديم خدمة لقوى "معادية"، حزب الله وسوريا وإيران وغيرها من قوى المقاومة، ولا الهجمة الشرسة أيضاً على المؤسسات الأهلية والمجتمعية والتدخل في مناهج التعليم العربية وفرض مناهج ونصوص صهيونية عليها، ولا محاولة شطب ومحو النكبة من ذاكرة شعبنا بإخراجها من مناهج التعليم العربي ولا سياسة كم الأفواه ومنع الأنشطة ستمكنهم من إذلال شعبنا هناك وإخضاعه.

حنين الزعبي قائدة فلسطينية أصيلة، وتعبير عن موقف قومي عروبي جذري، قامتها أطول من قامة كل زعران وأوباش العنصرية والتطرف من أعضاء الكنيست الإسرائيلي، بل وأطول قامة من كل قامات الزعامات العربية المرتجفة والمنهارة من قادة النظام الرسمي العربي، فحنين لن يرهبها سعار ونباح الكلاب عليها في وكر العنصرية والتطرف، بل بكل عنفوان ورباطة جأش ردت عليهم من على منصة وكرهم "أنا أحتقركم وأحتقر أقوالكم، وسأواصل النضال والعمل من أجل أن يرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، ومشاركتي في أي عمل من أجل رفع الحصار وكسره عن غزة، لن تكون الأولى ولا الأخيرة". وهي تقول بالفم المليان لكل الأوباش والزعران،كما قال الثائر الأممي تشي جيفارا "أينما وجد الظلم فذلك موطني" فـ"لا نباحكم ولا سعاركم سيرهبني أو يخفني، فزمن الخوف والرهبة قد ولى ،كما ولى زمن الطرد والترحيل والتطهير العرقي،فنحن في أرضنا على صدوركم باقون، باقون كأشجار الزيتون والليمون".

معركة الدفاع عن وجود شعبنا وهويته وأرضه وكل معالم وجوده، معركة بحاجة إلى صلابة وإرادة وعمل وفكر وإيمان وقناعات ووحدة رؤيا وبرنامج وإستراتيجية، تلتف حولها كل القوى الوطنية والشريفة والمناضلة بغض النظر عن اللون السياسي، فلا أحد خارج الاستهداف الإسرائيلي، فالكل مستهدف على قاعدة أن الاحتلال ينظر إلى شعبنا هناك على أساس أنه قنبلة ديمغرافية يجب اقتلاعها بكل الطرق والوسائل مشروعة أو غير مشروعة، وهم ينظرون إليه أيضاً على أنه الكابوس الذي يؤرق مضاجعهم ويشكل خطرا جديا على يهودية دولتهم، ويريدون أن يصحوا ليجدوا أن شعبنا قد ابتلعه البحر.

صحيح أن المعركة والهجمة على شعبنا في كل تجمعاته ومكوناته شرسة وشاملة، ولكن المعركة الأشرس والهجمة الشاملة والأوسع، هي التي يواجها شعبنا الفلسطيني في الداخل، حيث أن كل الإجراءات والممارسات المستهدفة أسرلة وتهويد شعبنا وطرده لم يكتب لها النجاح، حيث أثبت شعبنا أن لديه الكثير من الطاقات والمخزون النضالي للصمود والمقاومة.

ان النائبة حنين الزعبي، وكما قال بعض المشاركين في أسطول الحرية، هي بعشرة رجال، فهي فضحت وعرت حقيقة الرواية الإسرائيلية الزائفة،حول استخدام المتضامنين العزل للعصي والأسلحة البيضاء في تصديهم لقوات الاحتلال البحرية التي كانت تصب حمم نيرانها عليهم أثناء اقتحامها لسفينة مرمرة التركية، فكل التحية والتقدير لهذه النائبة المناضلة كعنوان عزة وعنفوان لهذا الشعب، ولتتجند كل القوى والمؤسسات واللجان فلسطينياً وعربياً ودولياً في الدفاع عن النائبة الزعبي في ظل ما تتعرض له من هجمة تحريض غير مسبوق، الهدف منها كسر إرادة شعبنا في الداخل وتحطيم معنوياته وتدجينه وتطويعه.

التعليقات