07/09/2010 - 12:14

ماذا بعد المفاوضات؟../ محمد جاد الله

ماذا بعد المفاوضات؟../ محمد جاد الله
كلنا يعرف كيف وصل المفاوض الفلسطيني إلى واشنطن. هذه المفاوضات ستفضي إلى أحد احتمالين؛ الأول: النجاح، بمعنى أن يوقع الطرف الفلسطيني على معاهدة سلام دائمة مع إسرائيل. الثاني: الفشل، بمعنى أن لا يوقع الطرف الفلسطيني.

لا نريد الخوض في ماهية وأسباب النجاح أو في ماهية وأسباب الفشل، فهذا أو ذاك سيكون وراءنا عندما يحدث النجاح أو يقع الفشل. ما نريده هو التدقيق فيما سيطلق عليه تعبير النجاح أو تعبير الفشل.

دعونا نقول ابتداءً إن النجاح مطلوب أمريكياَ، لأسباب داخلية تتعلق بالانتخابات والصراع على مقاعد الكونغرس، ولأسباب تتعلق بالإقليم، وليس المقصود في ذلك العراق أو أفغانستان ولا حتى إيران، بل سوريا وحزب الله. أما إسرائيل، فتكتفي بمجرد انعقاد المفاوضات ولا يهمها كثيراَ نجاحها، حتى لو كانت بشروطها، فليس هناك ما أو مَنْ يقلق راحتها، لا بل إن عدم التوصل إلى اتفاق يزيد من شعبية نتنياهو ويحفظ له ائتلافه الحكومي.

وفلسطينياَ :النجاح هو منطقة رمادية بين منزلتين أو عدة منازل، يستطيع الطرف الفلسطيني أن يدعي عدم التنازل أو عدم التفريط بالثوابت أمام شعبه، ليكون همه الأول هو دفع اللوم عنه، وبراءته في تقديم كافة عناصر إنجاح المفاوضات، والمحافظة على "النقاوة" كي لا تتوقف تدفقات الدعم المالي. أما "قصة الثبات على الثوابت" فلن تكون عنصراَ من عناصر إنجاح المفاوضات، لأنها ببساطة تصطدم بالثوابت الإسرائيلية التي تدعمها الولايات المتحدة بدون تحفظ أو مواربة.

نتنياهو أعلن مواقفه بكل وضوح وصراحة وصرامة، ووضع شروطه أمام العالم، ويحمل تفويضاَ من حكومته، وإسناداَ من شعبه، والسذاجة فقط يمكن أن توحي لصاحبها إمكانية تخفيض السقف الذي حدده، بل إن أعضاء
في حكومته يطالبونه بالعودة و/ أو رفع سقف مطالبه أو تحديد إطار المفاوضات في الأمن والاقتصاد كما أوضح بالأمس وزير خارجيته ليبرمان.

أما المفاوض الفلسطيني فيقف في حالة عدم توازن وخروج من الزمن وفقدان للبصيرة، لا تؤهله لعرض ثباته على الثوابت. فاللعبة الوحيدة في واشنطن وعلى طاولة المفاوضات هي شروط وإملاءات نتنياهو فقط. والمفاوضات
الحقيقية ستكون بالتأكيد بين شروط نتنياهو وشروط نتنياهو نفسه فقط.

ويكون دور"الوسيط الأميركي" هو ليس جسر الهوة بين شروط نتنياهو وثوابت المفاوض الفلسطيني، بل الطلب من نتنياهو إرجاء بعض شروطه، وعدم الإعلان عنها الآن، أو إبقاؤها مخفية و / أو تضمينها في اتفاقيات سرية.

أما والحال غالباَ ما يكون كذلك، ماذا يتبقى للمفاوض الفلسطيني؟ إذا ثبت على ثوابته، سيُطرد، وبخاصة أن باراك أوباما حذّر الرئيس عباس من طرف ليس خفياَ تماماَ، أنه - أي عباس - لا يستطيع أن يكرر ما ينسب إلى عرفات في كامب ديفيد سنة 2000 وإذا لم يثبت، فإن عليه أن يسوّق الاتفاق ويبيعه إلى شعبه، وهذه مسألة عويصة. لأنها تعني من بين ما تعني أن يجري استفتاء على هذا الاتفاق /معاهدة السلام مع إسرائيل.

وإذا صدقنا، وجرى الاستفتاء، فهل يعقل أن تقبل أمريكا وإسرائيل نتائجه إذا جاءت مخالفة لما أُبرم في واشنطن؟ وبخاصة، إذا تذكرنا رفضهما لنتائج الانتخابات الأكثر شفافية ونزاهة عام 2006؟ أم أن تزوير إرادة الشعب جاهزة؟ وأن الاتفاق سيفرض بالقوة، فأدوات البطش جاهزة وقد تلمسنا في الأيام القليلة الفائتة بعض ملامحها ومعالمها.عندئذ، لا سمح الله، يصبح الصراع فلسطينياَ فلسطينياَ خالصاَ وبامتياز. حيث يكون الاتفاق، أو على الأصح، تكون الولايات المتحدة وإسرائيل قد أفلحتا في تغيير مسار وطبيعة الصراع، من كونه بين شعب أرضه محتلة ومستعمِر يحتل أرضه، إلى صراع داخلي.

الولايات المتحدة تخرج مزهوة منتشية، وإسرائيل تكافأ على عدوانها وحروبها واحتلالاتها خلال مئة عام، وتحقق انتصاراَ لم تحققه ولم تحلم به من قبل.

التعليقات