31/10/2010 - 11:02

مطلوب رئيس جمعية فلسطينية بالبرازيل/ جادالله صفا

-

 مطلوب رئيس جمعية فلسطينية بالبرازيل/ جادالله صفا
العنوان ليس غريبا ولن يكون تجنيا على احدا، وانما سيتطرق هذا العنوان الى واقع مؤلم جدا للحالة التي وصلت اليها المؤسسات الفلسطينية والجالية الفلسطينية وقواها السياسية، ولنضع امام القاريء صورة هذا الواقع الذي هو اساسا ياتي انعكاسا للحالة الفلسطينية العامة والمؤلمة، وحالة الانقسام والتشرذم التي تعيشها الساحة الفلسطينية التي تركت سلبيات على تجمعات شعبنا، والحالة المزرية التي تمر بها منظمة التحرير الفلسطينية والتي ساهمت بتهميش وتغييب والغاء لدور شعبنا الفلسطيني وتجمعاته.

الانتصار لن يكون عفويا، ولن ياتي الا من خلال التنظيم والتعبئة والبرنامج السليم القادر على ادارة المعركة والمواجهة مع الكيان الصهيوني وحلفائه، وقيادة الجماهير بنضالتها اليومية والمتواصلة للدفاع عن هويتها وكرامتها وانتمائها الوطني والقومي، فالانجازات والدفاع عنها والحفاظ عليها هي من اولى اهتمامات الطلائع بالجالية الفلسطينية بعيدا عن الحسابات الشخصية والفئوية والذاتية والحزبية.

لا يمكن ان يكون شعبنا الفلسطيني قادر على الانتصار والانتقال الى الدولة، دون الحفاظ والدفاع عن الانجازات التي حققها شعبنا، وعلى راسها المؤسسات التمثيلية وصولا الى منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه المهمة لا تقع على عاتق فرد او فريق او فصيل وانما مهمة وطنية تقع على عاتق كل من يناضل من اجل فلسطين وصولا الى تحقيق كل الحقوق الشرعية والتاريخة والوطنية، وعلى راسها حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة

الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية بالبرازيل عقدت مؤتمرها الاول ببداية الثمانينات، وشكلت هذه الخطوة نقلة نوعية ساهمت بانخراط الجالية الفلسطينية بالعملية السياسية والنضالية الى جانب كافة تجمعات شعبنا الفلسطيني بكافة اماكن تواجده مع التاكيد على وحدانية وشرعية التمثيل للشعب الفلسطيني، وما تمر به المؤسسات الفلسطيني بالبرازيل اليوم، هي بالواقع مأساة بكل ما بالكلمة من معنى.

رغم حالة الجمود التي مرت بها المؤسسات الفلسطينية بعد اوسلو، وحالة الشلل التي جاءت امتدادا وانعكاسا للوضع العام الفلسطيني، الا ان الانتفاضة الفلسطينية اعادت روح الحياة الى هذه الجالية ومؤسساتها، وعقدت الجاليات مؤتمراتها وانتخبت هيئات قيادية للجمعيات الفلسطينية، وبغض النظر عن اي ملاحظات قد تسجل على مسلكيات او سلبيات لاحقة، الا ان المبادرة الى تفعيل المؤسسات من حيث المبدأ كانت بادرة جيدة وايجابية، والتطورات على الساحة الفلسطينية بشكل عام سواء من احداث غزة، وما سبق ذلك ولحق من اخفاقات بالساحة الفلسطينية، ونظرا لغياب كادر فلسطيني قادر على المساهمة بايجاد حلولا عملية لاعادة بث الحياة بالمؤسسات الفلسطينية، فهذا ادى الى مزيد من حالة الشلل والجمود بهذه المؤسسات.

الهيئات الادارية للمؤسسات الفلسطينية تنتخب مرة كل عامين، وقد تمت اعادة واجراء انتخابات جديدة عام 2006 ، والتي تبعها عقد المؤتمر التاسع للمؤسسات الفلسطينية، وكانت تلك الانتخابات قد اعادت التجديد للعديد من الهيئات الادارية او انتخاب هيئات جديدة، وجمعياتنا ومؤسساتنا الفلسطينية التي عادت لها روح الحياة خلال الفترة الماضية، ادت جزءا من دورها واقامت العديد منها نشاطات تضامنية واجتماعية، وما زال العديد منها يصيبها حالة شلل وجمود، وهذا ما يتطلب وقفة جادة ومسؤولة تتجاوز المواقف الانانية والمصالح الضيقة لتفعيليها واعادة بث روح الحياة لها.

والواقع الاكثر تعقيدا الذي تعيشه المؤسسات اليوم هو صعوبة ان تجد فردا من الجالية الفلسطينية يوافق على ترشيح نفسه لخوض انتخابات او ان يكون رئيسا او مجموعة توافق ان تكون هيئة ادارية، وهذا حصيلة سلبيات مرحلة سابقة ووضع فلسطيني عام ناتج عن اخفاقات فلسطينية بالسياسة العامة الفلسطينية، والامر الاكثر مؤلما ايضا ان تجد بالبرازيل مؤسسة فلسطينية لها رئيسا لمدة 19 عاما تبحث عن اعضاء.

فهذه المسؤولية لا تقع على عاتق رئيس الجمعية فقط، بمقدار ما يتحمل مسؤوليتها العديد من افراد بالجالية الفلسطينية التي لها مكانتها واحترامها وعلاقاتها ودورها الوطني والجماهيري، كما تقع هذه المسؤولية على عاتق التيارات الوطنية والسفارة الفلسطينية وقيادة الفيدرالية، التي مجتمعه عندها امكانبة تجاوز هذه الازمة رغم كل تعقيداتها، فلا يجوز ان نحصر التفعيل والتنشيط واعادة بث الحياة الى هذه المؤسسات من مفاهيم ضيقة او حسابات شخصية، فواضح جدا ان هناك العديد من الجمعيات لا تجد افرادا يرغبون بترشيح انفسهم لرئاسة الجمعية كردة فعل على الوضع الفلسطيني العام، والى الحالة الفلسطينية بالبرازيل، والهيئات الادارية الحالية رغم شللها وجمودها لا تبالي اطلاقا كأن لا شيء موجود، وهنا اعود لاكرر ما ذكرت اعلاه، بالفعل اذا عجزنا عن الحفاظ على مؤسساتنا الفلسطينية التمثيلية والجامعة، فهل بامكاننا ان نساهم ببناء دولة المؤسسات؟ فان عجزنا وفشل شعبنا وقياداتنا قبل عام 1948 من اقامة المؤسسات الفلسطينية التمثيلية والدفاع عنها والحفاظ عليها ادى الى ضياع فلسطين بتلك الفترة، ولم تعد لنا الهوية الا بعد بناء مؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني.

ومن هنا تاتي اهمية التاكيد على المؤسسة الفلسطينية الجامعة والتمثيلية، والتخلص من كافة المحاولات الرامية الى خلق مؤسسات مكانية او محلية لا تمثل الا اصحابها، تحاول فرض مفاهيم تتعارض والموقف الفلسطيني والاجماع الفلسطيني، ولا تعمل هذه التجمعات والحركات الا الى تعميق حالة الانشقاق والانقسام، ومزيدا من التراجع والسلبيات، فالتحريض يجب ان يكون باتجاه الجمعيات والمؤسسات وليس ضدها، ودعوة الناس للانضمام الى الجمعيات والمؤسسات وليس للابتعاد عنها، واحترام المؤسسات والدفاع عنها ان تكون من الاولويات، باعتبارها مؤسسات جالية دفعت جاليتنا ثمنا غالية من اجل بنائها، فللمواقف الوطنية المدافعة عن المؤسسات والداعية لحمايتها ومنعها من الانهيار تكن جماهيرنا كل احترام وتقدير، فتفعيل المؤسسات الفلسطينية على قاعدة القواسم المشتركة وعلى اساس وطني عام، هو المخرج الوحيد القادر على النهوض لتطوير الموقف الوطني العام، والقادر على اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، والقادر على تعزيز العلاقات مع القوى البرازيلية المناصرة والمتضامنة مع القضية الفلسطينية على قاعدة القواسم المشتركة، فهناك العديد من القوى البرازيلية غير مرتاحة للوضع العام للمؤسسات الفلسطينية وهي بالفعل تتالم كما نتالم، وتتمنى لنا بتجاوز الازمة لتعزيز التضامن وتطويره.

جادالله صفا
البرازيل



التعليقات