31/10/2010 - 11:02

آن أن تُقال.. للمناضلين!!/ ناصر السهلي

-

آن أن تُقال.. للمناضلين!!/  ناصر السهلي
عجيب كان المشهد الذي يُمعن فيه "المناضلون" على ذرف الدموع على حالة "القمع".. العربي وغير العربي.. المكبل للشعوب.. وهم يتحولون إلى جمهرة من "مناضلي الفرجة المجانية" على مأساة شعبهم و "ملهاة" السياسة العقيمة التي يفرضها القابضون على مقاليد المناصب..

فرجة مجانية؟!

وإلا ما معنى التباكي على "الصمت العربي والدولي" على حافة الانهيار المُظلم والمجوع.. للبسطاء في غزة.. غزة التي لم يبتلعها البحر حين تمنى لها من تمنى.. أليست في "البال"؟.. ولنسلم بكل التعويذات والسفسطائية والهرطقة التي يأتي عليها "المناضلون" عن ترك غزة في ظل هذه المأساة التي أُدخلت إليها.. فأين شموعكم ومشاعلكم التي انطفأت أو أُطفئت على الأقل.. بل أين مدامعكم التي أغرقتنا عن الحالة العربية الرسمية المانعة بين مناضليها وفلسطين..

مناضلي الفرجة المجانية، هم من الصنف الذي نعتنا به ذات يوم "مناضلي العواصم العربية".. الذين يرتجفون من خراطيم الماء المفرقة لجموعهم وارتعادهم من أن يُصاب واحدهم بطلقة جندي مغوار "يدافع عن كرامة الوطن".. الكرامة المُداسة يوميا ألف مرة..

هلوسة تصيبك وأنت ترقب هذا المشهد البليد.. يلوك شعاراته.. يكتب أشعاره.. ويلون لوحاته بألوان اللامبالاة في بيانات وندوات ووسائل إعلام الردح الصريح.. وما كانت فلسطين تستحق هذا النوع من النضال السمج والباحث عن حماية المؤخرات من ركلة شرطي لا يعرف لما يركل.. ما كانت فلسطين تستحق كل هذه الأجهزة القمعية التي باتت من غزة حتى جنين تكفي نصف العالم العربي لتزيد معاني القمع قمعا..
عفوا.. عن أي قمع أتحدث؟

أهو القمع الذاتي أيها الرفاق والاخوة.. أم قمع الراتب المنتهي في الأيام الأولى.. أم تنفيذ الاوامر بجاهلية عصرية تتعصب مغمضة العين وكأن التعويذة أكثر قداسة من روح البشر.. عند الرفاق تعويذات كما عند الاخوة.. لا فرق في الممارسة..

فرجة مجانية أقول.. فهي التي ينفض فيها المناضلون الغبار عن لباسهم الفاخر ويتأكدون من أن ربطات العنق في مكانها الصحيح والعطور رائحتها تصيب من تصيب عن بعد.. فرجة مجانية على مذبح البسطاء.. الكلمة لا شيئ.. كما الحجر بات لا شيئ.. كما الضمير صار إلى شيئ.. إنه زمن التشيؤ أيها البسطاء.. زمن ليس لكم وليس لنا..

إنه الزمن الذي تنزل فيه الهروات على رؤوس أصحاب القضية.. زمن المسخرة في قضية من أراد الخروج لأداء فريضة الحج، فيتحول إلى رهينة العقلية النضالية التي تتفرج على القمع المزدوج.. زمن البصاصين وكتبة التقارير وتهديد بحرق اليد وقطع اللسان.. والطرد إن أردتم..

لا أفهم مثلا كيف ولماذا يُقال لعميرة هاس بعد مراقبة لصيقة أن تغادر فورا قطاع غزة وهي التي ما إنفكت تكتب عن قمع جيش الاحتلال واذلاله الممنهج للشعب الفلسطيني.. من غير المفهوم أن يلف الصمت، إلا من بيانات تنتهي حيث تصاغ، حياة "الرفاق" و "الاخوة" فيصابوا ببكم اتهموا فيه دائما الكل إلا أنفسهم..

أما آن لكم أن تمتشقوا حريتكم؟
أما آن لنا نحن الذين راقبنا عن بعد وقرب كل تاريخكم "الثوري" ( حتى القداسة) أن نرى أفعالكم بعد أن فشلت نداءاتكم وثرثرتكم على ضفاف مآسي هذا الشعب البسيط.. وبالبساطة لا أعني، كما يظن بعضكم، "الهبل" ولا "الغباء".. بالبساطة أعني أن هذا الشعب الذي أخلص لقضيته العادلة من مخيم اللجوء إلى آخر بقعة وصلها فلسطيني على هذه الكرة الأرضية.. يتفاعل ويشارك بما استطاع.. لكنكم ما عدتم تدركون ما تفعلون بهذا الشعب.. ما عدتم تفهمون أي نوع من الاحباط زرعتم حتى عند مؤيدي هذه القضية العادلة...

أيها "الرفاق".. أيها "الاخوة".. هلوسة التسلط لن تفيدكم حين يتحول الاحباط إلى ما لا تتمنون.. وكل هذا الدرك الأسفل.. والسافل.. الذي وصلتم إليه في التخاطب سيرتد عليكم على أيدي البسطاء الذين تستغفلون وتغرقون في التلاعب بمشاعره وهمومه ومآسيه..

لا مشكلة أن نعترف بأننا نتحدث إلى نماذج دب الخوف في قلوبها.. وتملك منها الجبن أمام مشهد دموي لا يمكن السكوت عليه.. لا مشكلة أن نقول لأصحاب النظريات.. اليسارية والتواكلية.. بأن فلسطين لا تستحق أن يقودها جموع الخائفين على امتيازات المناصب وبالردح إكثار المؤيدين.. لأنه وباختصار قرف أصاب جنبات عقولنا من هذا المشهد السخيف.. السخيف بكل تفاصيله..

آن أن تُقال لكم.. أنتم الذين يحيط بكم الاحتلال.. ويجتاحكم.. لم تعفيكم مناصبكم ولا سياراتكم المصفحة حين يقف جندي روسي او بولندي من جنود الاحتلال ليمارس تعاليم الاذلال عليكم.. فما بالكم بالشهداء والاسرى والبسطاء الذين يعيشون في سجون ومنعزلات..

آن أن تقال لكم... ما عاد هذا الشعب يحتاج إلى تنظيراتكم ولا مدامعكم ولا لروائحكم الطيبة.. آن لكم أن تنزعوا بعضا من الكبرياء الفارغ أمام عظمة أطفال يموتون من غير أن يفهموا معنى "فتح" أو "حماس".. آن لكم أنتم الذين تتفرجون فرجة مجانية أن تفهموا بأن "الاستهبال" لم يعد له وجود.. وأن من أراد أن يكون رياديا.. لا يمكنه ذلك بكؤوس الشاي وفناجين القهوة وفذلكة وتنظيرات وتحليلات وفلسفات وسفسطائية لا يفهمها نصف المرتشفين لما يرتشفوه حتى آخر الليل..

آن أن تقال لكم.. آن أن تصلكم.. من واحد من هؤلاء البسطاء الذين أصابهم قرف التشظي... المسمى إنقساما..

آن أن تُقال لكم...


التعليقات