31/10/2010 - 11:02

أجندة شارون ونصف الكأس/ د.محمود محارب

أجندة شارون  ونصف الكأس/ د.محمود محارب
قبل عام أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارا واضحا وحاسما أكدت فيه أن جدار الفصل ليس قانونيا وعلى إسرائيل هدمه وإزالته، وكذلك دفع تعويضات للفلسطينيين الذين تضرروا منه.

رغم هذا القرار، استمرت إسرائيل في بناء جدار الفصل ضاربة بعرض الحائط قرارات المحكمة الدولية وموقف المجتمع الدولي من هذه القضية. وإمعانا في تحديها لقرار المحكمة والمجتمع الدولي اختارت حكومة إسرائيل الذكرى السنوية الأولى لقرار المحكمة الدولية واتخذت قرارات ترسم مسار جدار الفصل في القدس المحتلة وتعجل العمل للانتهاء من بناء جدار الفصل في محافظة القدس المحتلة قبل بداية أيلول القادم، أي أثناء تسليط الأضواء على الانسحاب من داخل قطاع غزة.

هناك أسئلة ملحة تطرح نفسها بدون استئذان في قضية جدار الفصل وكيفية التصدي له. ألم يكن بالامكان كسب المعركة ضد بناء جدار الفصل ووقفه؟ هل بذلت الحركة الوطنية الفلسطينية-السلطة والتنظيمات والفعاليات السياسية- أقصى جهودها للتصدي لبناء الجدار؟

ألم يكن بالامكان حشد الشعب الفلسطيني والدول العربية والمجتمع الدولي ضد بناء جدار الفصل وضد الاستيطان، وتدفيع إسرائيل ثمنا باهظا يرغمها على وقف بناء جدار الفصل ووقف الاستيطان؟

تبقى هذه الاسئلة مطروحة وبحاجة إلى اجوبة.

في سياق سعيهم لوقف النضال الوطني الفلسطيني ضد جدار الفصل والاستيطان، كثيرا ما يتساءل الإسرائيليون بخبث معهود، بات ممجوجا، لماذا لا ينظر الفلسطينيون إلى "نصف الكأس المليان" وينظرون، عوضا عن ذلك، إلى "نصف الكأس الفارغ" ؟

وعندما طرح شارون خطة فك الارتباط من جانب واحد، والقاضية بالانسحاب من داخل قطاع غزة وتعزيز الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة والضفة الفلسطينية والاستمرار في بناء جدار الفصل، طالب أصحاب "مقولة نصف الكأس" أن ينظر الفلسطينيون إلى "نصف الكأس المليان"، ويقصدون بذلك الانسحاب من داخل قطاع غزة.

وعندما يجتر الاسرائيلي مقولة "نصف الكأس" فانه يهدف إلى خداع الفلسطيني والعرب عموما والحصول منهم على تنازلات مجانية.

والغريب أن بعض العرب ونفر من الفلسطينيين أيضا، ما أن يسمعوا مقولة "نصف الكأس" حتى يسكرون ويفقدون اتزانهم! والمصيبة انه لا يوجد نصف كأس فارغ. فنصف الكأس الفارغ هذا مليء بتهويد القدس المحتلة وبجدار الفصل وب 105 "مستوطنات عشوائية" و"بكتل استيطانية" تتضخم وتتوسع كالسرطان في جسد الأرض الفلسطينية وبشق الطرق الاستيطانية وبمصادرة الاراضي وبحصار وبتجويع وبحواجز وبمقولة لا شريك فلسطيني الخ..

تفكيك الاحتلال من داخل قطاع غزة أمر هام لذلك هو "طعم" مغر، من وجهة نظر شارون، من اجل تعزيز و"تربيط" الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل في القدس والضفة.

هذه هي أجندة شارون. إنها ببساطة تفكيك الاحتلال والاستيطان من داخل قطاع غزة وتعزيزه و"تربيطه" في القدس والضفة. ومن الخطأ والخطر فهمها خلاف ذلك. وممنوع إن تتحول أجندته وكأنها أجندة فلسطينية، فهي ليست كذلك. ويتوجب وضع الانسحاب من قطاع غزة في حجمه السياسي الحقيقي وربطه دوما بالنضال الدؤوب والمستمر من اجل إزالة الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل من القدس والضفة. ومن أجل تحقيق ذلك لا مناص ولا بديل عن ترتيب الحركة الوطنية الفلسطينية في اطار يحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووضع استراتيجية فلسطينية موحدة، تحدد بوضوح الهدف الوطني الفلسطيني ووسائل النضال ووتيرته. عندها بالامكان حشد الشعب الفلسطيني والدول العربية، على ضعفها، والمجتمع الدولي لدعم الاجندة الفلسطينية وتحريرها من أجندة شارون.

التعليقات