31/10/2010 - 11:02

أسئلة مشروعة../ محمد محاسنة *

أسئلة مشروعة../ محمد محاسنة *
بعد كل ما رافق اتخاذ قرار إجراء الانتخابات المحلية وإلغائه فيما بعد وما بينهما من أحداث وتفاعلات وحوارات ونجاحات وإخفاقات، والتي كشف العديد من القضايا والخبايا والأمور، وجد الجمهور الفلسطيني في الأحياء والخرب والقرى والمدن وحيثما هناك موطئ قدم وفكر متقدم ورسالة تحد وإقدام له، وجد نفسه أمام العديد من التساؤلات، والتي منها ما يختزل في ذاكرته إجابة مسبقة لها، ومنها ما بقي حائر وراء أسوار المجهول أو اللا معقول، ومنها ما تَفتح الإجابة على إحداها أسئلة أخرى عديدة لن تجد لها مجيباً حتى في أساطير العرافات وحكايات الأطفال والمنجمين، ومما يجول في خاطر وفكر كل ما عاش وتعايش مع المرحلة الأخيرة ما يرزح بين سطور العقل والكلمات مما يأتي ونبدأ بصدد قرار التأجيل:-

• فهل يعد قرار مجلس وزراء حكومة الأمر الواقع في الضفة والذي حضره على عجالة وفي اجتماع طارئ سبعة وزراء فقط ولمدة 12 دقيقة كافٍ لطمس وإلغاء أو تأجيل لا محدود للعملية الديمقراطية مهما كانت الذرائع التي ساقها علينا، ثم ما هي الذريعة الأقوى والأكثر أهمية من حرية وكرامة وخيار وتعبير الإنسان والجماهير الفلسطينية وقول كلمتها في شؤون حياتها اليومية.

• إذا كانت فتح تدعي مراراً أنها صاحبة القرار المستقل ولا ترتهن بقراراتها للقوى والضغوط الدولية والإقليمية، فلماذا وهي صاحبة مؤسسة السلطة الحاكمة تقبل هذه المرة لما أسموه تدخل وضغوط عربية وإقليمية لتعليق موضوع التأجيل على شماعة الجامعة العربية وزيارة عمر موسى لغزة ولضغوط تركية لم تحدث أصلاً، ثم منذ متى وفتح تنزل عند رغبات وطروحات حماس والتي لم تحصل أصلاً كما علمنا.


• إذا كانت فتح تصف حماس بأنها صاحبة الإمارة الظلامية التي ترتهن بقوى إقليمية، وأن قراراتها لم ولن تخدم المصالح الفلسطينية يوماً، لماذا تدعي فتح اليوم أن التأجيل جاء لخدمة المصالحة مع حماس، مع العلم أن حماس ترى في عدم القدرة على تنفيذ قرار إجراء الانتخابات نجاح لرؤيتها بالمقاطعة وعجز عن إجراء وتنفيذ قرارات جامعة حتى في الضفة التي تسيطر عليها فتح بدونها، مع أنها لو جرت لعزت حجم المقاطعة التي دعت إليها لنفسها، خاصة أن الحصن الأخير لفتح في الضفة الفلسطينية قد تخسره حسب المعطيات والقراءات والمراقبة للعملية وحجم الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها فتح أثناء الإعداد لتشكيل قوائمها وهو ما يعترف به قادتها.

• إذاً ، أين هو دور المجلس المركزي الذي أقر إجراء الانتخابات من تأجيلها، أم أن هذا المجلس لا يلعب إلا الدور المطلوب منه دون الخروج عن النسق المعهود له في الآونة الأخيرة.


• هل حقاً أن الجبهة الشعبية ومن معها من قوى اليسار الفلسطيني استطاعت أن تشكل حالة أضفت تشكل خطراً فاضحاً على كينونة حركة فتح ومكانتها، جعلها لم تجد لنفسها مفراً أو مخرجاً في اللحظات الأخيرة من وصول العملية الديمقراطية للمرحلة المفصلية، إلا الهروب والتعلق بحبل المصالحة مع خصمها التاريخي والذي اقتلعها بقوة النار والدم من القطاع.

• ما دام قرار إجراء الانتخابات قد صدر عن المجلس المركزي بإجماع حركة فتح التي تسيطر على مؤسسات المنظمة، وتنفذ القرار حكومة الأمر الواقع ووزارة الحكم المحلي والداخلية والتربية والتعليم ومن معها من مؤسسات الإعلام والتلفزيون الرسمي التابعة لها، ومراراً تدعي أنها حامية الديمقراطية والمشروع الوطني، إذاً، لماذا كل هذه المضايقات والتهديدات والمتابعات الأمينة واستهداف المرشحين والناشطين للقوائم المنافسة، ثم ألا تعكس هذه الممارسات الضعف وعدم الثقة في النتائج والمستقبل، وألا تعبر هذه الممارسات عن الخوف من النتائج وخاصة أنها تصدر من حركة تدعي أنها أم الجماهير وصاحبة القاعدة الأوسع والأكثر انتشارا.

• ألم تُصنف الانتخابات المحلية أنها بعيدة عن السياسة، ثم لماذا تُتخذ قرارات سياسية بإلغائها بادعاء بوجود ضغوط سياسية عربية وإقليمية، ثم هل كانت حماس محقة عندما قالت أنها تريد لجنة انتخابات محايدة، ولماذا لم تخرج لجنة الانتخابات بموقف جريء تقول بصراحة ما هو دورها ورأيها في عملية التأجيل التعسفي.

• حل حقيقةًَ أن فتح قد شكلت قوائمها وكانت جاهزة لخوض العملية الديمقراطية، وضامنة لنتائجها التي تتوخاها، ولكنها بكل مثالية وروح عالية قدمت المصلحة الوطنية على مصالحها الشخصية، وقدرت ترك الفرصة لتحقيق المصالحة التي نتمنى تحقيقها في أسرع فرصة وهو ما لا نلمس له بوادر في الأفق وللأسف الشديد جداً والشديد جدًا.

• كيف يمكن أن يفسر المواطن الفلسطيني إدعاء حركة فتح والتي قالت إنها كانت جاهزة لخوض الانتخابات، قولها أنها تفاجأت بقرار التأجيل، في الوقت الذي جاء فيه طلب التأجيل على عجالة من رئيس حركة فتح محمود عباس ممن توفر بالسرعة الممكنة من وزراء حكومته والذي بعضهم أعضاء في اللجنة المركزية وأبرزهم ماهرغنيم ومحمد إشتية.

• إذا كانت السلطة بقيادتها ترغب بالمصالحة ورفع الحصار، فلماذا لا يبادر محمود عباس باعتباره رئيس كل الشعب الفلسطيني بزيارة القطاع الذي يضم أكثر من مليون وربع فلسطيني لمحاولة الوصول لحل، حيث لا يمكن أن يأتي كل الناشطين والسياسيين من كل أصقاع الأرض ويضحوا بأرواحهم من أجل تخفيف وكسر الحصار عن شعبنا في غزة بينما، لا نتذكر معاناتهم إلا لاستخدام شماعة الانقسام لإخفاء إخفاقاتنا.

• هل تعتقد حكومة فياض التي تسير الأمور بالأمر الواقع في الضفة أنها تخاطب شعباً ساذجاً إلى هذا الحد كي تسوق عليه مبررات بهذه السذاجة، خاصة أن شعبنا عاش وعايش تطورات المرحلة وهو شاهد على تفصيلاتها أينما وجد.

• إذا كانت حركة فتح والتي أخذت قرار التأجيل الإلغائي على لسان الحكومة لم تقو على حسم الشارع بوجود الجبهة الشعبية وبعض التيارات اليسارية والتي تصفها دائما بتنظيمات الكسور العشرية، فمن تحاول أن تقنع اليوم أنها ترغب بالمصالحة قبل تنفيذ الانتخابات للتأسيس لمشاركة الجهاد وحماس والتي فازت بالانتخابات السياسية بأغلبية ساحقة في وقت كانت فتح في وضع أفضل مما هي عليه اليوم أضعاف مضاعفة.

• إذا كنتم جادين فيما تدعون بغرض المصالحة، فلماذا استنفذتم كل الطاقات بمحاولة تشكيل قوائم توافقية تلغي الانتخابات قبل حدوثها عبر قوائم منظمة التحرير المقترحة من أعلى هرم قيادي، ومن ثم الاستعانة بالبعد االعشائري والقبلية لتجنيب أكبر قدر من المواقع خوض العملية الديمقراطية، وإذا لم يكن هذا صحيحا فلماذا خرج قياديو فتح للتفاخر بوصول بعض المناطق العشوائية وضعيفة السكان لخيارات توافقية عائلية وتنظيمية وكأنها نصر عظيم.

• هل يمكن لبعض الكتل اليسارية والديمقراطية التي لحقت بركب فتح والخيارات التوافقية الإلغائية لخيار الشعب وحقه في اختيار ممثليه أن تقنع أحدا في المستقبل أنها ممكن أن تشكل تياراً ديمقراطياً حراً يمكن أن يخوض المواجهة في مقدمة الجماهير ويقدم تضحيات في سبيل تحصيل حقوقها الوطنية وانتزاعها من المتسلطين على القرار في ظل تسابقها على فتات المحاصصة التوافقية؟

• هل حقاً باتت منظمة التحرير ديكورا لتمرير المراسيم والقرارات والتي لم يثبت أنها تسهم بالشكل الملموس في تحسين حياة وظروف أبناء شعبنا خاصة أنه يعيش حياة انقسام وشرذمة واستبداد وتوسع صهيوني واضح على الأرض، وإذا كانت كذلك فما فائدة بقائها بهذه الصورة ولمصلحة من يتمسك البعض بإبقائها على هذا الحال، ولماذا لا نتخذ موقفاً حاسماًً يجدد فاعليتها ويحسن أداءها، أو نرفع الغطاء عن طريقة عملها الحالية.

• إذاً فقد سُلب دور الشارع في قول كلمته في التغيير في العملية الديمقراطية، إلا أن شكلاً مهماً جداً من أشكال التغيير قد تحقق، وهو إضعاف أسباب الإضطهاد والإستعلاء والترهيب والترغيب والتهديد، وفعلا قد يكون شكل من أشكال الشرق الأوسط الجديد الذي بَشرت به أمريكيا على لسان رئيسها البائد” بوش” قد تحقق في الأرض الفلسطينية ولكن ليس بالمقاييس الذي أرادها وحلفاؤه وإنما على العكس تماماً، إنجلت الصورة وتكشفت الحقائق، وولد إنسان فلسطيني أكثر قوة وشجاعة وقدرة على مواجهة التحديات، وهو ما يؤسس للانتصار الأشمل والأعم والقادم حتمية وجودنا وبقائنا عل هذه الأرض، سيدة الأرض، والتي عليها وفوقها ما يستحق الحياة.

التعليقات