31/10/2010 - 11:02

إحتقان بأسرع مما نتصور../هاشم حمدان

-

إحتقان بأسرع مما نتصور../هاشم حمدان

ربما استبشر بعض منا خيراً بإقتراب الإنسحاب من غزة، إلا أنه وكما يبدو كان هناك من لا يحب أن يسمع ما من شأنه أن يعكر لحظات الإحساس الطاؤوسي بتحقيق شيء ما على الأرض، أي شيء، بعد مسيرة الآلام الطويلة الدامية...وهناك من لم يشأ أن يقلل من الأمر على إعتبار أنه إنجاز، وما دام الأمر في حدود الإنجاز فلم لا يكون عظيماً!.. وهناك من رغب في تحقيق أحلام مفرطة الذاتية والأناقة ولذا فهو بأمس الحاجة إلى التهدئة!!.. وهناك من كان بحاجة إلى تضميد جراحه.. وهناك من يحتاج التهدئة لإعادة حساباته .. وهناك من كان بحاجة إلى أوراق سياسية ..وهناك..

ربما لم يحب كثيرون سماع أن الإنسحاب من غزة سيكون على حساب الضفة الغربية وربما لم تكن الإشارة صريحة بما فيه الكفاية إلى أن ذلك سيشمل القدس، بمعنى أن هناك خطة مبيتة جديدة وقديمة لتوسيع الأستيطان وإزالة عروبة القدس وإبقائها عاصمة لإسرائيل ودفن الحلم الفلسطيني باستعادتها، تحريرها، إلى الأبد!!

لم يكن شارون أبداً رجل سلام وقطعاً لن يكون، إلا أنه يتضح، بالأحرى يسارع شارون، شاء أم لم يشأ، إلى التوضيح، بأنه لم يتغير وله أسبابه، ومنها "أمن بيته الداخلي" لإقناعه أن "التنازلات المؤلمة" هي في الواقع ليست مؤلمة وهي أيضاً ليست تنازلات!! وهذه رسالته إلى الواقفين على "يمينه"، وفي الوقت نفسه بالإمكان تسميتها "تنازلات مؤلمة" للواقفين على يساره المتلذذين بمناصبهم لإنقاذهم من الإفلاس والسقوط ، وللإستفادة من حرصهم على عدم سقوط الحكومة الذي يعني الذهاب نحو الإنتخابات بكل ما يحمل ذلك من إصطفافات جديدة ومزاحمات على المقاعد في داخل الحزب الواحد وخاصة أولئك الذين "خفّت موازينهم"!.. ومنها أيضاً لدفع السلطة الفلسطينية إلى الإعتراف بهزيمة "المشروع" الفلسطيني والتخلي عن الإنصات لصوت الشرعية الدولية البعيد ..البعيد ..والتوقف عن ترديد قراراتها "التاريخية" التي ملّت سماعها دول الشرعية وملّ صداها ترديدها! ومن ثم الدخول في المفاوضات مع إسرائيل من موقعها في ميزان القوى العسكري، وبالتالي لتسير في "الطريق" الذي يفضي إليها موقعها المذكور وصولاً إلى ما ستسميه إسرائيل والمجتمع الدولي دولة مؤقتة، والتي لن تكون إلا مجموعة محافظات محاصرة، مقطعة الأوصال، وعالقة في دوامة "التوقيت" والأروقة الدولية!!.. وربما سيسمح لها شارون بإقامة علاقات وئام وتوأمة وما إلى ذلك مع شتى بقاع الأرض، جزر فيجي مثلاً، للتسلي بإنجازات تزف للشارع الفلسطيني وللأسرى والجرحى وأسر الشهداء كإنجازات عظيمة في مسيرة "إجتراح" إنجازات مستمرة لا تتوقف حفاظاً على التهدئة! وفيما عدا ذلك فهي ستحاسب كدولة وتكون عرضة لعقوبات الأمم المتحدة والمقاطعة الدولية والمارينز!!...

ويزداد الأفق الفلسطيني قتامة مع إرتفاع صوت التنازل عن حق العودة و"دفن" قضية اللاجئين في مواقع اللجوء، والتطبيع والدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل من قبل بعض الأنظمة التي وقعت بين المطرقة الأمريكية وبين سندان شعوبها فالتفتت إلى المطرقة واستخفت بالسندان..

لقد مل الفلسطيني ألاعيب أهل السياسة والإعلام والإستعراض، وهذه الصورة السوداوية ستولد حالة إحتقان أسرع بكثير مما نتصور وستولد إنفجارأً أقوى بكثير مما نتخيل!! والفلسطيني المتمزق قلبه بين فلسطين والعراق وتتناوب عيناه السهر على لبنان وسورية، لن يسمح أبداً بتساقط فلسطين، الحلم هذه المرة، حجراً حجراً في مرحلة تطلب منه أن يصمت و"يتهدأ" وأن يستعد لفرح موهوم في صورة الفرح الموعود!!..

 

التعليقات