31/10/2010 - 11:02

اتهامات وتوثيق ما تم إنجازه../ مصطفى إبراهيم*

اتهامات وتوثيق ما تم إنجازه../ مصطفى إبراهيم*
"في وقت من الأوقات سيكون من المهم توثيق كل ما تم إنجازه في المفاوضات"، هذا ما توصلت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس والإدارة الأمريكية. ومسؤولون في السلطة الفلسطينية لم يخفوا رغبتهم في إقناع رايس بتوثيق التقدم الذي أحرز في المفاوضات مع إسرائيل قبل رفع تقريرها إلى الإدارة الأمريكية الجديدة عن عملية السلام.

هذا ما توصلت إليه رايس. والمشهد الفلسطيني الداخلي يعبر عن الحال الذي وصل إليه الفلسطينيون، فـ"حماس" علقت مشاركتها في حوار القاهرة، ووضعت شروطها للذهاب والمشاركة في لقاء المصالحة الوطنية، وهي حضور الرئيس محمود عباس جلسات الحوار، وإطلاق معتقليها من سجون السلطة في رام الله، وأن تأخذ مصر بالاعتبار تحفظات الحركة عن الوثيقة المصرية، وان تقبل بإدخال تعديلات عليها.

ودخلت الساحة الفلسطينية في جدل وتبادل للاتهامات حول وجود معتقلين سياسيين من حركة "حماس" في سجون السلطة، حيث يصر الرئيس محمود عباس على أنه لا يوجد لدى السلطة معتقلون سياسيون، حيث قال: "إن المعتقلين القابعين في السجون هم على خلفيات جنائية "مالية أو استحواذهم على أسلحة غير شرعية".

سبق ذلك تسريبات إعلامية وجس نبض من طرفي النزاع قبل التوجه للحوار في القاهرة، فقد تحدثت بعض وسائل الإعلام عن نية "حماس" وحكومتها المقالة في غزة منع حركة "فتح" من إحياء ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات، واحتجزت لساعات عددا من قيادات حركة "فتح" في مدينة رفح، ومنعتهم من عقد اجتماع في منزل أحد النواب، وعلى الرغم من قيام الحكومة المقالة بإطلاق المعتقلين السياسيين لديها من قيادات حركة "فتح" من سجونها في خطوة لإغلاق ملف الاعتقال السياسي كما ذكر أكثر من مسؤول في "حماس"، وخطوة لإشاعة أجواء من التفاؤل قبل الحوار.

في المقابل انتظرت حركة "حماس" أن تقوم السلطة والرئيس عباس بإطلاق المعتقلين السياسيين من أعضاء الحركة، إلا أن ذلك لم يحدث ولم تتقدم السلطة بأي خطوة مماثلة، وهي مستمرة في اعتقال أعضاء "حماس"، وأنكرت وجود معتقلين سياسيين من "حماس"، وجاء الرد على لسان الرئيس عباس، بأن المعتقلين في السجون هم معتقلون جنائيون.

ولم تقتصر التسريبات على طرفي النزاع "فتح" و"حماس"، فالجدل ما يزال قائماً في الساحة الفلسطينية من الاتهامات المتبادلة إلى إمكان عدم عقد لقاء المصالحة ومدى نجاحه في إنهاء الانقسام، فقد حذر نائب الأمين العام "لحركة الجهاد الإسلامي" زياد النخالة من عدم الإفراط في التفاؤل حيث قال: "على الرغم من أن التفاؤل مطلوب بشأن نجاح الحوار إلا أنه يجب توقع عثرات وعراقيل تعيق لقاءات المصالحة، وهناك عقبات تسبق الحوار"، وأضاف مشككاً في عقد لقاء المصالحة والحوار عندما قال: "وأثناء اللقاء، إذا عقد، يجب أن يتوقع الناس ظهور خلافات في الحوار لا يمكن أن نتوقع حلولاً سحرية".

وتحدثت بعض وسائل الإعلام عن عدم مشاركة الأمين العام "لحركة الجهاد الإسلامي"، ونائبه جلسات الحوار إذا لم يحضر الرئيس عباس وخالد مشعل جلسات الحوار، وأعلن زياد النخالة أن حركة الجهاد الإسلامي لن تشارك في الحوار إذا لم تحضر حماس.

الاتهامات والتسريبات سوف تستمر، وطرفا النزاع كلُ يوجه الدفة كما يريد وما يخدم مصالحه وتوجهه السياسي، والحوار إن عقد فلن يتوصل المتحاورون إلى حلول سحرية للخروج من حال الانقسام وإنهائه، فإعلان الرئيس عباس عن عدم وجود معتقلين سياسيين تصعيد خطير في الساحة الفلسطينية، وإلا ما ذا يعني وجود أكثر من مائتي معتقل من حماس في سجون السلطة الفلسطينية، والبيانات والتصريحات الصحافية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان تؤكد على وجود عدد كبير من المعتقلين السياسيين في سجون السلطة.

من حق "حماس" أن تطالب بالإفراج عن معتقليها السياسيين، ويجب تبيض السجون من المعتقلين السياسيين وإنهاء هذا الملف الذي يسيء للفلسطينيين ونضالهم وقضيتهم، لكنه يترتب عليها الذهاب للحوار، وطرح موقفها من خلال الكل الفلسطيني الذي يدين الاعتقال السياسي ويستنكره.

وعلى الرئيس عباس الذي سيحضر الجلسة الافتتاحية للحوار فقط، وهو عاقد العزم على حضور اجتماع اللجنة الرباعية المنعقد في الوقت ذاته للحوار الفلسطيني في شرم الشيخ، عليه أن يقرر حضور جلسات الحوار الفلسطيني المهم جداً، وتفوق أهمية حضور اجتماع شرم الشيخ الذي سيؤكد على ضرورة التزام السلطة بخارطة الطريق، ومحاربة الإرهاب، في وقت يتوجب على الرئيس عباس التخلي عن أوهام خارطة الطريق الذي لم تجلب للفلسطينيين إلا الفرقة والانقسام وتغول الاحتلال ضدهم.

فالتحديات أمام الفلسطينيين كبيرة ولن تنفع تصريحات رايس وإداراتها المنصرفة التي تخلت عن وعد الدولة إلى التعهد بالعمل على قيامها وصولا إلى توثيق إلى ما تم إنجازه في المفاوضات، وفقاً لعملية أنابوليس، الذي لم تجلب للفلسطينيين شيئا.

من الواضح أن الفلسطينيين لن يكونوا على مستوى المسؤولية وإفشال المشاريع الإسرائيلية والالتفاف على قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحل القضية الفلسطينية، من عودة اللاجئين، وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، وقضية القدس، والأسرى والمياه، والبدء من جديد وبناء إستراتيجية وطنية مقاومة تعزز من وحدتهم وصمودهم.

فعلى الفلسطينيين أن يدركوا أن أولمرت وبوش المنتهيين سيزيدان من أزماتهم، وسيعززان الفرقة والشرذمة في صفوفهم من دون الأخذ في الاعتبار المصالح العليا للشعب الفلسطيني، فالحل الحقيقي لديهم يأتي من خلال وحدتهم السياسية والجغرافية، والعودة للثوابت الوطنية وبناء جسور الثقة بين أبناء الشعب الواحد بدلاً من الاستمرار في تعميق الانقسام بينهم لان إسرائيل غير جدية في التوصل إلى حل جدي.

التعليقات