31/10/2010 - 11:02

ازدواجية التعامل والتفريق بين الضفة والقطاع../ أحمد الحيلة*

ازدواجية التعامل والتفريق بين الضفة والقطاع../ أحمد الحيلة*
أعلنت السلطة الفلسطينية في رام الله (25/2) عن البدء بتزويد محافظة أريحا في الضفة الغربية بالكهرباء من محطات توليد أردنية، وذلك في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي مع الأردن.

جاء الإعلان عن هذه الخطوة الإيجابية متزامناً مع نشاط جماهيري حاشد في قطاع غزة، بتشكيل سلسلة بشرية من الأطفال والنساء، واصلين بين معبر رفح المغلق جنوباً، ومعبر بيت حانون "ايريز" المغلق شمالاً، للمطالبة برفع الحصار عن غزة التي ما زالت تعاني من عتمة الليل، وانقطاع التيار الكهربائي عنها نتيجة تقليص الاحتلال لإمدادات الطاقة بشكل مستمر ومضطرد يوماً بعد يوم.

أمام هذا الواقع المرير الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع، وخاصة في مجال الاحتياجات الإنسانية والخدمات..، وإن بشكل متفاوت، أسوؤه وأقساه في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من ثمانية أشهر، يثور في النفس السؤال التالي:

لماذا يعتبر ـ بعض المسؤولين الفلسطينيين والعرب ـ تزويد الضفة الغربية (محافظة أريحا) بالكهرباء من الأردن، شكلاً من أشكال التعاون الاقتصادي بين الأشقاء في فلسطين والأردن، بينما يعتبرون تزويد قطاع غزة بالكهرباء والطاقة من مصر شكلاً من أشكال الفصل والانقسام والتهديد لوحدة المصير والمسار بين الضفة والقطاع،ويعتبرون ذلك خطوة ستعفي الاحتلال من المسؤولية السياسية والقانونية، بعد إلقائها (أي المسؤولية) على كاهل مصر الشقيقة، ويعتبرون ذلك خطوة تهدد "اتفاقيات السلام" الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وخاصة اتفاقية باريس الاقتصادية (بروتوكول باريس 1994)، واتفاقية معبر رفح المنتهية الصلاحية منذ أيار/ مايو 2007؟!!

ومع عدم تأييدنا وعدم إيماننا بما يساق من ذرائع مسيّسة..، فإننا نتساءل أيضاً:
لماذا ما أمكن توفيره لمحافظة أريحا من إمدادات بالطاقة، لا يمكن توفيره لغزة التي يدّعي الاحتلال بأنه انسحب منها كسلطة احتلال؟! أليست الضفة وغزة وجهان لعملة فلسطينية واحدة؟!
أم أنها ازدواجية التعامل السياسي، والتفريق بين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا؟!
أم أنها سياسة تسعى لتوظيف حاجات الشعب الفلسطيني الإنسانية، لإرغام حركة حماس على التسليم بشروط الرباعية (الاعتراف بالاحتلال ـ الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة ـ نبذ المقاومة)، بدلاً عن الشراكة والوحدة الوطنية..؟!

إنها لجريمة، أن يُسكت عن الحصار الذي أوصل الفقر في قطاع غزة لنحو 80% عندما تحول ما يقارب المليون والمائة ألف فلسطيني من أصل مليون ونصف المليون إلى متلقين للمساعدات الغذائية الدولية، والذي أدى إلى وفاة أكثر من مائة فلسطيني مريض منع من العلاج..

إننا نقف أمام صمت عربي ـ فلسطيني رسمي مريب حول ما يجري من إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة..، صمت يثير الكثير من علامات الاستفهام والريبة..، لأن المنطق يقودنا إلى أنه طالما المفاوضات غير ذي جدوى، وأن الاحتلال يوظفها لكسب المزيد من الوقت لفرض المزيد من الوقائع الاستيطانية على الأرض وخاصة في القدس..، ـ وهذا بالمناسبة ما عبر عنه بشكل أو بآخر أكثر من مسؤول فلسطيني (عباس، فياض، قريع..) ـ ، فإنه أصبح لزاماً على المفاوض الفلسطيني والرئيس عباس أن يتحلى بالمسؤولية بالإعلان عن وقف المفاوضات، والعودة إلى خيار المقاومة بكل أشكالها السلمية وغير السلمية، لإجبار الاحتلال على الانصياع للإرادة الفلسطينية الساعية إلى التحرر..

أما إذا كان الرئيس عباس لا يؤمن بجدوى المقاومة، فله أن يعلن عن حل السلطة، وحينها يجدي القول بأن على الاحتلال أن يتحمل كامل المسؤولية، أما أن نبقى ندور في حلقة مفرغة من المفاوضات العبثية واللامتناهية، مع تمسكنا باتفاقيات خانقة لشعبنا الفلسطيني، ومدمرة له ولإمكاناته الاقتصادية والمعيشية كالتمسك باتفاقية معبر رفح المنتهية الصلاحية، والتي تجعل من المعبر بوابة لسجن كبير مفتاحه بيد الاحتلال، فضلاً عن التمسك ببروتوكول باريس الذي يجعل من الاقتصاد الفلسطيني الهش رهينة وتابعاً للاحتلال.. فهذا أمر لا يقبله عقل ولا يطيقه بشر، وهو بذاته الذي سيؤسس لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني التي انطلقت شرارتها في 23 كانون الثاني 2008 عندما انتفض الشعب الفلسطيني في غزة ضد الحصار، وأعلن عن إرادته في الحياة عبر اجتياز الحدود مع مصر الشقيقة التي احتضنته بعمقها العربي والإنساني..، وهذا ما قد يتكرر مرة ومرة وفي أكثر من اتجاه إذا استمر الحصار.

التعليقات