31/10/2010 - 11:02

الأجندة الحقيقية وراء " تقرير ميليس"...؟ / نواف الزرو

الأجندة الحقيقية وراء
وفق كم لا حصر له من الوثائق والشهادات والاعترافات الاسرائيلية والامريكية وغيرها فان تلك الاجندة الخفية التي وقفت حينئذ وراء اغتيال الحريري هي ذاتها التي تقف اليوم وراء "تقرير ميليس" الذي كما هو واضح سخن الملف السوري الى اعلى درجات في هذه المرحلة ..كما نقل هذا الملف بسرعة مذهلة الى "مستوى التدويل وجلسات عاجلة جدا لمجلس الامن الدولي" وفق الاجندة الأمريكية – الاسرائيلية المبيتة ضد سوريا.

والاجندة الحقيقية التي تقف وراء التقرير هي في الصميم والجوهر والتداعيات اجندة اسرائيلية من الفها الى يائها حتى لو كانت الايادي المنفذة لاغتيال الرئيس الحريري اياد عربية.

يفيدنا كثيرا في هذا السياق ان نقرأ ثانية وثالثة ودائما وابدا الاستراتيجية والاجندة والخطط والخطوات والنوايا الاسرائيلية الخاصة بالامة والدول العربية، وبفلسطين والعراق وسوريا ولبنان على نحو حصري، ويهمنا دائما وابدا التوقف امام متابعة التوجهات والنظار والاصابع السياسية والاستخبارية الاسرائيلية ايضا.

فبالاصل وبهدف تصعيد وتأجيج الحملات الاعلامية والسياسية والدبلوماسية التحريضية العدوانية لتهيئة المناخات الاقليمية والدولية ضد سوريا كما حدث مع العراق قبيل العدوان والغزو، أعدت " اسرائيل " مشروع مواجهتها مع سوريا منذ زمن طويل، ويتكثف هذا المشروع في لائحة تحريضية تضمنت اتهامات وخططاً نفذت " إسرائيل " بالفعل بعضها في السنوات الاخيرة منذ بدء واشنطن ما يوصف بحربها على " الارهاب "، وقد اعدت تلك اللائحة بعناية، ونفذتها "إسرائيل" بدعم من اصدقائها في واشنطن، الرسميين وغير الرسميين، وأبرز ملامحها - التي كنا نشرنا اخطر ما فيها في مقالات سابقة- :-

" - الاسراع بطرح وتنفيذ خطة لدفع الادارة الامريكية نحو ادراج سوريا على قائمة " محور الشر " على حد وصف الرئيس جورج بوش، وذلك " فور التخلص من نظام صدام حسين " ولعل ما اعلنته كونداليزا رايس يوم الخميس الماضي 2005/10/20 من "ان الادارة الامريكية ملتزمة بتغيير الطبيعة الشريرة في الشرق الاوسط "يشرح لنا النوايا الامريكية / الاسرائيلية في هذا الصدد.

- فتح " ملف سوريا في مجال حقوق الانسان " واعداد " سجلاتها " في هذا الشأن مع الاعتماد على منظمات دولية و"الاصدقاء " في وسائل الاعلام والكونجرس لتكثيف مطالباتهم بمناقشة هذا السجل، بما في ذلك " سجل " نظام الرئيس الراحل حافظ الاسد على مدى سنوات حكمه، مع تذكير العالم بوقائع كثيرة، مثل احداث حماة وغيرها.

- محاولة الدفع بعمليات البحث الإستخبارية حول زعم محاولة سوريا الحصول على تكنولوجيا تستخدم للتصنيع النووي والكيماوي، مع اتهام سوريا بانها اكثر الدول العربية تقدماً في مجال التسلح الكيماوي.

- فتح ملف ما يسمى بـ"احتلال سوريا للبنان" مع تشجيع عناصر لبنانية داخل لبنان وخارجها ( في اوروبا والولايات المتحدة ) لإطلاق حملة تستهدف رفع سوريا يدها عن لبنان وهذا ما تم .

- محاصرة سوريا اقتصادياً بالتركيز على ضرب اهم مصادرها المالية بهدف اضعاف الحكومة واعداد الشارع السوري نفسياً بعد ان يعايش ازمة اقتصادية طاحنة للترحيب بالتحرر من الحكم القائم حين يأتي الوقت المناسب .

- تكثيف حملات تتهم سوريا كحكومة بتشجيع العداء للغرب والولايات المتحدة على الاخص، ومعاداة السامية .

- تكثيف التوجه نحو تبني واشنطن لقناعة مفادها ان سوريا دولة " داعمة للارهاب" وتمثل خطراً على المصالح الامريكية، ويجب ادراجها على قائمة الدول المستهدفة امريكيا مع ابراز تعاونها مع منظمات تسميها " ارهابية "، وتقديم سوريا كدولة " مصدرة للارهاب " الى العراق و " اسرائيل ".

- تأجيج الحملات التحريضية ضد سوريا وفقا لهذه اللائحة المبيتة وصولا الى الهدف الكبير : التغيير في سوريا- بما يتساوق تماما مع الاجندة الاسرائيلية ومشروع "اعادة تشكيل الشرق الاوسط "-نشرت اللائحة الاسرائيلية كاملة بتاريخ 2003/10/13 على موقع الخليج الالكتروني نقلا عن مصادر امريكية -.


في مخططات ونوايا التغيير نقرأ احدث التصريحات الاسرائيلية بعبارات مكثفة هنا وهي غيض من فيض هائل من التصريحات والمواقف الاسرائيلية الاخيرة في هذا السياق:

- اعلن سلفان شالوم وزير الخارجية الاسائيلي يوم 2005/10 /14 :ان مصلحة العالم اجمع في تغيير النظام السوري".

-وقال نائب رئس الوزراء الاسرائيلي بيرس يوم 2005/10/21: ان"ثمة حاجة لاجراء تغييرات في سورية " داعيا الولايات المتحدة وفرنسا الى تحمل مسؤوليتهما في ضوء تقرير ميليس.

-كما دعا رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست الاسرائيلي يوفال شطاينتس الى "تغيير النظام السوري " لان "استبدال سلالة الاسد هو مصلحة امريكية –اسرائيلية ".

- وكان رئيس الاستخبارات الاسرائيلية الجنرال اهارون فركش قد اعلن مبكرا في يديعوت يوم 2005/6/24 :ان كرسي الرئيس الاسد اخذ يهتز وان النظام السوري –اللبناني بدا يتفكك ".

-وكان سلفان شالوم قد" دعا المجتمع الدولي الى عزل سوريا منذ 2003/3/1"

وبينما كان الباحث المستشرق الاسرائيلي المعروف "غاي بيخور "قد استخلص – في رسالة موجهة للادارتين الامريكية والاسرائيلية "ان الرئيس الاسد اصبح اليوم العامل الذي يقوض استقرار الشرق الاوسط وان سورية ضالعة في الارهاب السني في العراق وتتدخل في العلاقة الاسرائيلية –الفلسطينية "، قال البروفسور الاسرائيلي "ايل زيسر"من جامعة تل ابيب: "رغم ان جميع الخيوط تقود الى دمشق الا انه من الصعب التفكير بان السوريين هم الذين يقفون وراء اغتيال الحريري " و "رغم ذلك –يضيف زيسر –"في جميع الاحوال فان سوريا هي التي ستدفع ثمن الاغتيال رغم انها في الواقع لا تقف وراءه ".

اعتقد ان هذه الخلاصة المكثفة الاخيرة للبروفسور الاسرائيلي انما تضع لنا خطوطاً مشددة جدا..جدا تحت تلك الاجندة الخفية اولا وراء اغتيال الحريري ...ثم تحت الاجندة الحقيقية ثانيا وراء "تقرير ميليس ".

كان باتريك سيل قد أكد في واحدة من أهم مقالاته حول التهديدات الامريكية – الإسرائيلية لسوريا : " لا شك ان إسرائيل سعيدة جداً، اذ ترى القوات الاميركية تسيطر على العراق من خلال المستقبل المنظور، ذلك ان مجرد حضورها يشكل ضغطاً قوياًً على سورية، وتأمل إسرائيل في كسر المحور السوري – الايراني وحرمان " حزب الله" في لبنان وتنظيمات المقاومة الفلسطينية مثل " حماس" و" الجهاد الاسلامي" من الدعم الذي تحصل عليه من قبل هاتين الدولتين".

ويضيف :" ومن المهم ان ندرك بان شارون وصحبه من المتطرفين، تدعمهم شلة الاصدقاء الاقوياء في ادارة بوش، قد رفضوا أي حل للنزاع العربي – الإسرائيلي قائم على مبدأ الأرض مقابل السلام وعلى المصالحة، انهم يؤمنون بالقوة وبالاجتياح والهيمنة، فآمالهم هي في ان تكون امبراطورية إسرائيل الصغيرة مزدهرة تحت مظلة امبراطورية اميركا الشاملة ".

ولذلك وعلى هذه الأرضية والاهداف : فـ" ما كادت الحرب ضد العراق تنتهي، وعلى رغم عدم استتباب الأمن في هذا البلد البائس، حتى اصبحت سورية فجأة هدفاً لحملة سيكولوجية عنيفة وتهديدات صريحة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل معاً، وقد جرى نبش كل الاتهامات الممجوجة القديمة، اضافة الى اتهامات جديدة بان سورية ترعى الارهاب وانها دولة مارقة تتبنى المجموعات الفلسطينية المتطرفة التي تعارض السلام مع إسرائيل، وبان لديها اسلحة دمار شامل وبان قواتها في لبنان هي قوات احتلال، وبانها سمحت لبعض شخصيات نظام صدام حسين باللجوء الى سوريا وبانها ارسلت رجالاً وسلاحاً لمقاومة القوات الامريكية في العراق، وبان اسلحة الدمار الشامل العراقية جرى تهريبها الى سورية الى اخر ما هنالك من اتهمات."

لقد افصح جنرال اسرائيلي عن " هدف إسرائيل" العاجل في لقاء نشرته مجلة " ديفنز نيوز" الامريكية حيث اكد :" ان إسرائيل تدرس عملية اسقاط نظام حكم الرئيس الأسد في سوريا .. ونحن ندرس كيف يمكن تحقيق هذا الهدف باستخدام الحد الأدنى من القوة"، لتتدحرج حملة التصعيد العدواني الاسرائيلي ضد سوريا الى الاعلان صراحة عن ان الحرب على سوريا ...والتغيير السياسي فيها مسألة وقت فقط...؟!!! .

اذن ... في الخلاصة الكبيرة المستندة الى ذلك الكم الكبير من الوثائق والخرائط والحملات الاعلامية المكشوفة، فان استهداف سوريا مسألة قديمة – جديدة متجددة، موثقة وواضحة وصريحة وسافرة، وان العدوان الشامل عليها انما هو مسألة وقت ايضاً، وان الدولة الصهيونية تدفع الادارة الامريكية بقوة في هذا الاتجاه، وقد تقوم تلك الدولة بتنفيذ المهمة بنفسها، وان سوريا باتت اليوم اكثر من أي وقت مضى تحت مكبس التهديدات والاجتياحات الحربية والضغوطات الابتزازية الامريكية – الصهيونية المشتركة.

فكيف يا ترى يستعد العرب لمواجهة هذه التهديدات الاستراتيجية الراهنة والقادمة ضد سوريا وغيرها ...؟‍‍‍‍‍‍

وكيف تستعد سوريا نفسها لمواجهتها ..فجل التقديرات الاستراتيجية تجمع على انها حتمية وقادمة ضدها ...؟‍

ثم الا تستدعى هذه التهديدات المحدقة بسوريا والأمة خريطة طريق عربية عاجلة جداً .. جداً ... ؟‍‍‍




عمان

التعليقات