31/10/2010 - 11:02

التهدئة.. وأزمة المعابر../ أحمد الحيلة*

التهدئة.. وأزمة المعابر../ أحمد الحيلة*
لوحظ خلال الأسبوعين الماضيين من عمر التهدئة، أن المعابر الستة لقطاع غزة لم تعمل بالشكل المطلوب أو المتفق عليه في التهدئة المتبادلة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية؛ فالمعابر الخمسة المشتركة مع الاحتلال لم تعمل بكامل طاقتها، بل حتى عملها الجزئي هو دون الحد الأدنى المطلوب لمد القطاع باحتياجاته اليومية، وذلك نتيجة إغلاق الاحتلال لتلك المعابر بشكل متكرر بحجج وذرائع شكك بها الطرف الفلسطيني، ومنها ادعاء الاحتلال سقوط قذيفة صاروخية قرب إحدى المستوطنات يومي الخميس (3/7)، والثلاثاء (1/7) الأمر الذي يمكن أن يتكرر من طرف الاحتلال في الأيام القادمة دون شاهد على الرواية أو ضامن لالتزام الاحتلال بالتهدئة..

بالتوازي أو بالتقاطع مع ذلك، ما زال معبر رفح مع مصر مغلقاً، وعندما قامت السلطات المصرية بالإعلان عن فتحه لثلاثة أيام فقط للمرضى وللحالات الإنسانية (1- 3/7)، شهد اليوم الأول عبور نحو 120 شخصاً ( منهم 50 فلسطينياً معظم من المرضى، إضافة إلى 70 من حملة الجنسية المصرية العالقين في غزة)، مع العلم أن المعبر مجهز بطاقة وقدرة تستوعب آلاف المسافرين يومياً..، وفي اليوم الثاني اضطرت الشرطة الفلسطينية لإغلاق المعبر بعد الظهر، نتيجة تدفق المسافرين واقتحامهم للبوابة الفلسطينية ـ بعد طول انتظار ـ باتجاه البوابة المصرية، احتجاجاً من المسافرين على عدم إدخال سلطة المعابر المصرية لأي منهم بدون إبداء الأسباب..، رغم سريان الإعلان من الجانب المصري بأن المعبر يعمل لليوم الثاني على التوالي..!!

استمرار معاناة الفلسطينيين في غزة، بسبب الإجراءات الإسرائيلية على المعابر، وبسبب استمرار إغلاق معبر رفح على الجانب المصري، رغم سريان التهدئة، يقودنا إلى الاستخلاص أو الاستنتاج بأن هذه الإجراءات قد ترمي إلى تحقيق عدة مآرب أو أهداف، نذكر منها على سبيل المثال:

• أولاً: السعي إلى تقزيم إنجازات التهدئة في نظر الفلسطينيين، وخلق حالة من الإحباط واليأس لديهم بعد الأمل الذي راودهم برفع الحصار، وبالتالي حرمان المقاومة من الاحتفاء بالتهدئة كإنجاز وطني..

• ثانياً: القول بأن الأمور ما زالت بيد الصهاينة (نحن هنا)، وهذه عقدة من الصعب على الاحتلال التخلص منها، لأنه غير قادر لحد الآن على التسليم بقدرة المقاومة أو الفلسطينيين على انتزاع حقوقهم رغم أنفه، في الوقت الذي يرفض فيه الاعتراف بحقوق الفلسطينيين..، وهذه معركة في الوعي، لا يمكن تغييرها إلا بمزيد من الضربات الموجعة على رأس الاحتلال، حتى يدرك بأن الزمان قد تغير وأن هناك قوة كامنة في الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تهزم.

• ثالثاً: وهو الأهم، أن ما يجري من خلق أزمات متتالية حول المعابر، ليس بعيداً عن صفقة الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي جلعاد شاليط. فالمعابر تستخدم كأداة للضغط على حماس والمقاومة الفلسطينية من أجل دفعها للتخفيف من شروط الصفقة، والقبول بالمعايير الإسرائيلية حول من يطلق سراحه من الأسرى الفلسطينيين.

• رابعاً: تهيئة الأجواء قبل الشروع في الحوار الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس ـ إن كتب لذلك النجاح ـ لصالح طرف على طرف؛ فمن المعلوم أن المعابر وخاصة معبر رفح هو احد نقاط الخلاف الرئيسية بين الرئاسة في رام الله وحكومة غزة، والمطلوب من الأخيرة، التسليم برؤية رام الله والقاهرة لإدارة المعبر، وإلا فإنه سيبقى عبئاً عليها، بخلق المزيد من الضغط الشعبي المتضرر من إغلاق المعبر، الذي لا يوجد أي مبرر أخلاقي أو قانوني لإغلاقه، سوى أنها السياسة..

إذا كانت التهدئة تخترق إسرائيلياً وبشكل متكرر، في الوقت الذي تملك فيه المقاومة في غزة ورقة الجندي الأسير، فما الذي يمكن أن يحصل إذا أفرجت المقاومة عنه في صفقة، فهل سيحترم الاحتلال التهدئة، أم يعتبرها اتفاقية قد استنفدت أهميتها وأهدافها؟ صحيح أن التهدئة مصلحة إسرائيلية، ولكن الصحيح أيضاً أنها مصلحة اضطرارية خلقتها معطيات ظرفية. وبالنظر إلى طبيعة الاحتلال الناقض لوعوده، الفاقد للمصداقية..، فليس مستبعداً أن يعمد بعد التخلص من أزمة الجندي الأسير جلعاد شاليط، إلى وضع المزيد من العراقيل على المعابر بذريعة هنا أو هناك..

ولذلك، فإن قرار حركة حماس (4/7) تعليق المفاوضات حول الجندي الأسير جلعاد شاليط، لحين التزام إسرائيل بشروط التهدئة، خطوة بالاتجاه الصحيح. فالمقاومة مطالبة بالحذر وعدم الاستعجال في عقد صفقة الأسرى قبل حصولها على ضمانات تضمن التزام الاحتلال بشروط التهدئة وبرفع الحصار، وتضمن فتح معبر رفح. كما على المقاومة أيضاً أن تعد نفسها لما هو أسواً، لأنها قد تجد نفسها مضطرة لتذكير الاحتلال بأنها ما زالت قادرة على المس بأمنه، إذا هو أصر على المس بأمن المواطنين الفلسطينيين..

التعليقات